هل يفعلها الإيرانيون وينقلبون على الرئيس الجديد المتشدد أحمدي نجاد؟ هل باتت ايران على بوابة ثورة جديدة تعيد إلى الأذهان الصورة الكربونية لثورة الخميني ضد الشاه؟ هل هناك فعلاً في أجندة نجاد سعي إلى تصدير الثورة لاقامة ولاية الفقيه، وتعميم الثورة الخمينية التي يعرفها بعض الإيرانيين بأنها ظاهرة دينية تاريخية تهدف إلى تحرير الجماهير ومحاربة الفقر؟ هل تقود إيران منطقة الشرق الأوسط والعالم الى زلزال من المحيط إلى المحيط بأعلى درجات مقياس ريختر؟ هل أصبحنا على أعتاب ثورة جديدة يمسك نجاد بزمامها في إيران، ويسعى عبدالعزيز الحكيم إلى ترسيخها في العراق، وتساندها جهات شيعية في مناطق مختلفة من دول المنطقة؟ ما يجري منذ تسلم أحمدي نجاد رئاسة ايران أخيراً هو مواجهة متجددة ومتصاعدة بين المحافظين والليبراليين، لذلك فهو يهم المنطقة برمتها وستكون له تأثيرات وانعكاسات سياسية واجتماعية ودينية منتظرة، ان لم نلمسها اليوم فسنعاني منها غداً. وحتى لو لم تمط إيران كامل اللثام عن ممتلكاتها النووية، فهي قوة عسكرية وبشرية كبيرة مقارنة بدول المنطقة، ونتذكر ان الخمينية حاولت في الثمانينات ان تصدّر مفهوم ثورتها إلى باقي الدول العربية بطرق مختلفة. لنعلم ان نجاد مبشر ديني وليس قائداً سياسياً، ولنعد إلى تصريحات له نشرتها الصحافة الإيرانية بعد توليه الرئاسة الإيرانية، ومنها قوله:"إن ثورة إسلامية جديدة حصلت بفضل دماء الشهداء، وثورة 1384 السنة الإيرانية الحالية]، والله سيرفع الظلم من العالم"، لافتاً إلى ان عصر القمع والحكم الاستبدادي والظلم يولي، وموجة الثورة الإسلامية [يقصد بالطبع الثورة الشيعية في إيران] ستشمل قريبًا العالم أجمع. ولنعلم أنه جاد في تنفيذ الأفكار التي جاء بها الخميني، ولم يسبقه إلى ذلك أحد من أئمة المذهب الإمامي، وتضمنها الدستور الإيراني: ولاية الفقيه، المستندة الى الاعتقاد بأن الفقيه يتمتع بولاية عامة وسلطة مطلقة على شؤون العباد والبلاد، باعتباره الوصي على شؤونهم في غيبة الإمام المنتظر... وهذا ما تؤكده شخصيات سياسية عراقية بشأن وجود تأثيرات إيرانية امتدت إلى الدستور العراقي، خصوصاً ما يتعلق بالدعوة إلى اعتبار المرجعية الدينية كياناً مستقلاً، وهو ما يمهد لولاية الفقيه. وهو ما يؤكده في الوقت نفسه، المرجع الشيعي آية الله البغدادي في حديث الى"الحياة"، بأن النجف باتت ساحة مفتوحة للاستخبارات والجاسوسية والمنظمات الدينية الإيرانية. أعتقد ان هاجس القلق الذي تعبّر عنه دول المنطقة، وأفصح عنه الأمير سعود الفيصل في واشنطن أخيراً، يلاقي شكوى العراقيين من التدخل الإيراني، خصوصاً في المحافظات المجاورة لها، وقد وصف الفيصل الوضع في العراق بأنه في"غاية الخطورة"، لكونه يعطي الانطباع ب"أن العراق يسير تدريجاً نحو التفكك"، مشيراً إلى ان"التدخل الإيراني يشمل دخول الأشخاص والأموال والأسلحة والحياة السياسية". بالتأكيد، لا تريد السعودية تأزيم المواقف بين بغدادوطهران، أو بين طهران ودول الخليج، أو بين طهرانوواشنطن، لكن ما قاله وزير خارجيتها هو التعبير الصريح عما يختلج في نفوس دول المنطقة، وعن المخاوف الحقيقية من النيات الإيرانية بتزايد النفوذ الاستخباراتي والدعم الخفي لبعض الجماعات الشيعية داخل العراق. وسواء اعترفت إيران أم لم تعترف، فهي تسعى جاهدة إلى بقاء العراق في حالة اللا استقرار لحماية أمنها الوطني، وتأخير بقاء القوات الأميركية لأطول مدة ممكنة. لكن ما علينا إلا تكرار ما قاله الرئيس العراقي جلال طالباني لسورية:"من حفر حفرة وقع فيها"... وإيران تحفر لنفسها، وستقع، والسبب تطبيق السياسة غير المتوازنة في بلد جار يئن من الجراح يومياً. ولا يشفيه إلا وقوع نجاد في قبضة ثورة جديدة، أو حفرة يقع فيها وهي"الملف النووي".