«تلال» تختتم مشاركتها في «سيتي سكيب الرياض» بتوقيع اتفاقيات إستراتيجية لتعزيز جودة الحياة في مشاريعها    نائب وزير الخارجية يستقبل السفير الأمريكي لدى المملكة    إحباط 3 محاولات لتهريب أكثر من 645 ألف حبة محظورة وكمية من مادة «الشبو»    الحكومة الرقمية تطلق كود المنصات توحيدا للهوية الرقمية    المملكة تدين القصف الإسرائيلي على مدرسة أبوعاصي في غزة    وزير الصحة: 10 % نموي سنوي لقطاع الأدوية بالمملكة    مشاركة عربية قياسية محتملة في أمم أفريقيا 2025 وغياب غانا والرأس الأخضر أبرز المفاجآت    أكثر من 6 ملايين عملية إلكترونية عبر «أبشر» في أكتوبر 2024    الهيئة العامة لمجلس الشورى تعقد اجتماعها الرابع من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة    شراكة إعلامية سعودية صينية تطلق برامج تنفيذية مع القطاعين العام والخاص    تدشين 3 عيادات تخصصية جديدة في مستشفى إرادة والصحة النفسية بالقصيم    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    مقتل المسؤول الإعلامي في حزب الله اللبناني محمد عفيف في قصف إسرائيلي على بيروت    رئيس مجلس الشورى يرأس وفد السعودية في الاجتماع البرلماني بدورته ال 29 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في باكو    انتظام اكثر من 389 ألف طالب وطالبة في مدراس تعليم جازان    "سعود الطبية" تستقبل 750 طفلاً خديجًا خلال 2024م    "وزارة السياحة": نسبة إشغال الفنادق في الرياض تجاوزت 95%    "دار وإعمار" تختتم مشاركتها في "سيتي سكيب جلوبال" بتوقيعها اتفاقياتٍ تمويليةٍ وسط إقبالٍ واسعٍ على جناحها    نمو سجلات الشركات 68% خلال 20 شهراً منذ سريان نظام الشركات الجديد    "المواصفات السعودية" تنظم غدًا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية (GCAT)    "الأرصاد"سماء صحو إلى غائمة على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    المكسيكي «زوردو» يوحّد ألقاب الملاكمة للوزن الثقيل المتوسط لWBO وWBA    شمال غزة يستقبل القوافل الإغاثية السعودية    «الطاقة»: السعودية تؤكد دعمها لمستقبل «المستدامة»    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    بيولي ينتظر الدوليين قبل موقعة القادسية    «إعلان جدة» لمقاومة الميكروبات: ترجمة الإرادة الدولية إلى خطوات قابلة للتنفيذ    5 فوائد صحية للزنجبيل    اختلاف التقييم في الأنظمة التعليمية    المتشدقون المتفيهقون    الإستشراق والنص الشرعي    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    أهم باب للسعادة والتوفيق    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    السخرية    المؤتمر العالمي الثالث للموهبة.. عقول مبدعة بلا حدود    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    اكتشاف تاريخ البراكين على القمر    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان الشراكة الإستراتيجية    تجاوز الدحيل القطري.. الخليج ينفرد بصدارة الثانية في «آسيوية اليد»    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    14% نموا في أعداد الحاويات الصادرة بالموانئ    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    ألوان الأرصفة ودلالاتها    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لعام 2005 : دخل أغنى 500 شخص في العالم يفوق دخل 416 مليون فقير
نشر في الحياة يوم 12 - 01 - 2007

أفاد تقرير التنمية البشرية لعام 2005 الصادر عن الامم المتحدة أن مساحة التنمية البشرية بين الناس والبلدان ما تزال موسومة بأنواع من اللامساواة العميقة والآخذة في الاتساع من حيث الدخل والفرص الحياتية. فخمس البشر يعيشون في بلدان يسهل لكثيرين فيها إنفاق دولارين يومياً على فنجان من القهوة، فيما يبقى خمس آخر من البشر على قيد الحياة بأقل من دولار واحد في اليوم.
وأوضح التقرير المكون من 372 صفحة، والذي سيوزعه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال ايام، أن العالم مع بداية القرن الحادي والعشرين يعيش في مجتمع منقسم، يمثل حجم الانقسام فيه تحديات أساسية للمجتمع البشري العالمي، جزء منها أخلاقي ومعنوي، لكن التقدم يتسم بالتعثر والتفاوت.
ومن بين أكثر أنواع اللامساواة الأساسية، التي يشخصها التقرير، تلك الفجوات في متوسط الأعمار المتوقعة، حيث فرصة عيش الإنسان في زامبيا اليوم لا تتجاوز 30 سنة وهي أقل مما كانت عليه لإنسان ولد في إنكلترا عام 1840.
والفجوة آخذة في الاتساع، بحسب التقرير، مع احتلال مرض الإيدز لب المشكلة. ففي أوروبا كانت الصدمة الديموغرافية الأفدح منذ تفشي"الطاعون الأسود"، تلك التي عانتها فرنسا إبان الحرب العالمية الأولى، حيث هبط متوسط العمر المتوقع إلى 16 سنة. وبالمقارنة، تواجه بتسوانا هبوطاً في هذا المتوسط يبلغ 31 سنة، بسبب مرض الإيدز.
جاء في تقرير التنمية البشرية لعام 2005 الصادر عن الامم المتحدة أن"ليس هناك مؤشر على التباعد بين الفرص المتاحة للتنمية البشرية أشد أسراً للإنتباه من وفيات الأطفال. فمعدلات الوفاة بين أطفال العالم تتراجع، لكن الاتجاه يتباطأ، فيما الفجوة بين البلدان الغنية والفقيرة تتعاظم. وهذا مجال تكلف فيه الاتجاهات المتباطئة أرواحاً، إذ لو استمر تقدم الثمانينات منذ 1990، لكان عدد وفيات الأطفال هذه السنة أقل بمليون ومائتي ألف. وتتحمل أفريقيا جنوب الصحراء نسبة متصاعدة من وفيات الطفولة، حيث تمثل المنطقة 20 في المئة من ولادات العالم و44 في المئة من وفيات أطفاله".
ويقدم التقرير صورة واضحة عن اتجاهات التوزيع في الدخل العالمي، والحجم الفعلي للامساواة. فمجموع الدخل لأغنى 500 إنسان في العالم يفوق دخل أفقر 416 مليوناً من أبنائه. ويعيش 2500 مليون إنسان - يشكلون 40 في المئة من سكان العالم - بأقل من دولارين في اليوم ولا يحققون سوى 5 في المئة من الدخل العالمي الشامل، في حين أن أغنى 10 في المئة، يعيشون بأجمعهم تقريباً في بلدان الدخل المرتفع، يحققون 54 في المئة.
ويرى التقرير"أن إنقاذ بليون إنسان يعيشون بأقل من دولار في اليوم من الفقر المدقع، يكلف 300 بليون دولار، وهو مبلغ يمثل واحداً وستة أعشار الواحد في المئة من دخل أغنى عشرة في المئة من سكان العالم".
هل أن مسار التنمية البشرية العالمية الراهن سيحقق الأهداف الإنمائية للألفية عام 2015؟ يجيب التقرير:"سيقتصر الهدف الإنمائي للألفية بتخفيض وفيات الأطفال عن بلوغ غايته بأربعة ملايين و400 ألف وفاة يمكن تفاديها في العام 2015 - وهو رقم يوازي ثلاثة أضعاف العدد الكلي لمن هم دون الخامسة من سكان طوكيو ولندن ونيويورك. وخلال الأعوام العشرة المقبلة، سيبلغ حجم الهوة بين الغاية المرجوة، والاتجاه الراهن أكثر من 41 مليون طفل، سيموتون قبل بلوغهم الخامسة من العمر، بسبب الفقر. وهذه حصيلة لا تنسجم مع تعهد إعلان الألفية بحماية أطفال العالم".
الفقر
أما الهوة القائمة بين مرمى الأهداف بتخفيض الفقر إلى النصف، وبين النتائج المقدرة بحلول سنة 2015، فتساوي 380 مليون إنسان آخر يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم. وستخطئ الاتجاهات الراهنة مرمى أهداف التنمية للألفية بتأمين التعليم الابتدائي للجميع، إذ سيبقى 47 مليون طفل خارج المدرسة بحلول سنة 2015.
ويقول التقرير"إن الفجوات في التنمية البشرية داخل البلدان صارخة مثلما هي عليه بين البلدان. وتعكس هذه الفجوات صورة الفرص اللامتساوية، حيث يمنع أناس من إحراز تقدم بسبب جنسهم، أو هويتهم، أو ثروتهم، أو مكانهم. وهي لا مساواة جائرة ومهدرة للطاقات اقتصادياً، ومزعزعة للاستقرار اجتماعياً".
غير أن للامساوة أبعاداً متشابكة. ففي البرازيل، حيث اللامساواة فاضحة، والدخل متوسط، يفوق معدل الأخير نظيره في فيتنام حيث اللامساواة منخفضة والدخل أقل بثلاث مرات. لكن مداخيل أفقر 10 في المئة من البرازيليين أدنى مما هي عليه عند نظرائهم الفيتناميين.
ولا تقتصر اللامساواة في الفرص الحياتية الأساسية على البلدان الفقيرة، إذ تعكس النتائج الصحية في الولايات المتحدة - أغنى بلد في العالم - صورة شتى أشكال اللامساواة الحادة القائمة على أساس الثروة والعرق. كما أن التفاوتات المناطقية داخل البلدان تكون مصدراً آخر للامساواة. فخطوط الصدع الحاصل في التنمية البشرية تفصل الأرياف عن المدن، والمناطق الفقيرة عن الغنية ضمن البلد الواحد. ففي بعض ولايات المكسيك، مثلاً، تضاهي معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة ما هي عليه في بلدان الدخل العالي، في حين أن هذه المعدلات بين صفوف النساء في مناطق ذات غالبية من السكان الأصليين الريفيين، ضمن ولايات حزام الفقر الجنوبية مثل غويرارو، توازي تقريباً معدلاتها في مالي.
المعونات الدولية: زيادة الكمية وتحسين النوعية
ويرى التقرير أن المعونات الدولية هي أحد أكثر الأسلحة فعالية في الحرب على الفاقة. غير أن هذا السلاح مستخدم اليوم أقل مما يجب، وموجه بطريقة غير فعالة. ويقول التقرير:"ينظر في البلدان الغنية إلى المعونة أحياناً بوصفها عملاً خيرياً باتجاه واحد، وهذه نظرة في غير محلها. ففي عالم من المخاطر والفرص المترابطة، تكون المعونة استثماراً إضافة إلى كونها واجباً أخلاقياً".
ويضيف:"عندما وقع إعلان الألفية، كان كأس مساعدات التنمية فارغاً إلى ثلاثة أرباعه، أما اليوم فيقترب من النصف، بعد مؤتمر مونتيراي حول التمويل للتنمية عام 2002 الذي سجل بداية انتعاش للمعونات.
فمنذ ذاك المؤتمر تزداد المعونات الحقيقية بنسبة 4 في المئة سنوياً، أو 12 بليون دولار بالسعر الثابت للدولار عام 2003. ويبلغ ما تنفقه البلدان الغنية بمجموعها على المعونة الآن 0.25 في المئة من إجمالي دخلها القومي - وهذه نسبة أقل مما كانت عليه عام 1990، غير أنها في اتجاه إلى الأعلى منذ 1997.
وما يشجع على نحو خاص، هو التزام الاتحاد الأوروبي بالوصول إلى عتبة 0.51 في المئة مع حلول العام 2010. ولكن، حتى لو تم تسليم الزيادات المرتقبة بأكملها، يبقى هناك نقص كبير في المعونة لتمويل الأهداف الإنمائية للألفية. وسيزداد هذا النقص من 46 بليون دولار في 2006 إلى 52 بليوناً في 2010".
تعترف البلدان الغنية علناً بأهمية المعونات،"غير أن أفعالها لا تضاهي أقوالها"، بحسب التقرير الذي يضيف أن مجموعة البلدان الصناعية الرئيسة الثمانية تضم ثلاثة بلدان - إيطاليا، والولايات المتحدة، واليابان - هي الأدنى بين 22 بلداً في لجنة المساعدات الإنمائية لمنظمة التعاون والإنماء الاقتصادي من حيث حصص الناتج القومي الإجمالي.
ويشير التقرير الى ان"منذ عام 1990 لم يفعل الازدهار المتزايد في البلدان الغنية أي شيء يذكر لزيادة نسبة المعونات، إذ ارتفع الدخل للفرد في البلدان الغنية إلى 6070 دولاراً، فيما انخفض العون للفرد دولاراً واحداً. وتوحي أرقام كهذه بأن الرابحين من العولمة لم يضعوا مساعدة الخاسرين موضع الأولوية".
ويضيف:"أن البلدان الغنية تخصص مقابل كل دولار تنفقه على المعونات عشرة دولارات أخرى للموازنات العسكرية، أي أن الزيادة وحدها في الإنفاق العسكري منذ عام ألفين، لو خصصت بدلاً من ذلك للمعونة، فهي تكفي للوصول إلى هدف الأمم المتحدة القديم بإنفاق 0.7 في المئة من إجمالي الدخل القومي على المعونات. أما الإنفاق الحالي على مكافحة مرض الإيدز، الذي يقتل ثلاثة ملايين إنسان في العام، يوازي الإنفاق العسكري خلال ثلاثة أيام".
ويثير التقرير سؤالاً عما إذا كان ممكناً تحمل تكاليف أهداف التنمية للألفية؟ ويجيب:"المسألة في نهاية الأمر، مسألة أولويات سياسية، والاستثمارات المطلوبة متواضعة بالنسبة إلى حجم الثروات في البلدان الغنية. فالبلايين السبعة، المطلوبة سنوياً طوال العقد المقبل لتزويد بليونين و600 مليون إنسان بفرص الحصول على مياه نظيفة، هي أقل مما ينفقه الأوروبيون على العطور، وأقل مما ينفقه الأميركيون على الجراحة التجميلية الاختيارية".
ويعالج التقرير"المعونة المقيدة"التي سماها بپ"إحدى أفظع إساءات الاستعمال لمساعدات التنمية"، معتبراً"أن ربط المساعدات الإنمائية بتوفير الإمدادات والخدمات من البلد المانح، بدلاً من السماح للبلدان المتلقية باستخدام السوق المفتوحة، يخفض تقييد المعونة قيمة مردودها". ويرى"أن تكاليف المعونات المقيدة لبلدان الدخل المنخفض تبلغ 5 الى 7 بلايين دولار، حيث تصل مثلاً"ضريبة المعونة المقيدة"، التي تدفعها دول أفريقيا جنوب الصحراء، إلى بليون و600 مليون دولار".
ويفيد التقرير أن"الشراكة الجديدة"في المعونات التي أسست خلال مؤتمر مونتيراي تبدو، على نحو مريب، كأنها صيغة منقحة للشراكة القديمة، حيث الخلل في التوازن مستمر في المسؤوليات والواجبات. فعلى البلدان المتلقية أن تحدد المواعيد المرتقبة لإنجاز الأهداف الإنمائية - وتفي بمرامي الموازنة التي يراقبها صندوق النقد الدولي كل ثلاثة شهور، وتتقيد بمجموعة مربكة من شروط الجهات المتبرعة، وتتعامل مع ممارسات المانحين التي ترفع تكلفة الصفقات وتخفض قيمة المعونات.
في المقابل، لا يضع المانحون أي مواقيت محددة لأنفسهم، بل يعرضون بدلاً من ذلك، التزامات عامة وغير ملزمة بكمية المعونات التي يتجاهلون معظمها لاحقاً، والتزامات حتى أكثر من ذلك عمومية وغموضاً بتحسين نوعية المعونة. ويمكن للمانحين، على نقيض المتلقين الإخلال بالتزاماتهم من دون التعرض لأي عقوبة.
ودعا التقرير لوضع صياغة جديدة لمساعدات التنمية من بينها وضع جدول زمني محدد لزيادة نسبة المعونة من إجمالي الدخل القومي إلى 0.7 في المئة بحلول عام 2015، على أن تلتزم الجهات المانحة في موازناتها بالوصول عام 2010 إلى تخصيص نسبة 0.5 في المئة كحد أدنى للتمكن من الوصول لهدف 2015.
النزاع العنفي كعائق في وجه التقدم
يرى التقرير أن القرن العشرين كان الأكثر دموية في تاريخ البشر، فقد عرف أولاً الحروب بين البلدان، ومن ثم المخاوف إبان الحرب الباردة من مجابهة عنيفة بين القوتين العظميين. غير أن هذه المخاوف تراجعت الآن أمام حروب محلية وإقليمية، يخاض غالبها في بلدان فقيرة تكون نظم الدولة فيها ضعيفة أو مخفقة، وبالأسلحة الخفيفة، معتبراً أن في العالم الآن نزاعات أقل مما كان في العام 1990، لكن نسبة هذه النزاعات الناشبة في بلدان فقيرة ازدادت عن السابق".
ويضيف:"أن الوفيات في جمهورية الكونغو الديموقراطية، المعزوة مباشرة أو مداورة إلى النزاع، تفوق مجموع خسائر بريطانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية معاً. ومن بين 32 بلداً في فئة بلدان"التنمية البشرية المنخفضة"، هناك 22 عانى كل منها نزاعاً في وقت ما منذ سنة 1990. ومن بين البلدان الاثنين والخمسين التي تشهد ارتداداً أو ركوداً في محاولاتها تخفيض وفيات الأطفال، ثمة 30 بلداً عانى النزاع منذ العام 1990".
وعلى رغم أن التقرير يعزو النزاع العنفي إلى دول ضعيفة، وهشة، ومخفقة، ومقصرة عن حماية الناس من المخاطر الأمنية، وتزويدهم بالحاجات الأساسية، وتطوير مؤسسات سياسية تعتبر بالإدراك الحسي شرعية، إلا أنه يقول أن للعوامل الخارجية دورها أيضاً في هذا المجال، فاستعداد قوى خارجية للتدخل، سعياً وراء تحقيق أهدافها الاستراتيجية، سهل جزئياً"فشل"دول مثل أفغانستان والصومال.
ويشير الى"أن صادرات الموارد المعدنية والطبيعية الأخرى توفر الوسيلة لاستمرار النزاعات العنيفة،"فمن كمبوديا إلى أفغانستان وبلدان في غرب أفريقيا، تساعد صادرات الأحجار الكريمة والأخشاب في تمويل النزاعات وإضعاف قدرة الدولة".
ويرى التقرير أن إصدار شهادات المنشأ للألماس على سبيل المثال، وفرض رقابة على الجهات التي تقوم بإنتاجه وتصديره يمكن أن يقلل من النزاعات المسلحة".
ويضم التقرير خمسة فصول أساسية، وثلاثة وثلاثين جدولاً إحصائياً، احتوت بمجموعها على 2237 حقلاً، شملت دول العالم كلها تقريباً. إلى جانب ذلك ضم التقرير 37 إطاراً مستقلاً، وثمانية جداول، و69 رسماً بيانياً.
العالم الثالث
وتكشف الأرقام عن اختلافات صارخة بين دول العالم، فمثلاً نجد ان نسبة الإلمام بالقراءة والكتابة تبلغ 100 في المئة في البلدان الصناعية المتقدمة، لكنها لا تتجاوز 12.8 في المئة في بوركينا فاسو، وكذلك متوسط العمر المتوقع يتجاوز ثمانين عاماً في غالبية البلدان الصناعية 82 عاماً في اليابان، و80.5 في سويسرا في حين لا يتجاوز 37.5 عاماً في زامبيا. وفي الوقت الذي يرتفع الناتج المحلي الإجمالي للفرد معادل بالقوة الشرائية للدولار لعام 2003 إلى 62.298 دولار في لوكسمبورغ، أو 37.670 دولار في النرويج، نراه بحدود 548 دولاراً في سيراليون.
ومن الأرقام المثيرة نجد مثلاً أن 90.6 في المئة من سكان مالي يعيشون بأقل من دولارين في اليوم الواحد، وتنخفض النسبة إلى 89.2 في بوروندي، و85.3 في النيجر.
ويقدم التقرير أرقاماً تكاد تكون مخيفة عن النمو السكاني الهائل في البلدان الأقل نمواً، فأوغندا التي لا يتجاوز عدد سكانها 26.9 مليون نسمة إحصاء 2003 سيصبح عدد سكانها 41.9 عام 2015، و126.9 مليوناً عام 2050، بنسبة نمو سكاني 3.7 في المئة، في حين أن معظم البلدان الصناعية سينخفض عدد سكانها عام 2015، أو يبقى كما هو عليه الآن، أو بزيادة طفيفة تكاد لا تكون محسوسة في أحسن الأحوال.
ويؤكد التقرير أن الزيادة السكانية في البلدان النامية عموماً لا تتلاءم بكل المقاييس مع نسبة نموها الاقتصادي التي هي في بعض البلدان الفقيرة دون الواحد في المئة، ولا مع إنفاقها العام على التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية مما سينعكس سلباً على نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي، ونسبة السكان لكل هكتار من الأرض الصالحة للزراعة، ونصيب الفرد من استهلاك الطاقة، وإمكان الوصول إلى مصادر محسنة لمياه الشرب.
دول الخليج العربي
وتقف دول الخليج العربي في مقدم البلدان العربية في تصنيف تقرير التنمية البشرية حيث جاءت قطر، ودولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبتين 40 و41 على التوالي، من الدول 177 التي عالجها التقرير، والبحرين، والكويت في المرتبتين 43 و44 على التوالي تنمية بشرية مرتفعة. ثم ليبيا 58، وسلطنة عمان 71، والسعودية 77، ولبنان 81، وتونس 89، والأردن 90، والأراضي الفلسطينية المحتلة، والجزائر 102 و103، وسورية 106، ومصر 119، والمغرب 124، تنمية بشرية متوسطة. ثم جيبوتي واليمن وموريتانيا 150 و151 و152 على التوالي تنمية بشرية منخفضة.
غير أن دولة الإمارات سجلت أعلى نسبة من الناتج المحلي الإجمالي للفرد بتحقيقها 22.420، ثم قطر 19.844، والكويت 18.047، والبحرين 17.479، وسلطنة عمان 13.584، والسعودية 13.226، وتونس 7.161، والجزائر 6.107، ولبنان 5.074، والأردن 4.320، والمغرب 4.004، ومصر 3.950، وسورية 3.576، وجيبوتي 2.086، وموريتانيا 1.766، واليمن 889 دولاراً.
ويقول التقرير، بصراحة فجة،"إن العالم متجه إلى كارثة في التنمية البشرية، وأن أثمان هذه الكارثة ستحسب بوفيات يمكن تلافيها، وأطفال خارج المدرسة، وفرص ضائعة لتخفيف الفقر.
ويؤكد أن للبلدان الغنية، والفقيرة أيضاً، مصلحة في تغيير هذه الصورة، فإتاحة الفرص للناس في البلدان الفقيرة كي يعيشوا حياة مديدة وصحية ويؤمنوا لأطفالهم تعليماً لائقاً، وينجوا من الفاقة، لن تقلل من رخاء الآخرين في البلدان الغنية، وإنما على النقيض من ذلك ستساعد في بناء ازدهار مشترك وتعزيز الأمن الجماعي".
ويختم التقرير بالقول،"في عالمنا المترابط يكون أي مستقبل مبني على أسس الفاقة الواسعة النطاق وسط الوفرة، غير فعال اقتصادياً، وليس قابلاً للاستدامة سياسياً، ومن المتعذر تبريره أخلاقياً".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.