تمثل الفنادق استثماراً مهماً في الكثير من الدول، وتتسم هذه الصناعة أو النشاط الاقتصادي، بالمخاطر العالية والسياسية تجاه الأحداث والتطورات الاقتصادية وغيرها. لقد أصبحت الفندقة من أهم النشاطات الاقتصادية في العالم. وتبين المعلومات التي صدرت عن منظمة السياحة العالمية أن الإنفاق على السياحة في عام 2004 بلغ 640 بليون دولار، في حين بلغ عدد السياح في العالم المذكور أكثر من 750 مليون سائح. وفي بداية عصر النفط في منطقة الخليج، اعتبرت المنطقة مصدراً للسياح الزائرين لبلدان عربية وأجنبية، وهي لا تزال كذلك. لكن الأمور تغيرت إلى حد ما وأصبحت مناطق في الخليج جاذبة للسياح. ليس من شك في أن بلدان الخليج استقبلت الكثير من الزوار منذ بداية نهضتها الاقتصادية، كانوا يأتون من أجل إنجاز أعمال تجارية أو التعاقد على تنفيذ مشاريع أو ترويج استثمارات في بلدانهم مع رجال أعمال وأصحاب روؤس أموال في هذه المنطقة من العالم . واكتظت الفنادق في عدد من بلدان المنطقة خلال فترات زمنية معينة بهؤلاء الزوار خصوصاً، مثل في أعقاب الطفرة النفطية الأولى في عام 1974 والثانية في عام 1979. وهناك فترات زمنية جذبت المهتمين بشؤون المنطقة مثل ظروف احتلال الكويت في عام 1990، أو عمليات إسقاط نظام صدام حسين في عام 2003. وشكلت هذه الفترات فرصة لأصحاب الفنادق والمنشآت السياحية لجني إيرادات مهمة، لكنها في الوقت نفسه كشفت عن محدودية الغرف الفندقية في عدد من هذه البلدان الخليجية، خصوصاً في ظروف الأزمات حيث يكثر الزوار. لكن بلدان الخليج استثمرت أموالاً مهمة في تهيئة البنية التحتية التي تساعد على إقامة الفنادق والمراكز السياحية والمنتجعات، كما أن القطاع الخاص وظف أموالاً كبيرة في الفنادق وغيرها من منشآت وشقق فندقية خلال العقود الماضية. ويقدر عدد الغرف الفندقية في دبي وحدها بأكثر من 25 ألف غرفة. وتتزايد هذه الغرف نتيجة لتحسن الطلب في تلك الإمارة في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما أن السعودية شهدت تطوراً مهماً في قطاع الفندقة واعتمدت أنشطة القطاع على الحجاج والمعتمرين في مدن المنطقة الغربية، مكة والمدينة، كذلك دفع التطور في قطاع النفط واتساع آفاق الأعمال الاقتصادية الأخرى إلى زيادة عدد زوار السعودية، وفي المدن الرئيسة مثل الرياضوجدة والدمام، وازدادت إلى درجة حفزت المستثمرين على توظيف أموالهم في قطاع الفنادق. وهناك أوضاع أخرى في بلدان خليجية مثل قطروالبحرينوعمان أدت إلى زيادة الاهتمام بقطاع الفندقة وزيادة الاستثمار في منشآته. ويختلف الأمر بين بلد وآخر، حيث أن عمان يمكن أن تجذب سياحاً من بلدان الخليج لزيارة صلالة، ومسقط للتمتع بالشواطئ والمناخ المناسب في أوقات محددة من العام. كما أن البحرين تجذب عائلات خليجية من أجل التمتع بأسواقها وانفتاحها، وإن كانت تعاني في هذه المرحلة من ظاهرة التشدد الاجتماعي التي نتجت عن وصول عدد من ممثلي التيار الأصولي إلى المجلس التشريعي. أما الكويت فهي ما زالت تحاول تطوير القطاع السياحي وجعله أكثر جاذبية، لكن التيار الأصولي في البلاد يفعل ما بوسعه لتعطيل مثل هذه المحاولات ووأدها. ويوجد في الكويت ما يقارب الستة آلاف غرفة فندق، وهناك تراخيص جديدة لفنادق يمكن أن تضاعف هذا العدد من الغرف مرات عدة. وتبين الجدوى الاقتصادية للاستثمار في الفنادق في الكويت أن الظروف غير مهيأة للتوسع نظراً للظروف المحيطة بهذا القطاع. فمن الصعب التصور أن تصبح الكويت، بلداً سياحياً يجذب الزوار من مناطق قريبة أو بعيدة ما لم تتغير معطيات سياسية واقتصادية واجتماعية ذات تأثيرات بينة في هذا القطاع. ومن الأمور الأساسية أن يتمكن قطاع السياحة والفندقة في الكويت من جذب الكويتيين وغيرهم من المقيمين في البلاد للاستجمام في هذه المنشآت داخل البلاد، بدلاً من أن يغادروا الكويت إلى مختلف بلدان العالم في كل مناسبة أو عطلة أو عيد مهما قصرت المدد المخصصة لتلك المناسبات. لكن الكويت يمكن أن تتطور في مجال السياحة إذا ما استقرت الأوضاع في العراق، ومن ثم عززت دورها كممر اقتصادي وتجاري لذلك البلد. يضاف إلى ذلك أن إمكانات التطور السياحي في العراق تظل واعدة ومن الممكن أن تضم برامج لزيارات وفود سياحية من بلدان الخليج أو غيرها إلى العراق عبر الكويت، وهنا يمكن أن تستفيد المنشآت السياحية من هؤلاء الزوار. وربما يرى الكثيرون أن مسألة الصناعة الفندقية ليست ذات أهمية في بلدان حباها الله بثروة النفط، ومن ثم أن هذا النشاط يظل نشاطاً ثانوياً أو تكميلياً ويجب أن ينظر إليه في حدود الاحتياجات المناسبة له وليس بهدف تحويله إلى قطاع أساسي يساهم بشكل فعال في الناتج المحلي الإجمالي. بيد أن التطورات التي حدثت خلال السنوات الماضية في دبي تدفع إلى التفكير ملياً في هذه المسألة. لقد تمكنت دبي من أن تجعل من هذا القطاع مصدراً أساسياً للإيرادات السياحية حيث تقدر المداخيل من السياحة لهذه الإمارة، لوحدها ، بحدود خمسة بلايين دولار سنوياً. ويقدر عدد زوار الإمارة في العام الواحد بسبعة ملايين زائر. ولذلك فإن دبي لا بد أن تهتم بالسياحة، التي تعتمد على المعارض والمؤتمرات ولقاءات رجال الأعمال والتسويق، وكذلك زيارات العائلات الخليجية من مناطق أخرى. هذه السياحة أصبحت مصدراً أساسياً للدخل وأتاحت فرصاً لعمل الكثير من المواطنين والمقيمين. ولا شك أن التطورات في البنية التحتية في دبي قد ساعدت كثيراً على نمو القطاع السياحي. وهكذا فإن بلدان الخليج الأخرى يمكن أن تعمل الكثير من أجل جذب الزوار وتعزيز الصناعة الفندقية وجعلها أساسية في النشاط الاقتصادي الكلي، وزيادة مساهمة القطاع إلى مستويات تفوق نسبة العشرة في المئة في الكثير من بلدان المنطقة. لكن من المهم أن يعتمد تطوير قطاع الفنادق على مفاهيم اجتماعية تتلاءم مع متطلبات المواطنين والمقيمين وكذلك الاهتمام بعوامل الجذب التسويقي. اقتصادي كويتي.