ناقش الكاتب كرم الحلو أطروحة دكتوراه دولة في الفلسفة في الجامعة اللبنانية نال على أساسها الدكتوراه بتقويم عام جيد جداً. أشرف على الاطروحة المفكر الدكتور ناصيف نصار وتناولت الفكر الليبرالي عند فرنسيس المراش وموقعه في الفكر العربي الحديث. برر الحلو اختياره موضوع الاطروحة بأسباب عدة، أولها كون المراش شخصية مهمة ومركزية ورائدة في الفكر العربي الحديث، إذ انه في طليعة المؤسسين لحقوق الانسان السياسية والاجتماعية في الفكر العربي، وقبل صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 بأكثر من ثلاثة أرباع القرن. وكان أول من نادى بإبطال الرق على أساس الحق الطبيعي، وأول من أقر بحقوق سياسية للفئة البائسة في المجتمع الانساني، ومن الرواد العرب الأوائل الذين أعلوا حق الحقل الانساني بالتعليل والتأويل والاجتهاد ورفضوا تسخير الدين لأغراض سياسية. وكان في طليعة المنادين في فكرنا العربي الحديث بحرية الرأي والاعتقاد والتفكير والتعبير، وكان ايضاً في مقدمة دعاة التجدد في الأدب العربي لغة وتعبيراً، وأول كاتب للرواية العربية، وأول من تلقف أراء داروين التطورية وقبل شبلي الشميل. وثاني الأسباب التي حدت بالباحث الحلو لدراسة المراش هو كونه حتى الآن شخصية مهملة ولم يدرس دراسة جامعية على رغم أهميته، بينما انساق الباحثون الذين تطرقوا الى دراسة المراش في مغالطات وتفسيرات تتناقض مع حقيقة تفكيره وتطلباته. أما السبب الثالث والأهم فهو ضرورة تأصيل ثقافة الحرية في الفكر العربي الذي رأى الحلو انه يجب ان ينطلق من استئناف اللحظة الليبيرالية في الفكر النهضوي العربي التي يمثلها المراش بتأسيسه نظامه الفكري على قاعدة الحرية الانسانية. وبعدما حدد الحلو المؤثرات الاساسية التنويرية في فكر المراش والمتمثلة بفكر روسو ومونتسكيو وداروين، رأى ان المراش كان له تأثير كبير في المتنورين العرب الذين عاصروه أو أعقبوه مثل عبدالرحمن الكواكبي وأديب اسحق وفرح انطون وجبران خليل جبران. وخلص الباحث الى أن فكر المراش لا يزال راهناً، فالمسائل التي تطرق اليها ما زالت مطروحة وفي شكل أكثر حدة ربما، فالاستبداد السياسي يطغى على العالم العربي، والفقر والأمية ينتشران في نطاق واسع، وحقوق المرأة مغيبة، وسيف التكفير يطل من جديد قاطعاً إمكانات الحوار والتلاقي بين الأفكار. وأخيراً يمكن القول ان الكاتب الحلو أضاف جديداً الى الفكر الأكاديمي العربي بإماطة اللثام عن جانب مضيء وأساسي من جوانب فكرنا العربي.