سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لبنان يكرم رموز استقلاله ويحتفل اليوم بذكراه الثانية والستين . السنيورة يحدد الثوابت امام النصب التذكاري لبشارة الخوري وسفراء من الاتحاد الأوروبي ينحنون عند ضريح الحريري
وضع امس، ممثلون عن رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة اكاليل من الزهر على اضرحة شهداء الاستقلال عشية احتفال لبنان بالذكرى ال62 لاستقلاله، وكان لافتاً اعلان السفارة الفرنسية لدى لبنان"ان سفراء من دول الاتحاد الاوروبي يتوجهون في السادسة من مساء اليوم امس، الى ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري للانحناء إجلالاً لذكراه". وزار ممثلون للرؤساء الثلاثة قلعة راشيا حيث سجن ابطال الاستقلال. ورعى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة احتفال ازاحة الستارة عن النصب التذكاري للرئيس الراحل بشارة الخوري احد رجالات الاستقلال. وحضر الاحتفال الى جانب وزراء ونواب وسياسيين من اتجاهات مختلفة ورجال دين، سفيرا الولاياتالمتحدة الاميركية جيفري فيلتمان والسفير الفرنسي برنار ايميه. وتوقف السنيورة في كلمته عند كلفة الاستقلال وصعوبة تحقيقه وقال:"كم تتطلب صيانة الاستقلال والحفاظ عليه من جهود وتضحيات؟ وكم هي الحرية ثمينة وغالية؟ بل وكم يتطلب العمل السياسي الديموقراطي من اخلاقية عالية، وحركة لا تهدأ، وتعال على الجراح والصغائر وتضحية بالذات، من اجل استنهاض المواطنين، وبقاء الوطن". واضاف:"تحدثنا كثيراً كما تحدث اسلافنا، في لبنان وبلدان الوطن العربي الاخرى، طوال العقود الماضية، عن الهوية والانتماء باعتبارهما معطى ناجزاً، وهما كذلك في جزء منهما في التاريخ والعيش المشترك، والقيم الكبرى، لكنهما في جزء مهم منهما ايضاً يصنعهما العمل السياسي الكبير، والثقافة المتجددة والمسؤولة، والتسويات الوطنية التي تعتمد التشارك والتشاور والتحالفات والحوار الدائم. هذا هو الجانب الاهم الذي انجزه رجالات الاستقلال، وعلى رأسهم الشيخ بشارة الخوري ورياض الصلح ورفاقهما واللبنانيون جميعاً، وهذا العمل السياسي الكبير هو الذي عبر عنه الرئيس الشهيد رياض الصلح عندما قال: ان لبنان لن يكون للاستعمار ممراً ولا مستقراً. فليس صحيحاً ان التسوية الميثاقية قامت على التخلي من جانب المسيحيين عن فرنسا ومن جانب المسلمين عن سورية، بل الصحيح ان التوافق الذي افضى الى الميثاق هو عقد تأسيس سياسي للتحرر من الاستعمار، ولتمتين وبلورة الانتماء المشترك ونتائجه، فسورية ولبنان دولتان عربيتان مستقلتان يجمعهما الانتماء الواحد والجغرافيا والتاريخ والمصالح والمستقبل، كما جمعهما النضال من أجل التحرر من الاستعمار". واضاف:"صار واضحاً ومنذ اواسط الخسمينات من القرن الماضي، ان الاضطراب السياسي يحصل عندنا عندما يحاول فريق طائفي او سياسي الاخلال بأحد طرفي المعادلة: معادلة الانتماء او معادلة الاستقلال، وهذا ما قصده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في المقولة التي اطلقها في شبه اكمال لمقولة الرئيس رياض الصلح السالفة الذكر، حيث قال: ان لبنان لا يحكم من سورية، لكنه لا يحكم ضد سورية. وهكذا فالانتماء القوي والذي يتجه للاكتمال هو القائم على الحرية، وعلى تربية الاجيال، وعلى انضاج المصالح، وعلى الندية والتشارك، وهذا كله هو الذي ارساه رجالات لبنان من بشارة الخوري ورياض الصلح الى رفيق الحريري، وهذا ما يقع على عواتقنا الآن واجب وحق الاستمرار بالسير فيه". وشدد السنيورة على"اننا لن نتخلى عن الحرية، ولا عن السيادة والاستقلال والاصلاح، ولا عن الديموقراطية، ونحن مقتنعون ان هذه القيم هي شروط العروبة الحقة في عالم اليوم". وقال:"اننا اليوم بصدد العمل على تطبيق الميثاق الوطني الثاني، ميثاق الطائف ودستوره، ميثاق العيش المشترك والانتماء الواحد، ميثاق رفيق الحريري، الذي اسهم اسهاماً اساسياً في العمل له وانجازه، ثم اسهم اسهاماً اساسياً في بناء دولته بعد سد الخلل الذي احدثه النزاع الداخلي، وكل ذلك بالحوار، والانفتاح والعمل السياسي والاقتصادي". واذ اشار الى"اننا لا نعيش في المريخ، بل على هذه الارض، وفي هذه المنطقة وهذه السياقات المعروفة"، قال:"ليس هناك فئة لبنانية اكثر وطنية او عروبة من الفئة الاخرى"، كما قال الشيخ بشارة الخوري. وسنتمكن بالتوافق الداخلي من حفظ حريتنا واستقلالنا، كما سنتمكن بالتوافق نفسه من صون علائقنا بأشقائنا وتطويرها. والطائف منطلق وسيف نأوي كلنا اليه، ونتفيأ ظلاله. ولا ارى منطقاً سليماً في تشاؤم الذين يدعوننا للجمود بحجة خوف الانقسام، ذلك ان حركتنا انما هي حركة باتجاه الفعل وباتجاه التوافق والتلاؤم، وباتجاه روحية التسوية السياسية التي انجزها رجالات الميثاق الاول، فتحقق الاستقلال. لقد فوتنا فرصاً كثيرة لعوامل ليست كلها خارجة عن ارادتنا. وكنت ارى الرئيس الشهيد رفيق الحريري يكاد ينشق غيظاً في مناسبات كثيرة لفوات الفرص وضياعها دونما سبب وجيه غير المناكفات والتسلط والمصالح الخاصة. ولذلك فنحن حريصون اليوم قبل الغد على النجاح الوطني والقومي، بقدر حرصنا على حريتنا واستقلالنا وعروبتنا وانسانيتنا". ووجه رسالة الى اللبنانيين"في ذكرى بشارة الخوري، وفي ذكرى الاستقلال"، قائلاً:"انتم تكملون ما بدأه اسلافكم في مجال الحرية، والاستقلال، والسيادة ، كما انكم اليوم امام مهمة اقامة الدولة العصرية، دولة المواطنين الاحرار الاقوياء بانتمائهم، والاقوياء بديموقراطيتهم وتقدمهم من خلال الالتزام بنهج الاصلاح الذي يمكّننا من التلاؤم مع المتغيرات، والاستمرار في الوقت نفسه بالتمسك بمسلماتنا الوطنية والقومية. ان هذه الذكرى اليوم وللمرة الاولى منذ عقود عدة هي مناسبة للمراجعة ولتجديد العهد، وهي للشباب بالذات والذين نريدهم ان يقيموا التوازن المطلوب والمرغوب بين حقوق المواطن وواجباته والتزاماته: حق الحرية وحق الدولة المدنية، وحق المشاركة بالديموقراطية، والالتزام بالعمل الوطني الذي يجمع، والذي ينجز، والذي يحرص على مقتضيات المسؤولية وتحمل اعبائها حيثما كان، وذلك كي يصان الاستقلال وتتعزز السيادة ويتأمن دوام الحريات. كان عمل الشيخ الرئيس بشارة الخوري أساساً في الاستقلال وبناء الدولة الأولى. ونحن هنا اليوم للاعلان عن الالتزام بهذا الأمر، وتبقى ذكراه اكليل غار على جبين لبنان الحر، لبنان الدولة التي يجب ان نعمل على تحقيقها، الدولة التي تحمي ولا تهدّد، تصون ولا تبدّد، دولة ولاؤها الوحيد لمواطنيها، ولمؤسساتها الدستورية، الدولة التي تشد ازر الصديق، وترد كيد العدو، وتتحمل مع امتها العربية مسؤوليات المستقبل الواعد ان شاء الله". والقى نجل الراحل ميشال الخوري كلمة العائلة، نوه فيها بالرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان"حجر الزاوية لقيام الدولة بانتظار ساعة التحرير"، وبالسنيورة"الرجل الوطني الواعي العاقل الديبلوماسي والحازم في آن". وشكر الفنان انطوان برباري الذي صنع نصب والده. وتحدث مطولاً عن رؤى والده السياسية. وشملت احتفالات وضع اكليل الزهر، أضرحة الشهداء رياض الصلح، وحبيب ابي شهلا، وحميد فرنجية، وصبري حماده وسليم تقلا، وعدنان الحكيم ومجيد ارسلان وصائب سلام وعادل عسيران وكميل شمعون وبيار الجميل وعبد الحميد كرامي. الغاء المسيرة الشبابية وادى سوء الاحوال الجوية الى الغاء المسيرة الشبابية التي كانت مقررة امس، لمناسبة ذكرى الاستقلال. وكان وفد من نواب"اللقاء الديموقراطي"زار قائد الجيش العماد ميشال سليمان، وقدم اليه التهانئ بعيد الاستقلال، وثمن"الدور الوطني للجيش".