أمير منطقة جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    أمانة تبوك تنفذ (10) ورش عمل لحماية النزاهة وتعزيز الشفافية    الراشد : حققنا أهدافنا ..وهذا سر دعم زوجتي لجائزة السيدات    مدرب كاواساكي يحذر الثلاثي السعودي    وزير الخارجية يصل سلطنة عُمان في زيارة رسمية    جيسوس: إصابة كانسيلو الجانب السلبي الوحيد    "التخصصي" بالمدينة المنورة يتوّج بجائزة مجلس الضمان الصحي للتميّز في برامج الترميز الطبي والفوترة    جامعة الأمير سلطان تطلق أول برنامج بكالوريوس في "اللغة والإعلام" لتهيئة قادة المستقبل في الإعلام الرقمي    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة ال 46 من جامعة الملك فيصل    "البحر الأحمر الدولية" تكشف عن مستعمرة مرجانية عمرها 800 عام    الذهب يهبط بأكثر من 1%    الصين تطلق بنجاح قمرًا اصطناعيًا جديدًا لنقل البيانات    اكسر حواجز الواقع و اصفع الفشل بالإصرار    محادثات القاهرة تتعثر.. ولا ضوء في نهاية النفق.. الاحتلال يصعد في غزة ويطارد حماس عبر «مناطق عازلة»    دمشق ل"قسد": وحدة سوريا خط أحمر    أمير القصيم: الخريجون ثروة الوطن الحقيقية لتحقيق التنمية    بتوجيه من ولي العهد.. إطلاق اسم "مطلب النفيسة" على أحد شوارع الرياض    المملكة.. طموح لا يعرف المستحيل    وزير الاقتصاد: المملكة الأولى عربيا في الأداء الإحصائي    هنأت رؤساء توغو وسيراليون وجنوب أفريقيا.. القيادة تعزي الرئيس الإيراني في ضحايا الانفجار    "الانضباط" تجدد رفض احتجاج الوحدة ضد النصر    مدير الجوازات يستعرض خطة أعمال موسم الحج    صقر في القفص الذهبي    أبناء زين العابدين يكرمون كشافة شباب مكة    1000 معملٍ لتطوير الابتكار والتميز النوعي في السعودية    تنفذها الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة الداخلية.. أمير الرياض: الحملة الوطنية.. "الولاء والانتماء" تعزز الأمن وتحصن الشباب    معرض"ذاكرة الطين" للتشكيلية فاطمة النمر    تعاون بين هيئة الصحفيين و"ثقافة وفنون جدة"    كيف تحل مشاكلك الزوجيه ؟    أكدت أنه يتفق والمصلحة المطلوبة شرعًا.." كبار العلماء": لا يجوز الذهاب للحج دون أخذ تصريح    كبار العلماء: لا يجوز الحج من دون تصريح    السعودية تمتلك تجارب رائدة في تعزيز ممارسات الصيد    أمير الشرقية يبحث تطورات ومستجدات البيئة الاستثمارية    مؤشر نسبة العاملين من ذوي الإعاقة يقترب من تحقيق مستهدف رؤية 2030    «هيئة الشورى» تعقد اجتماعها الثامن    ولي عهد لوكسمبورج يشكر المملكة لدعمها مبادرة «رسل السلام»    حل 40 ألف قضية أسرية قبل وصولها للمحاكم    وفاة عميد أسرة آل أبوهليل    ورش ومحاضرات توعوية ضمن فعاليات أسبوع البيئة بالجوف    رؤية 2030 تقفز بحجم الاقتصاد الرقمي إلى 495 مليار دولار    «إسرائيل» تمنع دخول شاحنات المساعدات لغزة    مقتل شخصين في ضربات أميركية على صنعاء    جلوي بن مساعد يهنئ جامعة نجران    صناعة الحوار    تشكيليات يرسمن أصالة الأحساء    ليلة استثنائية    أخضر الشابات يترقب قرعة تصفيات كأس آسيا تحت 20 عاماً    النصر والعلا إلى نهائي الدوري الممتاز لكرة قدم الصالات    Adobe تطلق نموذج Al للصور    ملتقى «توطين وظيفة مرشد حافلة» لخدمة ضيوف الرحمن    «جمعية تجهيز» تُخصص رقماً مجانياً للتواصل    الملك وولي العهد يُعزيان الرئيس الإيراني في ضحايا انفجار ميناء رجائي    محمد بن ناصر: رياضة المشي لها دورها في الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة    طلاء سحري يقتل البكتيريا والفيروسات    ارتفاع حرارة الأطفال بلا سبب    الميتفورمين يخفف آلام التهاب مفاصل الركبة    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الدكتور مطلب النفيسة على أحد شوارع الرياض    حسين الشيخ نائبا للرئيس الفلسطيني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيديرالية "الفوضى البناءة" وتقاسم "الرجل المريض"
نشر في الحياة يوم 08 - 09 - 2006

الزمان: في الخامس عشر من آاب اغسطس 2005، غداة استكمال مشروع هدم الدولة العراقية والانطلاق منه الى مشروع بناء"الشرق الأوسط الكبير"على قاعدة الرؤية الطوائفية للمنطقة العربية والإسلامية.
المكان: بغداد، حيث يقف المندوب السامي الأميركي في العراق وهو الأفغاني الأصل زلماي خليل زاد، متحدثاً في مؤتمر صحافي مباشر من العاصمة العراقية عن محاسن الدستور الجديد لعراق فيديرالي متعدد ديموقراطي ومنفتح على الآخر.
إنها"العملية السياسية"الأكثر نجاحاً في معادلات لعبة الأمم المليئة بالأسرار. إنها الحلم الذي يتحقق للمؤرخ البريطاني الشهير برنارد لويس: إن اجتياح هذا البلد أي العراق سيخلق فجراً جديداً.
إنها الرد الضروري على الإسلام السياسي الزاحف على أوروبا، كما يتصور المفوض الأوروبي للسوق الداخلية فريتز بولكشتاين، وهو يشرح سبب مخالفته لانضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي، حيث يقول:"لقد أوقفناهم في بواتييه... أوقفناهم أمام فيينا... وسنوقفهم مرة أخرى...". لماذا كل هذا القلق؟ يستند بولكشتاين الى تنظيرات برنارد لويس عندما يقول: ستصبح أوروبا دولة مسلمة مع نهاية القرن.
ولكن كيف يمكن أن يكون العراق المحتل بداية فجر جديد؟
الجواب لدى ناتان شارانسكي في كتابه"قضية الديموقراطية". وكتاب شارانسكي هذا يمكن اعتباره بمثابة"الخريطة الجينية"لسياسات الرئيس الأميركي وإدارته، كما يقول الكاتب اللبناني وليد شرارة في"لوموند ديبلوماتيك"أثناء شرحه المفصل لسياسة"الفوضى البناءة"التي تتبعها الإدارة الأميركية المدججة بالمحافظين الجدد.
وشارانسكي هذا بالمناسبة هو اليهودي السوفياتي المنشق والذي التحق بالدولة العبرية ليصبح واحداً من أعضاء حكومة شارون المهمين، والذي استقال احتجاجاً على خطة الانسحاب من غزة.
ماذا يقول شارانسكي عن العالمين العربي والإسلامي؟
إن الإسلام، في نظر شارانسكي، حركة إرهابية في الأساس لا تهدد وجود إسرائيل فقط، بل العالم الغربي أجمع. والعالم العربي ليس سوى تجمع لأقليات دينية وعرقية عاجزة عن العيش سوية في كيانات دولة - وطنية... إذاً لا بد من حلول استئصالية لمنابع العنف والإرهاب الذي نشهده من أجل خدمة الديموقراطية ومصالح أميركا معاً. وانه لا حل لهذا إلا باستخدام صريح للطائفية في إطار استراتيجية الفوضى البناءة.
إذاً ومن أجل ذلك كله، تذهب الإدارة الأميركية الى حد تبني نظرية شارانسكي هذه بالتمام والكمال الى الحد الذي تقول فيه كوندوليزا رايس إنه:"لا بد من إعادة النظر بالأوضاع القائمة في الشرق الأوسط منذ عقود مهما كانت المخاطر الناجمة عن ذلك".
وهكذا يستحضر الرئيس بوش اصطلاح"الرجل المريض"الذي سبق أن اطلق على الدولة العثمانية ليسقطه على العالم العربي ليصبح"رجل القرن الواحد والعشرين المريض"، في اشارة واضحة الى ضرورة تقسيمه وتفتيته.
وتأسيساً على ذلك كله، تذهب مؤسسات الأبحاث الأميركية العاملة في خدمة المحافظين الجدد الى إعداد المعايير والمصطلحات السياسية التي يجب أن تتغير حول المنطقة بما يتلائم مع هذه الرؤية الطوائفية الآنفة الذكر. فتقترح مؤسسة"أميركا انتربرايس"التابعة لجماعة بول ولفوفيتر عبارة الشرق الأوسط بدل العالم العربي والإسلامي، في حين ينصح روبرت ساتلوف المدير التنفيذي المعروف في مؤسسة"واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"في رسالة موجهة الى السيدة كارهن هيوز مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون السياسات العامة:"اقصاء تعابير العالم العربي والعالم الإسلامي من القاموس الديبلوماسي الأميركي"، بينما يطالبها بصراحة:"دافعوا قدر الإمكان عن مقاربة خاصة بكل بلد على حدة. إن الإسلاميين المتطرفين يريدون محو الحدود وخلق عالم فوق الأوطان... لا تتراجعوا أمامهم حتى قبل خوض المعركة".
الآن نفهم سبب اصرار بعضهم على رفض أي هوية عربية أو إسلامية للعراق، أليس كذلك؟
وهكذا إذن يصبح لبنان بلداً فينيقياً أو وطناً للمسيحيين بالأساس، كما يقول فؤاد عجمي، الرمز الآخر من رموز التنظير للرؤية الطوائفية للعالمين العربي والإسلامي. وتصبح مصر دولة فرعونية، الإسلام عليها"طارئ"، وكذلك بلاد فارس التي"غزاها"المسلمون الحفاة من"الأعراب"في لحظة غفلة المدنية والحضارة العالمية، كما ينظر بعض القوميين المتعصبين من النخبة الإيرانية المعادية للنظام الإسلامي الحاكم في إيران. وتركيا دولة يجب أن تدير ظهرها تماماً لللإسلام فضلاً عن العالم العربي الذي لم يجلب لها أي مصلحة مادية أو حتى معنوية، بل"معوقات"وجدانية أمام ضرورة التحاقها بالركب الحضاري العالمي من بوابة الدولة العبرية التي صارت البوابة الوحيدة المقبولة لدخول دول العالم الثالث الى ركب المدنية والدول العصرية والتي تصبح شرطاً من شروط القبول والاعتراف بالمشروع النووي الإيراني.
هذه هي فيديرالية العراق وتعدديته وديموقراطيته التي يعدونها للعالمين العربي والإسلامي والذي يجب أن يتغير اسمهما ليصبح"الشرق الأوسط الكبير"، لماذا؟ لأنه من دون ذلك لا مفهوم ولا مكان ولا محل من الإعراب لكيان اسمه إسرائيل. هذا الكلام قيل مبكراً من جانب قادة الحركة الصهيونية العالمية، وذكروا بصراحة وقتها بأن المطلوب ايجاد"هوية شرق أوسطية"حتى تصبح إسرائيل"طبيعية"فيها.
ونحن نضيف حتى تصبح الدولة الأقوى، بل المتعهد الوحيد الذي يوكل اليه التزام تقسيم حصص وميراث"الرجل العربي المريض"على دول الغرب، واستطراداً تقسيم العالم الإسلامي بناء على الرؤية الطوائفية الآنفة الذكر.
ثمة من يرى خطراً داهماً ومباشراً على وحدة كل من إيران والسعودية ومصر وسورية وأمنها واستقرارها، انطلاقاً من مشروع العراق الفيديرالي الديموقراطي المتعدد. لماذا؟ لأن ما يحصل على الأرض المحتلة هناك لم يأت في إطار تحول اجتماعي طبيعي وسلمي بقدر ما هو مشروع تقسيمي قسري مغلف بغلاف الديموقراطية والتعددية المذهب هدفه خدمة سياسة"الفوضى البناءة"القائمة على خدمة أمن إسرائيل ونجاح معركة السيطرة على الموارد الغنية للعالمين العربي والإسلامي انطلاقاً من العراق.
كاتب متخصص في الشؤون الإيرانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.