إنها نصف مرآة وتبقى أفضل من لا شيء. رأي يتفق عليه معظم الشباب السوريين، لدى سؤالهم عن علاقتهم بالدراما السورية، والدور الذي لعبته المسلسلات الرمضانية السورية خلال شهر رمضان من العام الجاري. المتابعة التي حظيت بها مسلسلات رمضان هذا العام من قبل الشباب، لم تكن عشوائية ولا نوعاً من التسلية خلال اليوم الرمضاني الطويل، إذ تمكنت مجموعة الأعمال الدرامية المعروضة من جذب جمهور واسع من الشباب، بفضل الجهد الذي بذلته هذه الأعمال الفنية لتقصير المسافة بينها وبين شريحة واسعة من الشباب الذين ازدادت غربتهم عن شاشتهم الصغيرة. مسلسلات هذا العام، كانت في معظمها اجتماعية ذات هموم إنسانية، لامست واقع حياة شرائح مختلفة من الشباب والمراهقين والمراهقات. أما عامل الجذب الرئيسي فهو عائد في معظمه إلى كسر هذه الأعمال بعضاً من محرمات الشاشة الصغيرة... لدى طرحها لمواضيع مثل عدم رضى الفتاة عن جنسها ورغبتها بتغييره، وعلاقة البنت بأمها وأبيها وجسدها لا سيما علامات بلوغها الأولى النفسية والجسدية التي قدمها مسلسل"أشواك ناعمة"للمخرجة رشا شربتجي والكاتبة رانيا بيطار، وانحراف الفتيات كما في مسلسل"خلف القضبان"، ومرض الإيدز كما في مسلسل"حاجز الصمت". نور الحسن 27 عاماً تحدثت عن مسلسل"خلف القضبان"وعن الدور الذي أدته سلافة معمار كفتاة اجتمعت حولها ظروف كثيرة دفعتها للقيام بأعمال مشبوهة يصفها مجتمعنا بالحرام، وقالت:"ان الإيجابية كانت في طرح مبررات انحراف هذه الفتاة، وتصوير إحساسها العالي بالمسؤولية تجاه عائلتها الفقيرة وإصرارها على متابعة تعليمها الجامعي". وأضافت:"لهذا الطرح أهمية كبيرة في تعزيز نشر ثقافة قبول الآخر، وقبول وجود نماذج مختلفة من الفتيات اللواتي لا يزال مجتمعنا يعاملهن كمنحرفات، ويحمس عائلاتهن على ارتكاب جرائم شرف بحقهن". أما بالنسبة الى مسلسل"حاجز الصمت"، فأبدت نور إعجابها"بطريقة طرح ومعالجة موضوع مرض الإيدز، السهلة التي لا يمكن أن يستعصي فهمها على أحد، وهو ما نحن بأمس الحاجة إليه الآن. فالتصريحات الحكومية لا تزال تتحدث عن مرض الإيدز بخجل، كما لو كان هذا المرض مشكلة لا تخصنا، بينما صرنا نسمع من هنا وهناك عن ارتفاع نسب الإصابة، وهذا يعني أن التوعية صارت ضرورة، والحديث بشفافية عن المشكلة أفضل من تغطية الرأس والإنكار". لين 26 عاماً طالبة في معهد النقد المسرحي، قالت:"الجديد في مسلسلات هذا العام هو الطريقة الجديدة في طرح الأفكار، من دون التحيز لوجهة نظر أو طريقة معينة في المعالجة". وتابعت:"مل الشباب متابعة القضايا الكبيرة كما قلت ثقتهم بالحلول الجذرية المطروحة والتي كانت في معظمها بعيدة من الواقع، أي كما نقول نحن الشباب"قصص أفلام". وأضافت:"هنا لا بد من الحديث عن فنانينا ومخرجينا وكتابنا الشباب مثل المخرجة رشا شربتجي والكاتبة رانيا أحمد بيطار والفنانين تيم حسن وباسم ياخور وسلاف فواخرجي وغيرهم، وهم بمثابة قلب جديد ينبض في جسد درامانا السورية، بمواهبهم وأفكارهم. هؤلاء عززوا ظاهرة النجم الشاب، ومنحوا الشباب في شكل غير مباشر، إحساساً بالأمل وبأن شيئاً ما يتغير في حياتهم، والتلفزيون بأشخاصه باتوا جزءاً من هذا التغيير". خالد التقي 23 عاماً، طالب في كلية الاقتصاد تابع"بشغف"مسلسل"نزار قباني". وعن انطباعه حول المسلسل قال:"كان لا بد من أن أتابع قصة حياة هذا الشاعر الأسطورة على شاشة التلفزيون، فأنا كثيراًً ما حفظت قصائده عن ظهر قلب، ولكنني كنت بعيداًً بعض الشيء من حياته الشخصية". أما سها طالبة في كلية الآداب فقد كان لها وجهة نظر مختلفة حول المسلسل نفسه الذي"كان بمثابة صدمة كبيرة"لها. فنزار قباني الذي عشقته من خلال دواوينه كان أجمل بكثير من نزار الذي تابعته على الشاشة والذي ظهر بصورة الرجل الذي يعشق كل يوم امرأة جديدة ليخون القديمة". وتابعت:"هنا لا بد لي أن أقول إنني تابعت المسلسل لأنني أحببت الممثل تيم حسن وشفافيته في أداء دور شاعر لم أر فيه أبداً نزار قباني الذي أعشقه". "هل وقت المسؤولين وأصحاب القرار ضيق ولا يسمح لهم بحضور التلفاز ومشاهدة المشاكل المطروحة؟"تساؤل طرحه خالد التقي لدى حديثه عن مسلسل"بقعة ضوء"الذي يقدم على شاشة التلفزيون للعام الخامس على التوالي. وقال:"إن الأفكار التي يطرحها هذا المسلسل هي بحد ذاتها رائعة وقريبة من الناس والواقع، كما أن ممثلي هذه الدراما جيدون جداً، إذ أن كل الأدوار التي يقدمونها هي أحداث الحياة اليومية لأي شخص فينا، عندما أتابع هذه الدراما أحس ببعض الارتياح والتفاؤل، إذ أن ما يزعجنا ويثقل علينا في حياتنا اليومية يتم عرضه فيها. ولا يدوم هذا الإحساس بالتفاؤل والارتياح طويلاًً، حتى تتسلل الكآبة والإحباط إلى قلوبنا لأن القرار ليس بيدنا نحن المواطنين".