ليست مشاعر الاستياء التي تنتشر وسط الشعب الاميركي من الحرب على العراق جديدة على قادة الجيش الذين مروا بتجربة سابقة مماثلة في فيتنام حملت معها هزيمة مذلة. وعاد شبح حرب فيتنام الى الاذهان مع تزايد اعداد القتلى في صفوف الجيش الاميركي، وتنظيم الاحتجاجات المناهضة للحرب، وتناقص الدعم الشعبي للحرب في العراق والمعركة السياسية التي اندلعت في واشنطن هذا الاسبوع. وقال لورين ثومبسون المحلل العسكري في معهد ليكسنغتون الفكري في واشنطن"إن هذه التطورات تتخذ مساراً سياسيا مماثلاً لمسار حرب فيتنام". واضاف:"ما حدث في فيتنام انه عندما بدأ كبار المشرعين في الابتعاد عن أجندة الرئيس، بدأ ضباط الجيش في التساؤل عما اذا كان عليهم المخاطرة بحياتهم من اجل قضية آخذة في الضعف". وبلغ الخلاف حول العراق ذروته الخميس عندما اثار جون مورثا العضو الديموقراطي الذي يحظى بالاحترام في مجلس النواب والضابط السابق في قوات المارينز، عاصفة سياسية بالدعوة الى الانسحاب الفوري من العراق. وقال مورثا:"ان الشعب الاميركي متقدم كثيرا عن اعضاء الكونغرس، لقد فعلت القوات الاميركية وقوات التحالف كل ما في وسعهما في العراق. وآن الأوان لتغيير الاتجاه". ويدرك القادة العسكريون الاميركيون، المتأثرون بتجربة فيتنام، ان دعم الشعب الاميركي"مركز القوة"الذي اذا اختل يمكن ان يسبب كارثة في حرب طويلة. وقال الجنرال المتقاعد وزير الخارجية الاميركي السابق كولن باول، مؤلف كتاب"عقيدة باول"انه يفضل الحروب القصيرة المكثفة ذات الاهداف المحددة والواضحة بسبب صعوبة الاحتفاظ بالدعم الشعبي للحروب الطويلة. وأعرب الجنرال ريتشارد مايرز الرئيس السابق لهيئة الاركان المشتركة عن قلقه من ان يؤدي فقدان الدعم الشعبي لحرب العراق الى انسحاب سريع للقوات من هذا البلد. وقال:"افضل الطرق بالنسبة إلينا كشعب هي الصبر والعزيمة او بكلمة واحدة الارادة". ويسجل الدعم الشعبي للحرب في العراق تناقصاً مطرداً. واعرب مجلس الشيوخ هذا الاسبوع عن قلقه باقراره تعديلا يدعو الى تقديم تقارير منتظمة حول الوضع في العراق. واوضح ثومبسون"ان صبر اعضاء من الحزبين الديموقراطي والجمهوري بدأ ينفد، وبالتالي يقولون انهم لا يأبهون بعواقب الانسحاب"من العراق. وقال:"عندما يرى ضباط الجيش ذلك ويفهمون ما يعنيه، فإنه يؤثر سلبا في أدائهم". الا انه لم تظهر مؤشرات بعد على تراجع معنويات الجيش. وعلى رغم ان عملية التجنيد اصبحت اكثر صعوبة، الا ان تقارير المارينز ما زالت تتحدث عن نسبة عالية للالتحاق بالجيش حتى في الوحدات القتالية في العراق. وقال الضابط المتقاعد تشارلز كروهن"عندما يخدم الشخص في وحدة قتالية خارج البلاد، فإن ولاءه يكون مركزا بشكل تام على الذين معه. وما يحدث في الوطن لا يعدو كونه زوبعة في فنجان". الا ان كروهن الذي شارك في حرب فيتنام وعمل ضابطا للشؤون المدنية في العراق، قال ان بعضهم في الجيش غير مسرور للإخفاق في وضع خطة لمواجهة التمرد، او ما يسمى ب"المرحلة الرابعة"في المصطلحات العسكرية. ويعرب الضباط العسكريون الاميركيون علنا عن تفاؤلهم بسير الاحداث في العراق، ويؤكدون انهم يحققون تقدماً جيداً في تدريب قوات الامن العراقية لكي تحل محل القوات الاميركية. ويبدو ان تفاؤل ضباط الجيش حقيقي. فقد اظهر استطلاع للرأي نشره مركز"بيو"للابحاث هذا الاسبوع ان 64 في المئة من قادة الرأي في الجيش يعتقدون بأن جهود اقامة ديموقراطية مستقرة في العراق ستنجح، مقابل 32 في المئة. لكن قادة الرأي المدنيين رأوا ان الجهود في العراق ستفشل. فقد اظهر استطلاع جرى في اوساط الاعلام والحكومة والعلوم الهندسية ان نسبة كبيرة منهم تعتقد بأن مشروع العراق سيفشل. اما الشارع الاميركي فكان اكثر شكاً بنجاح الجهود في العراق، الا ان 56 ممن جرى استطلاعهم قالوا انهم يعتقدون بأن تلك الجهود ستنجح بينما قال 37 في المئة انها ستفشل. ويرفض انطوني جيمس جوز الخبير في مكافحة التمرد في جامعة سانت جوزف في فيلادلفيا بشدة أي مقارنات بين العراقوفيتنام، إلا انه يرى تشابها في الطريقة التي بدأ الكونغرس يخفض بها المساعدات. وقال:"اعتقد ان ادارة بوش ستنتهي بطريقة سيئة للغاية، وتضطر في النهاية الى مغادرة العراق".