أكد الرئيس جورج بوش بأن اعادة بناء نيو أورليانز، المدينة الحالمة الأكثر رومانسية في أميركا الشمالية والتي باعها نابوليون ومعها ولاية لويزيانا للولايات المتحدة مقابل 15 مليون دولار في بداية القرن التاسع عشر، سيستغرق وقتاً طويلاً، واصفاً الدمار الذي أحدثه اعصار كاترينا على امتداد نحو 400 كيلومتر من الساحل الشمالي لخليج المكسيك وفي عمق أربع من الولايات الجنوبية بأنه"أسوأ كارثة طبيعية عالمية في تاريخ الولاياتالمتحدة". وأعلن بوش الذي قطع اجازته وعاد الى البيت الأبيض مساء الأربعاء تشكيل لجنة وزارية للاشراف على عمليات الاغاثة في المناطق المنكوبة المنتشرة في ولايات لويزيانا وميسيسبي وألباما وفلوريدا وحدد أولوياتها بانقاذ حياة الناس وتوفير الرعاية للاجئين ثم اطلاق عملية اعادة الاعمار مشدداً على ضخامة حجم الدمار الناجم عن الاعصار الذي وصفه حاكم ولاية ميسيسبي هيلي باربور لاحقاً بأنه"أشبه بانفجار قنبلة ذرية". الا أن بوش ومع فداحة الدمار البشري والاقتصادي خصوصاً في نيوأورليانز التي يخشى أن يكون المئات وربما الآلاف من سكانها لقوا حتفهم حيث بقي 80 في المئة من منازلها تحت مياه البحر الملوثة أول من أمس ولليوم الثالث على التوالي، وعد بتخفيف أعباء أسعار البنزين باعلان مجموعة من الاجراءات النفطية وان طالب المستهلكين بتفهم حقيقة أن الاعصار عطل قدرة صناعة النفط على انتاج البنزين وتوزيعه. وشملت الاجراءات النفطية ما أعلنه وزير الطاقة صاموئيل بودمان في شأنه موافقته على طلب من شركة"سيدغو"لاقتراض ما يصل إلى 500 ألف برميل من نفط الاحتياط الاستراتيجي الأميركي واستعداده للنظر في طلبات مماثلة من شركات التكرير الأخرى. وتعتبر سيدغو الفنزويلية وبريتش بتروليوم وآرامكو السعودية وشل أويل أكبر الشركات الأجنبية الناشطة في صناعة التكرير وتسويق المحروقات في السوق الأميركية. وساهم اعلان بودمان بحدوث تراجع طفيف في أسعار الخام الأميركي الخفيف التي كانت تعرضت لبعض الضغوط عندما كشفت وزارة الداخلية الأميركية بأن الاعصار تسبب في تعطيل ما يزيد على ستة ملايين برميل من انتاج النفط الخام ونحو 34 بليون قدم مكعبة من انتاج الغاز من الحقول البحرية في خليج المكسيك حتى مساء الأربعاء. ويشكل الانتاج الضائع الحصيلة التراكمية لتعطل أكثر من 91 في المئة من انتاج النفط و83 في المئة من انتاج الغاز في المنطقة. لكن أسعار البنزين والمحروقات الأخرى سجلت أرقاماً قياسية جديدة وبدأ بأنها لم تتأثر بفتح المخزون الاستراتيجي أمام مصافي التكرير لا سيما بعدما أكد"ريد كافيني"رئيس معهد البترول الأميركي، وهو أكبر تجمع لشركات النفط الأميركية، بأن الدمار طاول عمليات الانتاج والتكرير وشبكات التوزيع، اذ قال في بيان أصدره الأربعاء ان"الشواهد تتعاظم على أن أثر اعصار كاترينا على أعمال النفط والغاز في مياه الخليج وعلى طول ساحله سيكون ضخماً وطويل الأمد". وتضم منطقة الساحل الأميركي لخليج المكسيك خصوصاً الشريط الممتد من مدينة موبيل المجاورة ل نيو أورليانز لويزيانا الى ميناء بورت آرثر القريب من هيوستن تكساس أكبر تجمع عالمي لصناعة التكرير وواحد من أضخم شبكات الأنابيب. وتشحن المنطقة 4.5 مليون برميل يومياً من المشتقات النفطية الى الولاياتالشرقية، ما يعادل 20 في المئة من استهلاك أميركا، اضافة الى 1.9 مليون برميل من النفط الخام الى الولايات الوسطى. وأوضح كافيني بأن المنشآت النفطية لمنطقة خليج المكسيك التي تضم 6500 منصة انتاج و120 حفارة وعشرات المصافي وشبكات التوزيع وموانئ استيراد النفط، مصممة لتحمل أعتى الأعاصير الا أن عملياتها تأثرت بانقطاع التيار الكهربائي واجراءات توفير الحماية لعشرات الآلاف من العمال ونقص امدادات النفط الخام. وكانت ثماني مصافي تكرير تزيد طاقتها الانتاجية الاجمالية على مليوني برميل يومياً أعلنت ايقاف عملياتها الانتاجية، اما جزئياً أو كلياً. وشملت الاجراءات النفطية التي أعلنها بوش لتخفيف ضغوط أسعار البنزين اعفاء المحروقات التي تنتجها مصافي التكرير المحلية أو يتم استيرادها من الدول الأخرى من التقييد بمعايير انبعاثات الغازات وان كانت وكالة حماية البيئة الأميركية أوضحت بأن هذا الاجراء الذي اتخذته للمساعدة في تلبية الطلب المحلي الطارئ في ولايات ألباما وفلوريدا ولويزيانا وميسيسبي سيكون موقتاً وسينتهي مفعوله في 15 أيلول سبتمبر الجاري. الا أن أسعار البنزين سجلت الأربعاء قفزات كبيرة متجاوزة مستوى ثلاثة دولارات للغالون في كثير من الولايات الأميركية مقارنة بمتوسط لا يزيد على 2.61 دولار الثلثاء الماضي، أي اليوم التالي للاعصار. ورأت مؤسسة التحليلات الاقتصادية"غلوبال انسايت"أن مستوى 3 دولارات للغالون هو واحد من عناصر"سيناريو حميد"يفترض بأن الدمار الذي ألحقه الاعصار بمنشآت النفط والغاز ومصافي التكرير سيكون محدوداً، مشيرة الى أن العناصر الأخرى يمكن أن تدفع بأسعار الخام الأميركي إلى 75 دولاراً للبرميل لفترة لا تزيد على اسبوعين واقتطاع من 0.5 الى 1 في المئة من نمو الناتج المحلي الأميركي في الفصلين الثالث والرابع. لكنها حذرت من أن حرمان السوق الأميركية، كنتيجة للاعصار، من 10 في المئة من امداداتها من النفط والغاز لمدة اسبوعين وخفض امدادات المحروقات بنسبة مماثلة لمدة شهر سيترتب عليه ارتفاع أسعار الخام الخفيف الى 100 دولار للبرميل لفترة شهر وأسعار البنزين الى 3.5 دولار للغالون لستة أشهر علاوة على اقتطاع 3 في المئة من نسبة نمو الانفاق الاستهلاكي وخفض نمو الناتج المحلي الحقيقي في الفصل الرابع من العام الى الصفر.