مع تقدم تكنولوجيا الاتصالات العالمية، تزداد أهمية التحديد الدقيق لمواقع الافراد في المكان والزمان بطريقة موثوقة. والمعلوم ان الولاياتالمتحدة تملك نظاماً متكاملاً لتحديد المواقع على الكرة الأرضية بواسطة الاقمار الاصطناعية. يشار اليه باسم"غلوبال بوزيشيننغ سيستم" Global Positionning System ، واختصاراً"جي بي اس"GPS. اخيراً، اطلق"الاتحاد الاوروبي"بالتعاون مع"وكالة الفضاء الأوروبية"نظاماً مشابهاً ومنافساً، حمل اسم" غاليليو"، تيمناً باسم عالم الفلك الشهير. وقبيل نهاية العام المنصرم, خطا كل من الاتحاد الاوروبي ومجموعة دول"ميدا"، التي تضم 17 دولة مطلة على البحر المتوسط خطوة مهمة بافتتاح"المكتب الاقليمي للتعاون الاورومتوسطي"لنظام"غاليليو"في القاهرة. واختيرت مصر مقرأً للمكتب لمشاركتها بفاعلية خلال السنوات الماضية في تجارب عن استخدامات الملاحة بواسطة الأقمار الاصطناعية? وتعتمد الملاحة الجوية في مصر راهناً على المحطات الارضية. ووعد الاتحاد الاوروبي بجعل خدمات"غاليليو"مجاناً بالنسبة لدول"ميدا"، العام 2008. هامش الخطأ متر يعتمد نظام"غاليليو"، وكذلك نظيره الاميركي، على رصد الاقمار الاصطناعية لمواقع الاشياء الثابتة والمتحركة على الارض. ويبدأ عمل النظام عندما يطلق المستخدم اشارة راديو، من جهاز شخصي، الى القمر الاصطناعي، الذي يضعها ضمن خارطة رقمية، ويحدد احداثياتها الجغرافية، مع اشارة الى الزمن الذي التقطت فيه. ويصل هامش الخطأ في النظام الى متر واحد. ويمكن للقمر ارشاد المستخدم دوماً الى تلك النقطة. ويرتكز"غاليليو"على حزمة من 30 قمراً اصطناعياً، تعمل بالتنسيق مع محطات أرضية. ويقدم خدماته الى قطاعات عدة، مثل النقل مواقع الشاحنات، والبحث عن الطرق، والتحكم في السرعة وغيرها، والخدمات الاجتماعية كمساعدة كبار السن والمعوقين، والنظام القضائي، والجمارك، ومراقبة الحدود، اضافة الى دعم عمل أنظمة المعلومات الجغرافية، وأنظمة البحث والانقاذ وغيرها? وتعتمد نظم الملاحة الجوية راهناً على نظامي"جي بي اس"الاميركي، والروسي"غلوناس"GNSS، اختصاراً لعبارة Global Navigation Satellite System. وراهناً، ينسق"غاليليو"عمله مع النظام الروسي، ليشكلا منظومة"ايغنوس"EGNOSS European Geostationary Navigation Service . والجدير بالذكر ان مكتب القاهرة المفتتح حديثاً، يهدف لزيادة الوعي العام بمنظومة"ايغنوس"في دول المتوسط. ويزمع عقد مجموعة من الندوات التعليمية والبرامج التدريبية وإصدار النشرات الدورية، مما يجعله مركزاً مرجعياً للدراسات والبحوث المتعلقة بمنظومة إيغنوس العالمية وانشطتها. وخلال السنوات الماضية, شاركت مصر بفاعلية في التجارب عن الملاحة الجوية منظومة"ايغنوس". وسيهتم مكتب"غاليليو"في القاهرة، بالأنشطة التدريبية والتطبيقية على خدمات الملاحة بواسطة الأقمار الاصطناعية لمنظومة"ايغنوس". ويدار المكتب بالكامل من جانب خبراء الملاحة في"الشركة الوطنية المصرية لخدمات الملاحة الجوية". من العسكر الى الخلوي ووصف مدير المكتب الإقليمي ل"غاليليو"اللواء احمد سعيد عبد الله ، ذلك النظام بأنه يمثل جيلاً جديداً من خدمة تحديد المواقع الارضية من الفضاء، في مجالات مثل المواصلات والزراعة وصيد الاسماك، اضافة الى الطيران المدني. واوضح ان التعاون الدولي مع منظومة"غاليليو"يتزايد بشكل سريع. فقد اتفق الاتحاد الاوروبي مع الصين واسرائيل للتعاون في هذا الصدد. وتجرى محادثات في السياق عينه مع الهند وروسيا والبرازيل وكوريا الجنوبية والمكسيك واستراليا. وذكر عبدالله بالاتفاق الموقع في 26 حزيران يونيو 2004 بين أميركا والاتحاد الاوروبي على التكامل بين نظامي"غاليليو"وGPS مما يعطي دفعة قوية لمنظومة"ايغنوس". وتوقع وصول عدد مستخدمي تلك المنظومة الى 3 بلايين، مع حلول عام 2010. وتدور اقمار"غاليليو"في مدارات مختلفة حول الكرة الأرضية على ارتفاع 20 ألف قدم عن سطح الأرض، مما يسهل عمله بتحديد المواقع على الارض. وأكد عبدالله أن هذه التكنولوجيا طورت عبر الأعوام الثلاثين الماضية، في المجال العسكري، ثم وضعت قيد الاستعمال المدني. وراهناً, تضم الكثير من الخلويات اجهزة للاتصال مع الاقمار الاصطناعية ونظم تحديد المواقع. ويعتبر الاتحاد الاوروبي، ممثلًا بالمفوضية الأوروبية، مسؤولاً عن البعد السياسي للمشروع وأهدافه. وتتولى"وكالة الفضاء الاوروبية"مسؤولية التعريف التقني بالمشروع. وأضاف عبدالله أن هذا النظام"يعد بسيطاً وثوروياً، وذلك على غرار ثورة الانترنت قبل عشرة أعوام". وتوقع ان يتزايد الدور العالمي لأنظمة تحديد المواقع باستخدام الاقمار الاصطناعية في شكل ملحوظ خلال الأعوام المقبلة. وفي هذا السياق, يؤكد"غاليليو"على استقلال اوروبا الاستراتيجي، ويتيح للشركات الأوروبية الدخول في قطاع صناعي متنام، قد يصل حجمه الى 200 بليون يورو سنوياً مع حلول سنة 2020.