كشف المبعوث الدولي تيري رود لارسن أمس، أنه حذر رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري من مخاطر اغتياله قبل أربعة أيام من وقوع الجريمة. وقال رود لارسن في تصريحات لشبكة"سي أن أن"الاميركية:"حذرته من وجود خطر شديد جداً بحدوث عنف واغتيالات"، خلال مأدبة عشاء أقيمت في بيروت في العاشر من شباط فبراير الجاري. وسئل الموفد الخاص للأمين عام للأمم المتحدة كوفي أنان المكلف متابعة تنفيذ القرار 1559 الذي ينص ضمناً على وجوب انسحاب القوات السورية من لبنان، عن هذا القرار فقال إنه:"مثير جداً للجدل وهناك بالطبع مشاعر حادة إزاءه في كل من لبنان وسورية". وكان كل من أنان ورود لارسن اتصلا بعد ساعات قليلة على اغتيال الحريري الاثنين الماضي، بالنائب وليد جنبلاط ونصحاه ب"توخي الحذر"، على ما أفاد بيان صدر عن الحزب التقدمي الاشتراكي أول من أمس. تهديدات أميركية وجاء ذلك في وقت صعدت الولاياتالمتحدة ضغوطها على سورية في ضوء التطورات في لبنان. وفي وقت اعتبر وليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط أنه ينبغي"عدم التقليل من أهمية"استدعاء السفيرة الأميركية في دمشق مارغريت سكوبي لفترة غير محددة، ل"درس الخيارات المتاحة في إطار قانون محاسبة سورية واستعادة لبنان سيادته". وفي الوقت نفسه، ناقش مجلس النواب الأميركي قراراً أشاد فيه برئيس الوزراء اللبناني الراحل، ووجه عدد من النواب أصابع الاتهام إلى سورية، معتبرين أنها المسؤولة، على الأقل غير مباشرة، عن هذا الاغتيال. وقال مصدر برلماني إن النواب بصدد تبني قرار"يجدد التأكيد على حق الشعب اللبناني في اختياره قادته بحرية ومن دون خوف وإرهاب ولا احتلال أجنبياً تماشياً مع القرار 1559". ويطلب مجلس النواب الأميركي أيضاً من"أعضاء الأسرة الدولية جميعاً تقديم كل التسهيلات من أجل التحقيق"في هذا الاعتداء. وقال النائب الجمهوري داريل عيسى اللبناني الأصل:"لا يوجد أي دليل على أن سورية مسؤولة مباشرة عن هذا الاغتيال، ولكن لا يوجد أدنى شك أن سورية بقيت في لبنان أطول من المدة التي حددها اتفاق الطائف عام 1999". وأضاف أن"سورية هي المسؤولة عن الأمن في لبنان وأن هذا الاعتداء الشنيع وقع حتى بعد التحذيرات عن إمكان التعرض لاعتداءات بحق هذا المسؤول أو ذاك من الذين عبروا عن معارضتهم للوجود السوري في لبنان". أما النائب الديموقراطي توم لانتوس فندد بمقتل"وطني حقيقي"، مشيراً إلى أن الحريري انتقل من كونه"مسؤولاً لبنانياً قريباً من السوريين، إلى مسؤول متحفظ عن وجودهم، إلى أن أصبح خلال الايام الماضية أحد الذين يعارضون جهارة"السوريين. وأضاف:"من المؤكد عملياً أن هذا التطور في مواقف الحريري خصوصاً المرحلة الاخيرة، هو الذي أدى إلى اغتياله". مطالبة ألمانية بكشف الجناة إلى ذلك، أعرب وزير الداخلية الألماني أوتو شيلي عن تأثره الشخصي وتأثر حكومته الشديد لمقتل رئيس الحكومة السابق في"اعتداء مجرم". ودعا في لقاء عقده مع السفراء العرب في سفارة الإمارات العربية المتحدة في برلين أمس، إلى"الكشف عن القوى التي تقف خلف اغتيال شخص حظي باحترام كبير لدى الحكومة الألمانية". واعتبر أن فقدان الحريري"يشكل خسارة كبيرة إقليمياً ودولياً أيضاً". ... ومواقف فلسطينية في غضون ذلك، أرسل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن رسائل تعزية إلى كل من الرئيس اللبناني إميل لحود ورئيس مجلس النواب نبيه بري وأفراد عائلة الفقيد وفي مقدمهم السيدة نازك الحريري وأبناء الراحل وشقيقته النائبة بهية الحريري. وتضمنت الرسائل تنديداً قوياً بالجريمة وإشادة بالراحل الذي"خسرته الأمة العربية وطنياً مخلصاً". وفي دمشق، اعتبر فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس حركة فتح أن هناك"قوى دولية كبرى"تقف وراء اغتيال الحريري. وقال القدومي في تصريح بعد لقائه وزير الخارجية السوري فاروق الشرع إنه"ربما تكون أصابع عربية عميلة للأسف الشديد، لكن هذا ليس من منبت عربي مطلقاً". وأضاف أن سورية"بريئة كل البراءة من هذا الحادث"، داعياً اللبنانيين إلى أن"يتنبهوا إلى هذه القضية".