استورد العراق في العام 2004-2003، نحو 800 ألف سيارة من مختلف الأنواع والأحجام والمناشئ. وهذا العدد يساوي ما استورده العراق خلال 20 سنة فيما لو كان معدل استيراداته السنوية يبلغ 40 ألف سيارة. وبلغ العدد الكلي للسيارات المسجلة عام 2001 نحو مليون سيارة. وبتقسيم هذا العدد على 80 سنة هي عمر الدولة العراقية الحديثة، يكون المتوسط السنوي 16 ألف سيارة تقريباً. ففي عام واحد 2003/2004 أضيف إلى العدد المسجل المذكور 800 ألف سيارة وهو ما يعادل المتوسط السنوي السابق أكثر من 50 مرة. إنها لمفارقة، أن يبرز من يطالب بإيقاف استيراد السيارات في العراق. ذلك أن البلاد لا تزال تشكو من قلة شديدة في عدد السيارات، والازدياد الكبير الذي حدث في عدد سيارات العراق حتى الآن لم يرفعه إلى مرتبة كثير من البلدان ذات الكثافة المتواضعة في عدد السيارات للألف نسمة من السكان. فقد بلغ عدد سيارات الركاب في العراق في أواسط 2004 نحو 1.2 مليون سيارة فيما عدد سكانه 26.5 مليون مما يعني وجود 60 سيارة ركاب لكل ألف شخص. يُذكر أن عدد سيارات الركاب للألف نسمة من السكان في بولندا مثلاً هو 125 سيارة. وفي الأرجنتين 140 سيارة. أما في بلدان متقدمة اقتصادياً وصناعياً، فان العدد في أميركا هو نحو 700 سيارة للألف نسمة، وكندا 570 سيارة، وسويسرا 490 سيارة، واليابان 350 سيارة، وأسبانيا 300 سيارة. فلأجل أن يصل المعدل في العراق في عام 2010 إلى معدل 100 سيارة ركاب للألف نسمة من السكان سيحتاج في السنوات الست المقبلة إلى إضافة 350 ألف سيارة ركاب سنوياً، فضلاً عن إضافة نحو 50 ألف سيارة نقل سنوياً خلال الفترة المذكورة. إن السبب في الاكتظاظ والازدحام ليس ازدياد استيراد السيارات، بل هو قلة الطرق. إن متوسط كثافة الطرق في بلد ما يقاس بمجموع أطوال الطرق الرئيسية والثانوية منسوباً إلى مساحة البلاد الكلية. إن هذا المتوسط في العراق يبلغ 0.09 وهو مؤشر كثافة منخفضة جداً، مقارنة ببلدان عدة أخرى. فهو في اليابان 2.04 أي نحو 33.8 مرة بمقدار ما هو في العراق. وفي سنغافورة 4.71 أي نحو 52مرة عما هو في العراق. والمعدل في كوريا 0.85 وفي تايلاند 0.14 وبريطانيا 1.61 وإيطاليا 1.02 وفي البرازيل 0.24 وأميركا 0.64. نعم إن المعدل في كندا يساوي معدل العراق وهو 0.09 إلا انه لا سبيل للمقارنة، فكندا بلد شاسع والقسم الأكبر من أراضيها لم يمس بعد، ونسبة الكثافة السكانية فيها متدنية جداً، إنها شخص واحد للكيلومتر المربع، بينما الكثافة السكانية في العراق 61 شخصاً للكيلومتر المربع. إن مصدر المشكلة في العراق ليس في ازدياد استيراد السيارات. ولكن بزيادة بناء الطرق. فلأجل أن نحصل على كثافة طرق كتلك التي في البرازيل مثلاً وهو 0.24، ينبغي أن تتضاعف أطوال طرق العراق بمقدار2.7 مرة على أطوالها الحالية البالغة 40 ألف كيلومتر، بمعنى شق وبناء طرق رئيسية وثانوية إضافية جديدة بطول 68 ألف كيلومتر. علماً أن الطرق الحالية في العراق البالغ طولها الكلي 40 ألف كيلومتر استغرق بناؤها قرابة 80 سنة وهو عمر الدولة العراقية الحديثة. * خبير اقتصادي عراقي