يحاول المهندسون في أنحاء العالم التوصل إلى وقود بديل، في وقت يتوقع ان تنخفض احتياطات الوقود الأحفوري في العقود القليلة المقبلة. ولم تتوصل أي من شركات السيارات الكبرى إلى حل لهذه المشكلة بعد. ولكن تظل خلية الوقود التي تعمل بوقود الهيدروجين أو ما يعرف ب"الوقود البيولوجي" أحد الخيارات المطروحة. ومن الممكن أن يتمثل حل آخر في استخدام سيارات مزودة محركات هجينة، هي عبارة عن محركين مدمجين، يعمل أحدهما بالوقود التقليدي والآخر بطاقة الكهرباء أو الشمس. وشهد معرض ديترويت للسيارات بين 12 و23 كانون الثاني يناير الماضي عدداً متزايداً من هذه السيارات. وطرحت "جنرال موتورز" سيارة "أوبل أسترا" مزودة محركاً من هذا النوع وجاهزة للاستخدام كما عرضت "دايملر كرايسلر" سيارة "مرسيدس" من الفئة "إس" مزودة محركاً يعمل بالديزل وآخر يعمل بالكهرباء. خطط مستقبلية وتخطط "تويوتا" لطرح سيارة "لكزس هايبريد أر إكس 400 إتش" التي تعمل بمحرك هجين، كما اتفقت شركتا "جنرال موتورز" و"دايملر كرايسلر" على مشروع مشترك لتطوير تكنولوجيا المحركات الهجينة. ويقول مسؤول الأبحاث التسويقية في شركة "جاتو ديناميكس" نيك مارغتس إن منتجي السيارات على صواب عندما يقولون إن المحرك الهجين أكثر توفيراً للوقود. وذكرت "جنرال موتورز" إن استهلاك الوقود في المحرك الهجين في سيارة "أوبل أسترا" لا يزيد على أربعة لترات لكل مئة كيلومتر وهو ما يقل بنسبة 25 في المئة عن معدل الاستهلاك بالسيارة نفسها المزودة محركاً يعمل بالديزل. لكن تكنولوجيا المحركات الهجينة ليست أفضل حل بالنسبة الى سائقي السيارات. ويقول مارغتس "إن المسألة تتوقف على عادات القيادة، فإذا كنت أقود السيارة كثيراً داخل المدينة، تكون المحركات الهجينة أفضل، ولكن لو كنت أقود السيارة على الطرق السريعة، فإن المحركات التي تعمل بوقود الديزل ستكون مساوية في الأداء إن لم تكن أفضل". ويعتبر رئيس فرع شركة "جنرال موتورز" في أوروبا كارل بيتر فورستر أن المحركات الهجينة مجرد حل موقت، "وليست الحل النهائي". وتتسم تكنولوجيا المحركات الهجينة بأنها معقدة وباهظة الثمن وعلى المشتري دفع كلفتها. ويوضح فورستر: "السؤال الحاسم هو: ما هو المبلغ الذي يمكن أن يدفعه المستهلك لشراء محرك صديق للبيئة يوفر في استهلاك الوقود؟". ويضيف أن السوق في الماضي لم تكن تبدي استجابة كبيرة لمفاهيم استهلاك الوقود. ويختلف الخبراء في شأن الإمكانات التسويقية لتلك المحركات. ويقول فورستر إن استخدام الهيدروجين في خلايا الوقود مبشر بدرجة أكبر شرط التوصل إلى حلول لمشكلات التخزين والإنتاج والتسويق. لماذا الهيدروجين؟ ومن الأمور التي تجعل الهيدروجين مرغوباً، وجوده بكثرة على كوكب الأرض، إذ يحتل المرتبة الثالثة نتيجة وفرته بعد الأوكسيجين والسيليسيوم الرمل. لكن الهيدروجين عنصر شديد التبخر ولا يوجد منفرداً في الطبيعة بل مندمجاً مع عناصر أخرى، وتتطلب عملية فصله وعزله طاقة معينة، وفي حال القيام بتوليد الكهرباء انطلاقاً من الهيدروجين يمكن الحصول على بخار الماء كمادة متبقية، ما يعني أن هذه العملية صديقة للبيئة ولا تتسبّب بأي أذى. وعلى هذا الأساس يعتبر الهيدروجين بديلاً مهماً للوقود التقليدي الأحفوري وحلاً فاعلاً لمشكلات التلوث البيئي. لكن يجب صنع هذا الغاز وإنتاجه، وهذه العملية ليست من دون ثمن على صعيد استهلاك الطاقة. إنتاج الوقود الجديد في إمكاننا إنتاج الهيدروجين انطلاقاً من المشتقات النفطية بنزين، غاز طبيعي، ميثانول. وعملية الإنتاج لا تستهلك الكثير من الطاقة، لكن المشكلة تكمن في ظهور غاز ثاني أوكسيد الكربون كمادة متبقية ناتجة من هذه العملية، وما اختيار الهيدروجين وقوداً بديلاً إلا لتحاشي تكوّن هذا الأوكسيد وارتفاع نسبته في الغلاف الجوي. كذلك يمكن استخراج الهيدروجين من الماء بطريقة التحليل الكهربائي، ما يعني ضرورة وجود مصدر للطاقة الكهربائية. وهكذا تحتل مشكلة التلوث موقعاً متقدماً في رأس لائحة الاهتمامات. فكل شيء مرتبط بالوسيلة المتبعة لتوليد الكهرباء معامل حرارية تعمل بالفحم أو بالغاز، معامل ذرية، بواسطة الرياح أو السدود المائية. ويمكن وضع غاز الهيدروجين مخزوناً جاهزاً للاستعمال على متن السيارة، أو يمكن إنتاجه من طريق تحويل الميثانول على متن السيارة أيضاً. وفي "جنرال موتورز"، بحسب صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية الثلثاء الماضي، يعتبرون أن الطريقة الثانية غير عملية وعالية الكلفة وشديدة الاستهلاك للطاقة. وهم من مؤيدي فكرة إنشاء بنية تحتية تعمل على إنتاج الهيدروجين وتوزيعه على السيارات. أما عن كيفية ملء الخزانات، فهناك وسيلتان: الأولى تقضي بملء الخزانات تحت ضغط قوي، والثانية باستعمال الهيدروجين على شكل سائل على 253 درجة مئوية تحت الصفر. وبما أن تعبئة الهيدروجين السائل ليست سهلة من الناحية العملانية، لجأت "جنرال موتورز" إلى فكرة الهيدروجين المضغوط في انتظار التوصل إلى حل الهيدروجين الجامد الذي سيتأخر تحقيقه إلى زمن غير محدد حتى الآن.