عرضت الأسبوع الماضي الرسامة الفرنسية والنحاتة وأستاذة الفنون الجميلة في كليشي, أستروك، لوحاتها ومنحوتاتها في غاليري "فاليري أند آشلي" في بيروت. تلبس أعمالها ذاكرة بشرية وتولّفها ببطاقات جغرافية مقطعة، تختلط فيها الألوان، لتصبح شخصيات تعيش في عالم خاص. ترتكز رسومات أستروك الى الأشخاص والأفراد والوجوه. ترتبط تلك الأعمال بعلاقة خاصة مع الزمان والمكان، إذ تدعو أستروك شخصياتها إلى السفر داخل ذواتهم. فتتكلم الوجوه التي تختارها، عن حياتها وأسفارها. أشخاص وأفراد ووجوه مصنوعون من أوراق الصحف, الخرائط الجغرافية الدولية, النوتات الموسيقية... شخصيات نحيلة وطويلة، حدودها مرسومة باللون الأسود وملونة من الداخل بأوراق الجرائد والخرائط والأحمر والأزرق والأصفر. تعتمد هذه التحديدات على هدف اللوحة والقصة التي تريد إخبارها والمرحلة المزاجية التي كانت تمر بها الرسامة في مرحلة التنفيذ. مزاج هذه الشخصيات متقلب: منها ما هو ضائع كمنحوتة "الضائع" المؤلفة من وجه صغير يحمل فمه في مكان وأنفه في مكان آخر, ولوحة المرأة المتحركة التي تصور بأوجهها المختلفة: الحزين والغاضب والمتفاجئ والأحمق... عدد كبير من شخصيات استروك يعيش في عالمها الحقيقي: لوحة "أو آنا" وهو اسم طبيب نفسي فرنسي صديق. من جهة أخرى، تعتمد استروك على البحث والتحري عن التاريخ لتجسيده في الحاضر، فهي تعمل جاهدة على التفتيش عن الخرائط في مراكز السجلات وعن الوثائق القديمة. ذهبت أستروك إلى معهد العالم العربي في فرنسا وحملت معها خرائط لبنان القديمة إلى لبنان، واستخدمت تلك الخرائط عشية افتتاح المعرض، إذ نحتت تمثال الفينيق وزوجته مباشرة أمام الزوار، وأطلقت عليه أسم "الرجل الآتي من بعيد".