عززت النتائج الجزئية للانتخابات العراقية استعداد الزعماء الأكراد لدفع أجندتهم السياسية الطموحة التي سترسم المعارك السياسية في المرحلة المقبلة. ففي حال جاءت النتائج النهائية للانتخابات مماثلة لما يجري تداوله الآن من نسب وأرقام جزئية، سيكون الأكراد العلمانيون شريكاً انتخابياً ضرورياً، ما يضعهم في موقع يتيح لهم وضع حد لمحاولات الائتلاف الشيعي المتدين اقامة حكومة اسلامية. ويسعى الأكراد الذين جددوا مطالبتهم أول من أمس برئاسة الجمهورية لمرشحهم زعيم"الاتحاد الوطني الكردستاني"جلال طالباني، الى إدامة حكمهم الذاتي في شمال العراق، ما سيزيد التوتر مع الدول المجاورة المتخوفة من أي تحرك كردي باتجاه الاستقلال. ويعتبر الأميركيون منذ فترة طويلة الأكراد أقرب حلفائهم في العراق لأسباب عدة بينها انهم أقل تديناً من العرب. وفي وقت تتجه البلاد نحو تشكيل حكومة جديدة وكتابة دستور دائم للبلاد، سيجد الأميركيون أنفسهم يعتمدون على الأكراد ليشكلوا رقابة على السياسيين الاسلاميين المنتخبين. ولأن تشكيل حكومة جديدة يتطلب تصويتاً بنسبة الثلثين في الجمعية الوطنية المنتخبة وبسبب عدم فوز الشيعة على الأرجح بهذه النسبة من المقاعد، قد يصبح الأكراد شريكاً ائتلافياً أساسياً. وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أعلنت الاثنين الماضي أن الائتلاف الكردي حصل على 25 في المئة من الأصوات التي فرزت حتى الآن، أي حل في المرتبة الثانية بعد"الائتلاف العراقي الموحد"المدعوم من المرجع الشيعي علي السيستاني. وتشير النتائج المرجحة للانتخابات الى حصول الأكراد على خُمس مقاعد الجمعية الوطنية. وقد يتحالف الأكراد مع اللائحة الشيعية التي تتسم بطابع اسلامي محافظ، كما من الممكن أيضاً أن يتحالفوا مع لائحة"العراقية"العلمانية بزعامة رئيس الوزراء اياد علاوي الذي حصل على نسبة 13 في المئة من الأصوات. ويترك هذان الاحتمالان الأكراد في موقع يتيح لهم تقديم مطالب سياسية. ويقول برهم صالح نائب الرئيس العراقي من مكتبه في المنطقة الخضراء المحصنة أمنياً وسط بغداد:"انها لعبة مختلفة جداً وجديدة في هذا الجزء من العالم. سيكون هناك الكثير من المقايضات والتنازلات والأخذ والرد". وسيمنح منصب رئيس البلاد الأكراد سلطات واسعة في تعيين أعضاء رئيسيين في الحكومة المقبلة وعلى رأسهم رئيس الوزراء. كما سيعزز موقف الأكراد في الشرق الأوسط حيث تخشى حكومات تركيا وسورية وايران من أي تحرك باتجاه استقلال الأكراد في بلادهم. وستواجه طموحات الأكراد معارضة من السياسيين الساعين الى تعيين رئيس عربي سني لجذب أبناء هذه الطائفة باتجاه المشاركة في العملية السياسية، على رغم مقاطعتهم الانتخابات. ويعد الأكراد الذين يشكلون خُمس سكان العراق القوة الأكثر تنظيماً، ويملك ائتلافهم فرصة أقوى في التماسك في الجمعية الوطنية من"الائتلاف"الشيعي. ويقول صالح إن الأكراد يريدون الحفاظ على ميليشياتهم المعروفة ب"البيشمركة"كقوة مقاتلة تحرس منطقتهم في شمال البلاد. كما يدفع الأكراد باتجاه ضم مدينة كركوك الغنية بالنفط الى اقليم كردستان الخاضع لادارتهم المحلية. ويقول المسؤول الرفيع المستوى في"الحزب الديموقراطي الكردستاني"فرج الحيدري:"لا ننتظر أحداً ليعطينا حقوقنا، بل نأخذ حقوقنا بأنفسنا".