فككت قوات الاحتلال والشرطة الاسرائيلية امس، في اليوم الثاني من حملة الاخلاء القسري لمستوطني قطاع غزة، معظم"العقد"في مجمع مستوطنات"غوش قطيف"بعد أن زار رئيس اركان الجيش الاسرائيلي الجنرال دان حلوتس، وقائد ما يسمى المنطقة الجنوبية في الجيش الجنرال دان هرئيل"العقدة"الأكبر المتمثلة في مستوطنة"كفار داروم". وتم اخلاء نحو 70 في المئة من مستوطني القطاع، ونحو 30 في المئة من منازل المستوطنات الاحدى والعشرين. وواصل المستوطنون المتطرفون استعمال العنف لمقاومة الاخلاء، اذ ضرب احدهم جندياً اسرائيلياً بزجاجة فارغة، ما أدى الى اصابته بجروح في مستوطنة"شيرات هايام"على شاطئ بحر خان يونس، فيما هدد آخر باستخدام كل شيء متاح له لمقاومة الاخلاء. وزجت قوات الاحتلال بعشرات المجندات لاخلاء المستوطنات اليهوديات عنوة. وارتدت كل واحدة من المستوطنات بنطالاً حتى لا تظهر"عورتها"أثناء حملها او ارغامها على الاخلاء، وهو شيء محرم بالنسبة الى المتدينين اليهود. وأعلن رئيس الحكومة الاسرائيلية أمس ان عملية الاخلاء ستنتهي الاثنين المقبل، كما حض مستوطني القطاع على الانتقال للسكن في منطقة النقب، التي تقطنها غالبية فلسطينية بدوية. ومع انقضاء الخميس تكون معظم مستوطنات جنوب القطاع قد أخليت، من دون ان يبقى سوى"عقدة"أخرى هي مستوطنة"نتساريم"جنوب مدينة غزة. اما المستوطنات الثلاث الأخرى المتبقية الجاثمة فوق أراضي المواطنين شمال القطاع فربما يتم اخلاؤها مع"نتساريم"اليوم الجمعة في حلول ساعات قبل المساء قبل ان تبدأ عطلة السبت المقدسة لدى الدولة العبرية، وبالذات لدى المتدينين. وقالت مصادر محلية ل"الحياة"ان قوات الاحتلال أحضرت أمس جرافات الى مستوطنة"رفيح يام"و"موراغ"و"عتسمونا"غرب مدينة رفح التي تم اخلاؤها في وقت سابق، ووضعت هناك سواتر ترابية حول منازل المستوطنين التي من المتوقع الشروع في هدمها خلال الساعات او الايام القليلة المقبلة. وقالت مصادر صحافية اسرائيلية ان مستوطنين أحرقوا منزلين في مستوطنة"نفيه دكاليم"بناء على طلب العائلتين اللتين كانتا تقطنان فيهما وغادرتا في وقت سابق طوعاً. وأشارت الى ان جندياً احتياطياً من المشاركين في عملية الاخلاء رفض الانصياع للاوامر العسكرية القاضية بإخلاء مستوطني"كفار داروم"وستتخذ اجراءات انضباطية في حقه. وفي هذه المستوطنة هدمت قوات الاحتلال والشرطة خيمة اعتصام أقامها المستوطنون، فيما تحصن نحو 300 منهم في كنيس داخل المستوطنة، وعشرات آخرون فوق أسطح عدد من المنازل. وانتهى اخلاء بقية سكان المستوطنة بحلول ظهر أمس. كما تم اخلاء نحو 70 مستوطناً كانوا تحصنوا في مصنع لتغليف الخضار في المستوطنة. وقالت مصادر اسرائيلية ان قوات الاحتلال والشرطة اعتقلت نحو 646 مستوطناً متطرفاً منذ بدء عملية الاخلاء والاغلاق المفروض على قطاع غزة في وجه اليهود. وأضافت المصادر ان هؤلاء خالفوا أوامر هرئيل بحظر الدخول الى القطاع. وتم اطلاق نحو 600 منهم بشروط تقيد حركتهم وتمنعهم من العودة الى التسلل الى القطاع مرة أخرى. وعلى الجانب الآخر، بدا المشهد غير المرئي للفلسطينيين القاطنين في عدد من المناطق المحاذية للمستوطنات او بينها مأساوياً. وفي حين تركز وسائل الاعلام الاسرائيلية والعالمية على"معاناة"المستوطنين اليهود، وصراخهم وعويل نسائهم وهم"يُطردون"على ايدي اشقائهم اليهود، فان احداً لا يلتفت لمأساة نحو عشرة آلاف فلسطيني يقطنون في مناطق حولتها قوات الاحتلال الى جيوب او كانتونات صغيرة ومعزولة بين ثلاث مستوطنات في شمال القطاع ونحو 15 في"غوش قطيف"وقرب"كفار داروم"وسط القطاع. وكانت قوات الاحتلال فرضت قبل نحو اسبوع حصاراً مشدداً على هذه المناطق ومنعت الفلسطينيين من الخروج منها او الدخول اليها. ولم تسمح قوات الاحتلال للفلسطينيين بالتزود بالمؤن والطعام والشراب سوى قبل بدء الاغلاق، ولن تسمح لهم بالخروج او الدخول او التزود من جديد بالمؤن الا بعد انتهاء عملية الاخلاء. ويشكو المواطنون من نقص في الاطعمة الغذائية وحليب الأطفال واحياناً المياه، فضلاً عن الدواء، خصوصاً أن بعض المناطق لا يوجد فيها عيادات او مدارس أو خدمات أو حتى كهرباء أو هاتف مثل منطقة"السيفا"المحشورة بين مستوطنتي"ايلي سيناي"و"دوغيت"والتي باتت ليل الخميس - الجمعة بلا أضواء لليلة الرابعة على التوالي.