في خطوة لافتة وغير متوقعة طبقت الحكومة العراقية قرار رفع أسعار الوقود ثلاث مرات، ما أدى الى ردود فعل واسعة ترجمها الأهالي بتظاهرات احتجاجية. وناشد المرجع الشيعي آية الله محمد اليعقوبي رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري العدول عن القرار وحض الحكومة على عدم الرضوخ لشروط صندوق النقد والهيئات الاقتصادية الأخرى التي اشترطت رفع الدعم الحكومي عن الوقود وبطاقة التموين. وتظاهر المئات في الكوت 180 كلم جنوببغداد وأغلقوا الطرقات الرئيسة وسط المدينة، ومنعوا حركة السيارات، وطالبوا الحكومة بإلغاء قرار رفع الأسعار واصفينه ب"اللاإنساني". وخرج الآلاف في النجف في تظاهرات نددت بتطبيق قرار رفع الأسعار، وهاجم متظاهرون محطات بيع الوقود وقذفوا عمالها وموظفيها بالحجارة، واشار المتظاهرون الى ان حكومة الجعفري"لم تحقق شيئاً مفيداً وتقف عاجزة عن تحقيق مصالح الشعب". وفي تكريت، مسقط رأس الرئيس المخلوع صدام حسين، سادت حال الاستياء في الشارع من قرار رفع الأسعار، وقال صالح الأحمد ضابط في الشرطة ل"الحياة"ان الحكومة"لم تأل جهداً في استغلال ضعف الشعب وفرض مخططات خارجية وتمريرها عليه. وأصبحنا فريسة تجارب العالم الآخر". وزاد ان"هذا القرار دليل على عدم حرص السياسيين العراقيين على مصالح الناس". وأضاف ان الزيادة الجديدة"ستمثل عبئاً على الوضع المعيشي السيئ للمواطن خصوصاً شريحة الموظفين وأصحاب الدخل المحدود". وحذر انور بيرقدار، رئيس حزب"العدالة الاسلامي"التركماني في كركوك من خطورة قرار رفع الأسعار. وأوضح ان"هناك تسويات عدة يمكن سلوكها للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد"، وتابع ان"الضمانات التي تطالب بها دول نادي باريس وصندوق النقد الدولي فيها شيء من الغبن للشعب العراقي والضمانة الأساسية في إصلاح الاقتصاد العراقي تكمن في مدى المساعدة التي تقدمها هذه الدول في مجال التخطيط وبناء المؤسسات". من جانبه لم يستبعد الشيخ ابو سلام الساعدي، عضو مجلس إدارة محافظة البصرة من حزب الفضيلة الاسلامي ان تؤدي هذه"الخطوة غير المحسوبة الى خلق حالة من الاضطراب قد تؤدي الى تفجر الوضع الأمني". وأضاف ان اليعقوبي ناشد حكومة الجعفري"عدم الرضوخ لشروط صندوق النقد والتجمعات الاقتصادية الخاصة". وكانت الحكومة طبقت نظام أسعار جديداً للوقود فرفعت قيمة لتر البنزين من 50 الى 150 ديناراً عراقياً، أي 3.3 الى 10 سنتات وفتحت محطات لبيع البنزين بسعر تجاري حددته ب250 ديناراً عراقياً، أي 17 سنتا، وليتر زيت الغاز من 40 الى 90 ديناراً، والنفط الأبيض من 10 الى 25 ديناراً، وقنينة الغاز السائل من 250 الى 600 دينار. مصادر في وزارة النفط قالت ل"الحياة"ان الحكومة لا تزال تدعم اسعار الوقود"اذ يكلف استيراد ليتر البنزين اكثر من 800 دينار أي ما يعادل 55 سنتاً". وكان الناطق باسم الحكومة ليث كبة وصف في تصريح الى"الحياة"دعم الوقود والمواد الغذائية ب"تبديد للثروة"، وأضاف انه"على رغم ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية الا ان العراق بقي الخاسر الوحيد حيث يقوم بدعم الوقود بنسبة 3560 في المئة من سعر البيع للمستهلك، ناهيك عن دعم المواد الاخرى ما فتح الباب واسعاً امام ازدهار عمليات التهريب الى دول مجاورة". اما وزير النفط ابراهيم بحر العلوم فقال ان"الحكومة وافقت على رفع الاسعار على المنتوجات النفطية على ان يذهب فارق السعر الى صندوق الرعاية الاجتماعية الذي خصص له اكثر من 150 مليون دولار لرعاية العائلات الفقيرة ودفع مساعدات للعاطلين عن العمل بمعدل 30 مليون دولار شهرياً".