تشهد أفغانستان اليوم انتخابات نيابية وولائية يُفترض أن تُكرّس شرعية الحكم الجديد الذي خلف نظام حركة"طالبان"الذي أسقطه الأميركيون في حربهم ضد الإرهاب في تشرين الثاني نوفمبر 2001. وفي حين يُتوقع أن يكون يوم الاقتراع الذي يتنافس فيه أكثر من 5800 مرشح، هادئاً في معظم الولايات الشمالية والغربية حيث يتركز نفوذ مؤيدي الحكم الجديد، أعلنت الشرطة أن مسلحي"طالبان"كمنوا لقواتها في إقليم زابل في جنوب البلاد المضطرب، ما أسفر عن مقتل سبعة من المسلحين. وأعلن الجيش الأميركي أن مترجماً أفغانياً لقي حتفه، وأصيب اثنان من عناصره في إقليم غروزني قرب قندهار، بعدما انفجرت عبوة ناسفة في السيارة التي كانت تقلهم. راجع ص10 ويأتي ذلك بينما اعتقلت قوات الأمن 20 مسلحاً خلال محاولتهم وضع متفجرات كادت تتسبب في سقوط عدد من الضحايا في جنوب البلاد. وشاركت قوات التحالف والجيش الأفغاني في العملية المشتركة ضد المسلحين في دينة كجاجي دام في ولاية هلمند. وشدّدت القوات الباكستانية الإجراءات الأمنية على طول الحدود الطويلة مع أفغانستان لمنع تسلل المقاتلين. واتخذت اجراءات امنية استثنائية لضمان أمن الانتخابات يشارك فيها عشرات الآلاف من قوات الجيش والشرطة الافغانيين والقوات الاميركية وقوات حلف شمال الاطلسي. وتوقع ديبلوماسي بارز في الحلف حصول الرئيس حميد كارزاي على غالبية مؤيدة له في الغرفة الأولى للبرلمان لويا جيرغا ? 249 مقعداً، لكن كيفية توزيع هذه الغالبية على الولايات لا تبدو واضحة بعد. ولفت مصدر غربي آخر إلى أنه حتى معارضي كارزاي الذين سيصلون إلى البرلمان لن يكونوا معارضين لكل سياساته، خصوصاً ما يتعلق منها بالمسائل الأساسية مثل مكافحة الإرهاب والتعامل مع مؤيدي حركة"طالبان". وسيكون لافتاً أيضاً في اقتراع اليوم الذي يشارك فيه 12.5 مليون ناخب، أداء التكتلات الحزبية الأفغانية التقليدية، خصوصاً في مناطق نفوذها. فرغم أن الغالبية العظمى من المرشحين مستقلون، إلا أن بعضهم اختار دخول المنافسة تحت عباءة حزبية على رغم انه في النهاية ولو فاز سيكون مستقلاً، بحسب ما ينص قانون الانتخابات. وسيكون من اللافت حجم الأصوات التي سيحصل عليها هؤلاء"الحزبيون"مقارنة مع المستقلين، خصوصاً في ولايات الشمال مثل بلخ مزار الشريف وقندوز وسامنغان وتاخار وبغلان وبادخشان وجوزجان، وحتى في بانشير شمال كابول ووردك غربها. وللأحزاب الأفغانية التقليدية نفوذ كبير في هذه الولايات، مثل الجمعية الإسلامية بقيادة برهان الدين رباني بانشير وولايات الشمال الطاجيكي، وحزب"جمبش الإسلامي"الذي كان يقوده زعيم الحرب السابق عبدالرشيد دوستم قبل استقالته من منصبه الحزبي لتولي منصبه العسكري الحالي في قيادة أركان الجيش، والذي يعتمد على أصوات الأوزبك في ولايات الشمال، وحزب الوحدة الإسلامي الذي يعتمد على أصوات الهزارة غرب كابول باميان صعوداً إلى بلخ. ولا يُعرف أيضاً كيف سيكون أداء مؤيدي"أسد هيرات"إسماعيل خان في هذه الولاية المحاذية للحدود الإيرانية، خصوصاً أن نفوذ مؤيديه الطاجيك ضعف أخيراً فيها في حين ازداد نفوذ الباشتون. ولا تبدو الصورة في ولايات الجنوب والجنوب الشرقي أوضح. لكن يُتوقع ان يُحقق مرشحون باشتون مؤيدون لكارزاي غالبية في هذه الولايات المحافظة جداً والمعروفة بأنها من معاقل"طالبان". وينظر مراقبون باهتمام إلى النتيجة التي سيحققها وزير خارجية"طالبان"السابق وكيل أحمد متوكل المرشح في قندهار، إذ أن فوزه قد يفتح الباب أمام دور أكبر لمؤيدي الحركة المعتدلين في الانضمام إلى الساحة السياسية. وقال مصدر غربي ل"الحياة"ان الوضع الأمني في المدينة لا يزال خطراً وان مناصري"طالبان"ينشطون في كثير من مناطقها. وأضاف انه لا يعطي الأجنبي أكثر من 15 دقيقة للبقاء حياً إذا دخل من دون حراسة أمنية بعض معاقل"طالبان"في قندهار، ثاني أكبر مدن البلاد. وستكون أمام البرلمان الأفغاني الجديد تحديات واسعة، أبرزها مساعدة حكومة الرئيس في تثبيت أركان الدولة ومؤسساتها، وإنعاش اقتصاد يعتمد في ما لا يقل عن 80 في المئة منه على عائدات تجارة المخدرات، واستكمال تجريد الميليشيات المسلحة من أسلحتها، ومواصلة الحرب على خلايا"طالبان"و"القاعدة"و"الحزب الإسلامي"حكمتيار، وبناء القدرات الأمنية الذاتية الجيش والشرطة الوطنيين.