سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" تعبر الحدود المصرية قبل اغلاقها : الفلسطينيون أتوا على الطعام والأسماك ولم يجدوا مكاناً للنوم . العريش شهدت طفرة اقتصادية لثلاثة أيام ولم تحتمل "الطوفان البشري" من الغزيين
"يوم الطوفان البشري" ... "يوم الحشر" ... "يوم انتشار الجراد". أسماء وتعليقات كثيرة أطلقها الفلسطينيون والمصريون على الأيام الثلاثة الأولى من فتح الحدود بين قطاع غزة ومصر، وما تخلل ذلك من عبور آلاف المواطنين من الجانبين بهدف لم الشمل او التجارة او حب الاستطلاع. راجع ص5 و6 قال مصطفى ل"الحياة":"مشهد لم أر مثيله طوال سنوات عمري الثلاثة والاربعين"، مضيفاً:"لم أر في حياتي قط هذا العدد الهائل من المركبات الخصوصية والعامة تشكل صفيْن متراصيْن، أحدهما يبدأ في مدينة غزة وينتهي في مدينة رفح الحدودية، والآخر يبدأ في رفح وينتهي في غزة". وكان آلاف الفلسطينيين اجتازوا الحدود الى مدينة العريش، عاصمة صحراء سيناء، بعد ساعات قليلة من الانسحاب من القطاع فجر الاثنين الماضي. وتكرر المشهد ايام الثلثاء والاربعاء وبدرجات أقل يومي الخميس والجمعة قبل أن تتصدى قوات الأمن الفلسطينية والمصرية لعمليات التسلل، ما ادى الى جرح ستة فلسطينيين، بينهم 4 رجال أمن امس. اجتاح الفلسطينيون مدينة العريش فأتوا على الاطعمة والمشروبات فيها لدرجة أن سكانها لم يجدوا ما يأكلونه في الايام الثلاثة الاولى، فالمدينة الكبيرة مساحة والصغيرة لجهة عدد السكان، فوجئت في اليوم الأول بأكثر من 100 ألف فلسطيني لم تستطع تلبية طلباتهم من الطعام والشراب وأماكن النوم او حتى المواصلات. ووصف العرايشية نسبة الى سكان المدينة الاصليين الفلسطينيين الزائرين بأنهم كالجراد الذي أتى على الأخضر واليابس، لكنهم رحبوا بهذا الجراد ايّما ترحيب، فمدينتهم شهدت طفرة اقتصادية لم تشهدها في تاريخها. ونقل مصدر فلسطيني عن تاجر مبيعات بالجملة في المدينة أن مبيعاته بلغت نحو 45 مليون جنيه مصري خلال الايام الثلاثة الاولى، أي ما يعادل سبعة ملايين دولار. وعلق سائق تاكسي عرايشي على هذه الحالة بالقول انه لو استمر دخول الفلسطينيين الى العريش شهراً واحداً لأصبح الفقير غنياً فيها. لكنه قال ل"الحياة"إن هناك مشكلة في هذه المدينة الصغيرة، وهي أن المواطنين العاديين سيضطرون لشراء بعض حاجاتهم من مدن اخرى مثل القنيطرة الغربية وقناة السويس التي تبعد عن العريش نحو 170 كيلومتراً، لأن هذه الحاجات اختفت منها. وتبدد حلم بعض الفلسطينيين وعائلاتهم بتناول وجبة أسماك طازجة في المدينة التي تشتهر بأسماك مثل"الجرع"و"الدنيس"و"السلطان إبراهيم"، وذلك بعدما استهلك الفلسطينيون الذين سبقوهم في الوصول الى المدينة معظمها، في حين نقل آخرون بقية الأسماك الى القطاع حيث الربح الوفير جراء فارق السعر بين المنطقتين. هذه كانت حال حامد وزوجته وأولاده الستة الذين لم يجدوا طعاما يتناولونه في المدينة فقرروا العودة الى غزة جوعى. ولم يقتصر رُخص الأسعار على الاسماك، بل فكل السلع في العريش ورفح المصرية أرخص بكثير منها في القطاع، لذا اشترى الفلسطينيون السجائر والأجبان ومعلبات اللحوم وسمك التونا وبنادق الصيد والعجوة وغيرها الكثير من السلع والمنتجات. وواجه الفلسطينيون مشكلة أخرى في العريش تمثلت في عدم قدرة المدينة على توفير اماكن نوم او غرف فندقية او شقق صغيرة شاليهات على شاطئ بحر المدينة التي تشهد موسماً سياحياً جيداً عادة في فصل الصيف. وارتفعت اسعار أجرة"الشاليهات"الى أرقام خيالية ان وجدت، فيما قفزت أسعار المواصلات من مدينة رفح المصرية الى العريش من ثلاثة جنيهات مصرية للمسافر الواحد الى 30 جنيهاً واحياناً أكثر من ذلك، هذا بعد أن يكون المسافر قد سار مشياً على الاقدام كيلومترات عدة تصل احياناً الى خمسة كيلومترات على جانبي الحدود بسبب الازدحام الشديد غير المسبوق. المشهد نفسه تقريباً تكرر في قطاع غزة مع المصريين، فالفلسطيينون رفعوا اجرة المواصلات من سبعة شواكل دولار ونصف الدولار الى 30 شيكلاً للمسافر الواحد من مدينة رفح الفلسطينية الى مدينة غزة. وشوهد آلاف العرايشية والرفحيين المصريين يشترون آلاف البطانيات وأدوات زراعية، وتناولوا ساندويشات الحمص والفلافل التي يشتهر بها القطاع، الى جانب الحلويات الشامية والكنافة النابلسية الشهيرة... وطبعاً اشتروا التفاح الذي يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد منه في القطاع نحو جنيهين ونصف الجنيه، فيما يزيد سعره عن أربعة اضعاف هذا السعر في العريش.