عرض الرئيس المصري حسني مبارك كمرشح للحزب الوطني الحاكم أمس، برنامجه الانتخابي الذي سيخوض على أساسه الانتخابات المقرر اجراؤها في السابع من أيلول سبتمبر المقبل. وذكّر مبارك بانجازات اعتبر أنها تحققت في فترة حكمه منذ عام 1981، قائلاً:"سأعمل جاهداً لكسب ثقة كل واحد منكم وتأييده، أبناء شعبنا في كفور مصر ونجوعها، في قراها ومدنها، كي نكون معاً في قلب المرحلة المقبلة من مسيرتنا ... هل نتقدم الى الأمام لنبني على ما حققناه، أم نتردد ونقف مكاننا، هل نقتحم المستقبل الذي ينتظرنا، أن نسلك طرقاً تتقهقر بنا الى الوراء، إن هذه الخيارات التي باتت مطروحة امام كل فرد منكم، هي المغزى الحقيقي لتعديل المادة 76 من الدستور وللقوانين السياسية المكملة". ووصف مبارك المرحلة المقبلة من تاريخ مصر بأنها"انتقالية"، وقال إنها"تضعنا أمام مفترق طرق، فستحدد نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة أي طريق نسلك، أصواتكم هي التي تحدد معالم الغد الذي نصنعه لأبنائنا وأحفادنا، تحدد الطريق الذي نسكله، والقيادة التي تثقون في صدقيتها وقدرتها على العبور بنا الى المستقبل". ثم عرض انجازاته قائلاً:"معنا استكملنا تحرير كل شبر من أرضنا. عادت مصر لتتبوأ مكانتها في الصف العربي، ورفضنا الضغوط التي تحاول النيل من سيادتنا. ومعاً خضنا معركة مع الارهاب، ولا نزال، وأقمنا علاقات متميزة مع محيطنا الاقليمي والدولي مكنتنا من اسقاط نصف مديونيتنا الخارجية، وحافظنا على السلام بعيداً عن مغامرات تقامر بأبناء مصر ومستقبل الوطن. ومعاً نجحنا في اقامة بنية اساسية جديدة ومتطورة، وشبكات حديثة للطرق والمواصلات والاتصالات، شيّدنا 22 تجمعاً عمرانياً جديداً. ووفّرنا أكثر من 9 ملايين فرصة عمل لشبابنا، وتضاعف انتاجنا من الكهرباء لنحو السبع مرات. وتضاعفت السياحة الوافدة بنحو الثمانية أضعاف، وزدنا الرقعة الزراعية بأكثر من مليوني فدان، ولدينا الآن 20 مليون طالب في التعليم الجامعي وقبل الجامعي، و35 ألف مدرسة وأكثر من 500 من الكليات والمعاهد. وامتدت شبكة التأمين الصحي لتغطي اكثر من 36.5 مليون مواطن وشبكة التأمينات الاجتماعية لتغطي اكثر من 18 مليون مواطن، فضلاً عن 9 ملايين أسرة يغطيها نظام المعاشات والضمان الاجتماعي، وخفضنا الضرائب العامة الى النصف، وتمسكنا بحماية محدودي الدخل، فحافظنا على الدعم السلعي ودعم المواد البترولية والكهرباء، وعملنا على تعظيم حقوق المرأة المصرية. وأنشأنا محاكم الأسرة، وحققنا المساواة بين الأب والأم في منح الجنسية الى أبنائها، وتوسعنا في المناصب القضائية للمرأة، بما في ذلك تعيين أول قاضية في المحكمة الدستورية. ونجحنا في تحقيق كل ذلك وغيره، مع زيادة سكانية بلغت ما يقرب من 30 مليوناً خلال العقدين الماضيين. وأرسينا الدعائم اللازمة لتعزيز مسيرتنا الديموقراطية، وأطر مؤسساتية وقانونية تراقب احترام الدستور من خلال المحكمة الدستورية العليا، وتكفل استقلال القضاء وسيادة القانون، وتعزز التعددية الحزبية والمشاركة السياسية، وتحمي الحقوق والحريات المدنية، وتعلي حقوق الانسان، وتفسح الطريق امام صحافة حرة تتمتع بحرية التعبير عن كل التيارات السياسية"، ثم أضاف"لا يعني ذلك أن طموحاتنا قد تحققت، أو أن مشكلاتنا قد انتهت، بل على العكس، فالمرحلة المقبلة تمثل خطوة هامة لمواصلة مسيرتنا، طموحات لا يزال علينا أن نحققها، مشكلات نسعى للتغلب عليها، وتحديات نعمل يداً بيد على مواجهتها، نبني على ما حققناه ونستكمله". ورأى أن المرحلة المقبلة"تتطلب ما هو أكثر من الكلام والوعود"، وقال"لا يكفي أن نتحدث عن الديموقراطية والحريات لكي تتحقق، الكلام لا يتيح فرصة عمل، لا يبني مصنعاً او مدرسة او مستشفى، الوعود لا تحل مشكلة الاسكان أو المواصلات أو الدروس الخصوصية، لا تجد علاجاً سحرياً لمشاكل الاجور والاسعار وأرباب المعاشات وسكان العشوائيات، الكلام والوعود لا تهزم الارهاب، لا تحقق الاستقرار، لا تضمن الحفاظ على أمن مصر القومي والمصالح العليا للوطن". وتابع أن"نتائج الانتخابات المقبلة لن يحددها الكلام أو الوعود، سيحسم ابناء الشعب خياراتهم وفق رؤية يقتنعون بها، تتعامل مع مشاكلهم وتتجاوب مع طموحاتهم المشروعة. رؤية تعي حجم هذه المشاكل وتطرح برامج مدروسة وحلولاً واقعية للتغلب عليها. برامج واضحة المعالم تحدد التمويل اللازم لها والاطار الزمني للانتهاء منها. من السهل الحديث عن المشاكل وتوجيه الانتقادات. الصعب هو طرح السياسات والبرامج لحلها، والأصعب هو توافر الارداة والقدرة على التنفيذ". وحدد مبارك خطوات الاصلاح السياسي التي تعهد بتحقيقها قائلاً:"عهدي أمامكم يبدأ بخطوات محددة وطموحة لمواصلة مسيرة الاصلاح السياسي، نبني على تعديل المادة 76 من الدستور بمزيد من الاصلاحات الدستورية. نستكمل بها بناء النظام الديموقراطي الذي نحلم به. اصلاحات دستورية ترسخ حريات المواطن وتدعم حياتنا الحزبية، وتطور أمن الاطار المؤسسي لاتخاذ القرار وصنع السياسات العامة، وتضع الضوابط على ممارسة السلطة التنفيذية لصلاحياتها. واصلاحات تضمن تعزيز دور البرلمان في مراقبة ومساءلة الحكومة، تضمن حداً أدنى لمقاعد المرأة بالبرلمان، وتضمن تبني النظام الانتخابي الأمثل الذي يكفل زيادة فرص تمثيل الأحزاب في البرلمان، وتضمن تعزيز الصلاحيات التنفيذية والرقابية للمحليات ودعم اللامركزية في أدائها، وتضمن تعزيز استقلال القضاء، وتبني التعديلات التشريعية لقانون السلطة القضائية، وتضمن الغاء نظام المدعى العام الاشتراكي، وما يستتبعه ذلك من إلغاء محكمة القيم بعد ان تجاوزت المرحلة الحالية هذه النظم، وتضمن تبني قانون جديد للارهاب كبديل تشريعي لمكافحة هذا التهديد دون الحاجة للعمل بقانون الطوارئ، واصلاحات دستورية نستكملها بتحديث تشريعاتنا الحاكمة، بما يعزز من فاعلية مسار العدالة وتطبيق القانون، ويدعم الحريات العامة من خلال اجراءات محددة منها مراجعة قواعد واجراءات الحبس الاحتياطي. واصلاحات نستكملها بخطوات تعزز من حرية الرأي والتعبير، وتوسع من مشاركة المجتمع المدني في وسائل الاعلام المرئي والمسموع، وتضع التشريعات التي تكفل الافصاح عن المعلومات وتداولها، وخطوات تطوير الاليات والمؤسسات اللازمة لتنظيم نشاط الاعلام، وخطوات تطور من اداء المؤسسات الصحافية القومية". واختتم مبارك خطابه قائلاً:"هذه هي تعهداتي، تعهدات أثق أنها ستعبر بنا الى مستقبل جديد لنا ولأجيالنا القادمة"، انها رحلة عبور تنقلنا الى غد أفضل نتطلع اليه ونحلم به. رحلة ستعترضها اخطار كثيرة تستهدف النيل من أمن هذا الوطن واستقراره. رأينا جميعاً كيف انقلبت الموازين الاقليمية من حولنا، رأينا كيف تبدلت الاوضاع الدولية على نحو فرض علينا أن نجاري عالماً سريع التغير".