انتهى المؤتمر السنوي للحزب الوطني الحاكم في مصر، كما كان متوقعاً، من دون أن تشهد تركيبته القيادية أي تغييرات. فالحزب يواجه تحدياً مهماً يتمثل في الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، والتغييرات المتوقعة ستأتي بعدها وربما في ضوء نتائجها. وقد أقر بهذا التحدي الانتخابي الرئيس حسني مبارك في كلمته، أمس، حين أكد أن تلك الانتخابات تلقي على الحزب ورموزه مسؤولية كبرى. وكان السيد جمال مبارك، نجل الرئيس المصري، سبق والده الى تأكيد قدرة الحزب على مواجهة تحدي الانتخابات البرلمانية في كلمته أمام المؤتمر أول من أمس. لكن أروقة المؤتمر والفعاليات التي جرت فيه رسمت صورة أكثر وضوحاً للمستقبل، إذ بدا جلياً ان نجم الحرس القديم في الحزب بدأ في الأفول وان فترة الولاية الخامسة لمبارك ستشهد دفعاً بالجيل الذي يقوده ابنه جمال الى صدارة المسؤولية داخل الحزب والحكومة خصوصاً في ظل تحركات مكثقة لقوى المعارضة السياسية التي تتجه نحو الائتلاف لمواجهة"الوطني"في الانتخابات. كما أن مساحة الحرية التي تحققت في الشهور الماضية اثبتت قدرة المعارضة على استغلالها لتوسيع نشاطها والتأثير سلباً على الحزب الحاكم. وأكد الرئيس مبارك ان أمام"الوطني"تحدياً جديداً في الانتخابات البرلمانية المقبلة للحصول على ثقة الناخبين وأصواتهم و"هو ما يفرض مسؤولية على قيادات الحزب وقواعده وكوادره على مختلف المستويات". وقال مبارك في كلمته في الجلسة الختامية للمؤتمر إن مواجهة هذا التحدي وتحقيق ذلك الهدف وتحمل المسؤولية"يقتضي التحرك الفاعل على محورين أساسيين"، الأول"يتركز في ضرورة إدارة الحزب لمعركته الانتخابية بأداء فاعل ومخطط يدعم ويساند مرشحيه، وهو أداء يرقى الى المستوى الرفيع الذي أدار به الحزب حملة الانتخابات الرئاسية"، والثاني"يرتكز على ضرورة توجيه الحزب رسالة الى الناخبين تتعامل مع شواغلهم وهمومهم ومشاكلهم وتتبنى طموحاتهم وآمالهم، ولقد أبلى الحزب بلاءً حسناً في الانتخابات الرئاسية". واعتبر أن الحملة الانتخابية ونتائج الانتخابات أكدتا حيوية هذا الحزب، وفعالية مؤسساته وهياكله وآلياته. وقال:"إن ما أحرزه الحزب من نجاح في الانتخابات الرئاسية، لا يمثل نهاية الطريق، إننا على أبواب انتخابات تشريعية بالغة الأهمية، تعزز مسيرة الإصلاح السياسي، وتنتقل بنا لواقع جديد، انتخابات تحسم نتائجها أصوات الناخبين، وتحدد إرادة الشعب معالم البرلمان الجديد الذي تسفر عنه، إن هذه الانتخابات تلقي علينا جميعاً مسؤولية كبرى، فستأتي بمجلس الشعب الذي نعمل معه خلال المرحلة المقبلة، مجلس قوي وفاعل تتطلبه هذه المرحلة، ينهض بمسؤولياته ويفي بمتطلباتها". وأكد عزمه العمل مع البرلمان المقبل في تشكيله الجديد، ليحقق الاصلاحات الدستورية والتشريعية التي تضمنها برنامجه الانتخابي. وأضاف:"ان ثقتي من دون حدود في وعي قواعد الحزب وكوادره بأهمية الانتخابات المقبلة، كما أثق بأن استعداد الحزب لخوضها، سيرقى لمستوى أدائه الرفيع خلال الانتخابات الرئاسية الماضية". وتابع:"سنمضي في تطوير الحزب بفكر جديد ورؤية متطورة، سنواصل ترسيخ احترامه والتعامل معه كمؤسسة حزبية تعلو على أي قيادة أو فرد، مؤسسة سياسية تمتلك برنامجاً للعمل الوطني وتسعى الى الحصول على الغالبية كي تتمكن من تنفيذه. ان الأولوية القصوى هي لبرنامج الحزب، ومصلحته الأكيدة في تنفيذه ... علينا جميعاً أن نسعى كي ينجح الحزب في ذلك، وان نسلم بأن الحزب لا يأتي أولاً، فالحزب باقٍ والافراد زائلون". وقال مبارك:"كما وعدت قبل الانتخابات الرئاسية فإن الانتخابات التشريعية المقبلة ستكون بدورها حرة ونزيهة، ستتم تحت إشراف لجنة الانتخابات، وقضاء مصر المستقل". وتعهد مبارك مجدداً بالمضي في سياسة التطوير. وقال:"سنبدأ بأنفسنا داخل الحزب الوطني، سنمضي في تطوير بنياننا وهياكلنا التنظيمية وآلياتنا، والارتقاء بمستوى اداء قواعدنا وكوادرنا الحزبية، وسنعتمد الكفاءة والقدرة على العطاء معياراً لتولي المواقع القيادية في الحزب، وسندفع بدماء جديدة من الشباب ليزيدوا من حيويته وفعاليته". وأقر الحزب"الوطني"أمس نظاماً جديداً لاختيار مرشحيه للانتخابات البرلمانية. وقال الأمين العام للحزب السيد صفوت الشريف إن المكتب السياسي وافق على الأسلوب الذي يطبق لأول مرة بتشكيل جديد للمجمع الانتخابي وخطة تحرك للانتخابات تحت اسم"برلمان المستقبل". وأضاف ان الرئيس مبارك الذي ترأس الاجتماع"شدد على أهمية اختيار أفضل القيادات لخوض الانتخابات طبقاً لمعايير محايدة تُعلي مصلحة الحزب فوق طموحات الفرد". كما أكد"ضرورة الالتزام بالدستور والقانون في إدارة الحزب لحملته، بما يعزز ثقة الشعب في المشاركة وصدقية ما يطرحه من سياسات".