في العام 1990 سجلت احصاءات منظمة الصحة العالمية في دفاترها ما يقارب ال1.7 مليون كسر في عنق الفخذ وهذا الرقم سيقفز بحلول العام 2005 الى 6.3 مليون كسر، 75 في المئة منها ستقع في العالم الثالث، من هو المسؤول؟ انه مرض هشاشة العظام. ومرض هشاشة العظام اصبح وباء عالمياً هوايته المفضلة ضرب النساء. فمن بين 100 امرأة هناك اربعون منهن يعانين من المرض الى درجة ان منظمة الصحة العالمية جعلته واحداً من الاولويات على جدول اهتماماتها وخصصت له يوماً عالمياً للفت الانظار اليه ووضع التشخيص المبكر وعلاجه قبل فوات الاوان، أي قبل وقوع الاختلاطات المقعدة المتمثلة في الكسور وتهشيم الفقرات. وهشاشة العظم تعني هبوط واضح في كثافة العظام فتقل عدد المسامات فيها ويكبر حجمها فتغدو العظام هشة ضعيفة لينة قابلة للكسر بمنتهى السهولة، وهذا المرض لا يحدث بين ليلة وضحاها بل على مدى سنوات، وبناء على ذلك فهو يتظاهر بأحد شكلين: الاول صامت ومخادع يسبب آلاماً بسيطة في الفقرات الظهرية ويتم تشخيصه بالأشعة. اما الشكل الآخر فهو الاخطر اذ يفصح عن نفسه بالكسور العفوية في الاطراف والفقرات ومن الشائع التعرف الى المرض من خلال نقص الطول نتيجة تهشم الفقرات. ان مرض هشاشة العظام شائع عند النساء وبخاصة اللواتي قطعن سن اليأس اذ تزداد وتيرة ضياع الكتلة العظمية على مدى 3 الى 5 سنوات لتخف بعدها، وهذا التسارع في فقدان الكتلة العظمية يعود الى تراجع افراز هرمون الانوثة الاستروجين. ان الثروة العظمية أي الرصيد العظمي يتم بناؤها باكراً لتبلغ اوجها في سن المراهقة والشباب، ومن ثم تبدأ بعدها بالضياع تدريجاً لتصل الى الذروة في سن اليأس. من هنا اهمية بناء الثروة العظمية في فترة المراهقة والنمو والشباب، اذ كلما كان بناء هذه الثروة جيداً قل خطر التعرض لهشاشة العظام. والوقاية من مرض هشاشة العظام تبدأ مبكراً أي منذ الطفولة والمراهقة والشباب وذلك بتزويد الجسم بما يلزمه من الكلس الضروري لتعمير الثروة العظمية، والشيء اللافت اليوم ان غالبية الجنس اللطيف لا يأخذن كفايتهن من الكلس والتي تتأرجح ما بين ال1000 و1500 ملغ، اذ ان اهتمامهن ينصب على شيء آخر هو محيط الخصر والقد المياس!!!ولكي يستفيد الجسم من الكلس فهو بأمس الحاجة الى الفيتامين"د"الذي يساعد على امتصاصه من الامعاء وعلى تثبيته في العظام. ان امتصاص الفيتامين"د"من الطعام يقل ويتدهور مع التقدم في السن من هنا التركيز على تعريض الجسم كفاية الى الشمس لتمكين الجلد من تصنيع الفيتامين د. والى جانب الكلس والفيتامين"د"هناك معدن البوتاسيوم الذي اوضح البحاثة ان له اهميته في الوقاية من هشاشة العظام من خلال حفاظه على الكتلة العظمية، فالمعروف عن النساء انهن يكثرن من اكل الملح وهذه العادة ضارة للغاية وخصوصاً في سن اليأس اذ يعمل الملح على استنزاف المعادن من الجسم بهروبها عبر البول وبخاصة معدن الكلس، ودور عنصر البوتاسيوم هنا هو انه يفوت الفرصة على الملح ويمنعه من تحقيق مآربه. أخيراً لكي تكتمل حلقة الوقاية من هشاشة العظام، عليك يا سيدتي ان تبتعدي عن حياة الخمول والكسل لأنها تساهم في ضياع الكتلة العظمية اما التمارين الرياضية المستمرة كالمشي والسباحة وركوب الدراجة... فهي تحافظ على الثروة المعدنية للعظام. كما يجب الابتعاد عن التدخين لأنه يسرع من وتيرة ارتشاف العظام، وعدم المبالغة في شرب القهوة فالدراسات كشفت بعض العلاقة ما بين شرب القهوة بكثرة وزيادة خطر الاصابة بهشاشة العظام لأنها تحرض على هروب الكلس عبر البول...