اتخذ الخط الحواري، في اليوم الثاني ل"اللقاء الوطني الخامس للحوار الفكري"الذي ينظم حالياً في مدينة أبها، منحى مختلفاً، وذلك بعدما خفت حدة تناول أطرافه قضايا تتعلق بالطائفية والتعددية، واتسع الجدل حول مسألة الولاء والبراء، وأفرط بعض الإسلاميين في استخدام عبارة"الجهل"كتهمة مبطنة لبعض الطروحات التي قدمت في الحوار. وشهدت الجلسة الأولى من اللقاء، التي تناولت محور"صياغة رؤية وطنية للتعامل مع الآخر"، طرح نوعيات مختلفة من الأفكار والتصورات التي اعتبرت أنها وسيلة جيدة لصهر الجفاء مع الآخر، وذلك بالسماح للأجانب بالدراسة في الجامعات السعودية، عن طريق الابتعاث وفتح باب السياحة الداخلية، ومحاولة استقطاب ودعوة الأسماء الإعلامية الأجنبية البارزة إلى زيارة السعودية، للخروج بتصور مختلف وجديد، يستطيعون من خلاله تقديم المجتمع من دون استجداء النمطية السائدة. وفي الجلسة الثانية، تناول الحوار مناقشة تلك الرؤية، ومدى ملاءمة تطبيقها على الواقع، وتسربت كلمة"جاهل"عبر إحدى مداخلات المتحاورين من الإسلاميين، وقوبل ذلك بامتعاض من بعض المشاركين لم يدم طويلاً، وعلل احد المشاركين ذلك بأنه نتيجة طبيعية للانفتاح الحواري، وأن الخوض في المسائل الدينية وتفكيك بعض الظواهر لم يعد حكراً على فئة معينة من أفراد المجتمع. وعند عودة المتحاورين إلى مقاعدهم للمرة الثالثة، حدث انقسام بين المشاركين في تعريف مسألة الولاء والبراء، حتى على مستوى الإسلاميين أنفسهم، اذ ذهب بعضهم إلى تعريف ذلك بأنه"التبري كلياً من غير المسلمين وبغض النظر عن دينهم"، فيما اتفق آخرون على أنه"بغض الدين دون شخصنة ذلك"، وتداخل معهم بعض المحسوبين على الوسط الليبرالي، بأن ساقوا تعريفاً مغايراً بعض الشيء، عندما ذهبوا إلى أن مصطلح"البغض"لم يرد في مسألة"البراء". وشهدت الجلسة الصباحية الأخيرة احتجاجاً صريحاً على صيغة"عناصر الرؤية الأولية الوطنية للتعامل مع الثقافات العالمية"، وذهب أحد المشاركين إلى أن الصيغة مثقلة بالمصطلحات الدينية، وبعض المصطلحات التي وصفها بأنها"خلافية حزبية مدسوسة". إلى ذلك، حصلت"الحياة"على مسودة أولية للرؤية في مسألة"نحن والآخر"، التي ستصدر اليوم عن"اللقاء الوطني الخامس للحوار الفكري"، وتتضمن المسودة خمسة محاور"لكيفية التعامل مع الآخر"هي: منطلقات إسلامية عامة، وكيفية التعامل الثقافي، والتعامل الاجتماعي، والتعامل الاقتصادي، إضافة إلى التعامل السياسي مع الدول والشعوب الأخرى. يتضمن المحور الأول الذي يطلق عليه"منطلقات إسلامية عامة"خمسة بنود، أولها يدعو إلى الثبات على ما تضمنه الإسلام من أسس إيمانية وقواطع شرعية، وعدم قبول ما يتناقض معها. وهناك توضيح لمفهوم"الولاء"، على أنه"رابطة حب وتناصر نتبادلها مع المسلمين وفق قيم الإسلام"، أما مفهوم"البراء"فعُرف على أنه الابتعاد عما عده الإسلام كفراً وضلالاً،"وعدم التعاون مع أهله على ذلك، لكن ذلك لا يعني ظلمهم الآخرين أو التعدي على مصالحهم، أو عدم التعاون معهم في المشاريع العادلة". كما عرف"الجهاد"على أنه"بذل الجهد في تحقيق الخير ودفع النفس أو الشيطان أو المعتدين"، باعتبار أن"علاقة المسلمين بغيرهم هي السلم، أما الحرب فهي حال طارئة".