يستطيع المراقب العادي لأداء التلفزيون السوري ان يرصد بسهولة مدى الارتباك الذي يتعرض له اثناء تغطيته الأحداث والاخبار العاجلة او الطارئة سواء كانت محلية او عربية او عالمية. حتى بات هذا الارتباك صفة ملازمة للاعلام المتلفز السوري. وما ان يحاول مجاراة القنوات الفضائية الاخرى في تغطية الحدث او السبق الصحافي، حتى يقع مرة اخرى في فخ الارتباك، الذي لم يكن ظاهرة جديدة في الاعلام المرئي وانما قديمة وتتضح اكثر في ظل ظروف العمل الرسمي والقوالب الاعلامية الجاهزة ووجود رقابة صارمة داخل التلفزيون تشكل عائقاً امام انطلاقة اعلام عصري جديد وتشل العمل الاعلامي وتهدد طاقاته وكوادره. فالتلفزيون السوري يريد من جهة مسايرة الاعلام العالمي في تغطية الخبر العولمي، ان صح التعبير باعتبار ان كل البشر يشتركون فيه، ومن جهة اخرى له دورة برامجية وأجندة معينة لها اوقات بث محددة. والاهم من ذلك هناك الجمهور، العنصر الفاعل الذي له الحكم في هذه المسألة او تلك والمطلوب ايضاً ارضاؤه. التخبط الاعلامي واللامهنية في التعامل مع الاحداث العاجلة كانا ظاهرين للجمهور ايام سقوط بغداد، وكأن ادارة التلفزيون كانت تنتظر جهة ما ربما القيادة السياسية للتدخل وتخليصها من الموقف الحرج الذي وضعت فيه. كذلك كان الامر بالنسبة الى حادثة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ثم بدا هذا الارتباك واضحاً وجلياً عندما ظهر تقرير ميليس للعلن كذلك كان الأمر بالنسبة الى انه تزامن مع شهر رمضان الذي يقلب التلفزيون رأساً على عقب، لأن هناك برامج ومسابقات كلفت الملايين بعضها برعاية شركات ومؤسسات خاصة وكذلك بوجود مسلسلات لجهات خاصة وأخرى حكومية اضافة الى حجم الاعلانات العائد الى التلفزيون في هذا الشهر. ويضاف الى هذا اسلوب التلفزيون في التعامل مع الخبر في بادئ الامر تعاملاً ادى الى تحويله من مادة قيمة الى مادة مائعة ورسالة مملة ومكررة بعكس ما يحدث لدى قنوات"الجزيرة"وپ"العربية"او حتى MBC وپ"أبو ظبي"التي تحول الخبر الى"حدث مشوق"وپ"جذاب". والانكى من ذلك عدم التنسيق بين محرري الاخبار والمذيعين والفنيين والشريط الاخباري في اسفل الشاشة في حادثة انتحار وزير الداخلية غازي كنعان خير دليل. من الطبيعي والمنطقي في حال الاحداث والاخبار الاستثنائية ان يكون الفريق الاخباري متمتعاً بالمرونة والجاهزية بحيث يكيف ادواته مع الخبر العاجل من دون احداث تبدلات او اهتزازات في الدورة البرامجية العادية، اما في حال التلفزيون السوري فالوضع مختلف تماماً.