لولا الإحصاءات التي أجرتها أخيراً شركة أميركية على الأطفال البدينين في البلاد، لما اكتشفت منظمات التغذية سوء التنظيم الغذائي الذي يعيشه أطفال أميركا، وأجبرت عدداً من المدارس على اتباع التوعية الصحية الغذائية في منهاجها السنوي. وفي وقت تعدّ البحوث الاجتماعية من أكثر الوسائل استخداماً لدراسة السلوك الاجتماعي والعوامل المؤثرة في هذا السلوك ودوافعه وذلك بغية الوصول إلى حقيقة تفسّره موضوعياً بقصد وضع القوانين العلمية، وتعميمها للإفادة من إيجابيات هذه الحقائق والتحذير من سلبياتها، فإن علم الإحصاء فن وعلم في الوقت نفسه، إذ يعتمد على الأساليب الحديثة لجمع المعلومات الرقمية في طريقة أفضل وأسهل وعرضها بالأسلوب الأوضح والأدق. فيقوم الاختصاصي في هذا المجال بالاستطلاعات وجمع المعلومات، ثم يتم تحليلها واستخراج الاستنتاجات المطلوبة للقيام بدراسات معينة غالباً ما تختص بالاقتصاد والهندسة والصحة العامة والتسويق والشؤون البشرية والحكومية والاجتماعية والزراعية، كما يعرفها كتاب"المستقبل من اختيارك"الصادر أخيراً عن مؤسسة رفيق الحريري. وإذا كان هذا الاختصاص يتطلب من صاحبه أن يتسلّح بالميل العلمي والقدرة على الاستنتاج، ومعرفة التعامل مع الأرقام والجداول والرسوم البيانية، فإن سرعة البديهة والذكاء والقدرة على التحليل والتمتع بأسلوب جيد في الكلام تبقى العنصر الأساس. إذ غالباً ما يحاول الشخص الخاضع لأسئلة الباحث واستماراته ان يعطي إجابات غير دقيقة، تتماشى مع وضع اجتماعي أو اقتصادي أو ثقافي يرفض الكشف عن حقيقته والغور في تفاصيله. لذا تشترط هذه المهنة على صاحبها أن يطلع على التفاصيل الصغيرة التي يعيشها مجتمعه. ويعتمد الأختصاصيون في مجال الإحصاءات على وسائل كثيرة، أهمها أخذ العينات واختبارها. ف"لتكوين استنتاج معين، يقوم هؤلاء باختيار جزء أو عينة من المجموع العام الذي تقام عليه الدراسة، على أن يكون هذا الجزء يمثل أو يحتوي على الخصائص الشاملة للمجموعة، ثم يقررون أين وكيف يتم اختيار هذه العينة وحجمها ونوعها، إذ يجب أن تكون لديها الصدقية الكافية وتمثل جميع الأطراف. عندها تتم كتابة الاستمارات وتحضير التعليمات اللازمة للعاملين الذين سيقومون بالاستفتاء". وفي سوق العمل يلعب الإحصاء دوراً كبيراً في المجال الصناعي، إذ يسهم في تحسين نوعية المنتجات وتطويرها. كما يستطيع طالب الإحصاء أن يوظف جهوده في قطاعات الدولة والوزارات، خصوصاً وزارات المال والاقتصاد والتجارة والسياحة والصناعة فضلاً عن التعليم في مدارس أو معاهد مهنية أو جامعات، والعمل في مراكز الأبحاث والدراسات والشركات الخاصة بالإحصاءات. ويعمل موظف الإحصاء في المصارف وشركات التأمين والتجارة وإدارة الأعمال والمحاسبة. ومن الجامعات التي تقدم هذا الاختصاص في العالم العربي، نشير، على سبيل المثال لا الحصر، إلى الجامعة اللبنانية www.ul.edu.lb، جامعة الملك عبدالعزيز السعودية www.kau.edu.sa، وجامعة الكويت www.kuniv.edu.kw.