لم يصبح من خيار امام سورية الا ان تواجه العالم اليوم حيث ينعقد مجلس الامن الدولي على مستوى وزراء خارجية الدول الاعضاء في المجلس. وسيكون امام وزراء الخارجية، في مجلس الامن، مشروع قرار ظل محافظاً على عناصره القوية والاساسية رغم التعديلات الطفيفة التي ادخلت عليه منذ طرحه الاسبوع الماضي على مجلس الامن من قبل الولاياتالمتحدة وفرنسا وبتأييد من بريطانيا. مشروع القرار يطالب سورية باعتقال المسؤولين او الاشخاص السوريين الذين تعتبرهم لجنة ميليس مشتبهاً في تورطهم في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وجعلهم متاحين بالكامل ومن دون شروط للتحقيق معهم من قبل اللجنة. كما يقرر المشروع بأن على سورية السماح للجنة الدولية بمقابلة المسؤولين او غيرهم من الاشخاص السوريين الذين ترى اللجنة انهم ذو اهمية للتحقيق معهم وان من صلاحية اللجنة تحديد الكيفية والمكان لاستجوابهم. ويؤكد مشروع القرار على الفقرات المتعلقة بتجميد اموال المشتبه بهم من قبل لجنة ميليس وحث كافة الدول باتخاذ الاجراءات الضرورية لمنع هؤلاء من الدخول او الخروج من أراضيها الا في حال ان يكون الاشخاص المشتبه بهم من رعايا دولة وموجودين على أراضيها إذ يتحتم عليها ان تضمن اتاحة هؤلاء الاشخاص للمقابلة مع اللجنة الدولية متى ما قررت اللجنة ذلك. وحافظ مشروع القرار الامريكي - الفرنسي على تهديده لسورية بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية مالم تتعاون تعاوناً كاملاً مع لجنة ميليس وذلك بموجب الفصل (41) من ميثاق الاممالمتحدة وهو التهديد الذي ابدت حياله كل من روسيا والصين والجزائر تحفظات جعلت تصويتها على مشروع القرار غير معروف رغم ان احتمالات استخدام حق النقض «الفيتو» الذي تتمتع به كل من روسيا والصين امر غير وارد اذ ستلجأ الدولتان الى الامتناع عن التصويت بدلاً من نقض مشروع القرار لان لدى كل من الدولتين، ايضاً تحفظات بخصوص التعامل السوري مع لجنة ميليس. من جهة أخرى يصل اليوم (الاثنين) وزير الخارجية السوري فاروق الشرع إلى نيويورك لحضور الجلسة التى سيعقدها مجلس الامن الدولى، وأعلنت الوكالة السورية للأنباء بأن الشرع سيجري لقاءات مع عدد من وزراء خارجية الدول الاعضاء فى مجلس الامن ومع السيد (كوفى عنان) الامين العام للامم المتحدة، وكانت سورية كثفت من نشاطها الدبلوماسي قبيل انعقاد الجلسة التي سيعقدها مجلس الأمن الدولي كما أنها عملت على استباق نقاشات المجلس واتخذت عدة خطوات من شأنها تطويق الحصار الذي تسعى الولاياتالمتحدة فرضه عليها حيث أصدر الرئيس السوري مرسوماً يشكل بموجبه لجنة قضائية خاصة للتحقيق مع مسؤولين ومدنيين سوريين في جريمة اغتيال رفيق الحريري كما تم إيفاد نائب وزير الخارجية وليد المعلم في جولة خليجية بدأت من المملكة العربية السعودية لوضع خادم الحرمين الملك عبد الله في صورة الموقف السوري من تقرير ميليس وما تعتزم القيام به من إجراءات وقد وصف المراقبون زيارة المعلم للمملكة وتسليم الملك عبدالله رسالة من الرئيس السوري بداية ناجحة لمواجهة التحديات التي تتعرض لها سورية وإحياء للمثلث السوري السعودي المصري علما أن الرئيس المصري قام بزيارة مفاجئة لسورية بحث خلالها آخر التطورات في المنطقة في ظل تقرير ميليس. ويعتبر المحللون السياسيون التحرك السوري الدبلوماسي المكثف هو محاولة لاستغلال الثلاثة أشهر التي منحها كوفي أنان لميليس لاستكمال تحقيقاته منوهين إلى أن أعلان سورية استعدادها الكامل للتعاون مع ا للجنة بالرغم من تخوفها من تسييس التقرير لا يعني أنها أدركت بأن ما جاء بالتقرير أكيد وموثق بل لإيمانها من أن عدم التعاون سيستغل لاتهامها على الرغم من البراءة التي أعلنها الرئيس السوري بشار الأسد خلال لقائه مع محطة cnn عندما قال (بما معناه) بأن سورية بريئة مائة بالمائة من دم الحريري وإذا ثبت تورط سوري فإنه سيعتبر خائناً. هذا ويرى الساسة بأن السياسة السورية الحالية هي مغامرة إلا أن الكثيرين يعتقدون بأن سورية على حق وما يحدث ليس له علاقة بمسألة اغتيال الحريري مشددين بأن دمه يستخدم كورقة لتحقيق مصالح أمريكية في المنطقة واستهداف مواقف سورية أصبحت تشكل عائقا لمخططاتها الهادفة إلى إعادة ترتيب المنطقة مشددين على أن مسألة اتهام سورية بدم الحريري شكلية أما الحقيقة فتتعلق بعدم تعاون سورية في إيجاد عراق حسب التفصيلة الأمريكية، إضافة إلى دفع سورية إلى عملية سلام ناقصة بشروط إسرائيلية جديدة. من ناحية أخرى اعرب نائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم امس الاحد في تصريحات صحفية في الدوحة عن مخاوفه من صدور قرار «خطير» ينص على استخدام القوة «ظلما» ضد سورية يمكن ان يتخذه مجلس الامن الدولي الذي يجتمع اليوم في نيويورك. وقال المعلم في مستهل زيارة لقطر ضمن جولة خليجية «بعض اوساط مجلس الامن تحاول ان تجعل منه محكمة لتطبيق الفصل السابع على سورية ظلما». ويتيح الفصل السابع من ميثاق الاممالمتحدة اللجوء للقوة لاجبار الجهة المدانة على الامتثال لقرارات مجلس الامن. ووصف المعلم القرار المتوقع ان يصدر عن مجلس الامن ب «الخطير». واوضح «هذا قرار خطير جرى التحضير له قبل شهر من صدور تقرير (ديتلف) ميليس (رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رفيق الحريري) وذلك من خلال اجتماعات في باريس ولندن وواشنطن». الى ذلك اكد وزير العدل السوري محمد الغفري امس الاحد ان قرار سورية تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري يؤكد «حرص سورية على التعاون» مع لجنة التحقيق الدولية للوصول الى الحقيقة. وقال الغفري في تصريحات نشرتها صحيفة «تشرين» الحكومية ان «سورية بريئة من هذه الجريمة وهي على استعداد لملاحقة اي سوري يثبت بالدليل القاطع علاقته بها وتقديمه ايضا الى المحاكمة». واضاف ان «هذه اللجنة ستتعاون مع لجنة التحقيق الدولية ومع السلطات القضائية اللبنانية (...) وستساهم مساهمة فعالة وجدية في الوصول الى الحقيقة التي هي في مصلحة سورية».