1 إعراب القرآن تحدث حاجي خليفة في كتاب كشف الظنون عن علم إعراب القرآن، فقال:"وهو من فروع علم التفسير على ما في مفتاح السعادة، لكنه في الحقيقة هو من علم النحو، وعدّه عِلماً مستقلاً ليس كما ينبغي، وكذا سائر ما ذكره السيوطي في الإتقان من الأنواع، فإنه عدَّ علوماً كما سبق في المقدمة، ثم ذكر ما يجب على المعرب مراعاته من الأمور التي ينبغي أن تجعل مقدمة لكتاب إعراب القرآن، ولكنه أراد تكثير العلوم والفوائد، وهذا النوع أفرده بالتصنيف جماعة منهم: الإمام أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني، المتوفى سنة ثمان وأربعين ومائتين/ 862م، وأبو مروان عبد الملك بن حبيب المالكي القرطبي، المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائتين/ 853م، وأبو العباس محمد بن يزيد المعروف بالمبرد النحوي، المتوفى سنة ست وثمانين ومائتين/ 899م، وأبو العباس أحمد بن يحيى، الشهير بثعلب النحوي، المتوفى سنة إحدى وتسعين ومائتين/ 904م، وأبو جعفر محمد بن أحمد بن النحاس النحوي، المتوفى سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة/ 949م، وأبو عبد الله حسين بن أحمد المعروف بابن خالويه النحوي، المتوفى سنة سبعين وثلاثمائة/ 980م. وكتابه في إعراب ثلاثين سورة من الطارق إلى آخر القرآن، والفاتحة بشرح أصول كل حرف، وتلخيص فروعه، والشيخ الإمام مكي بن أبي طالب القيسي النحوي المتوفى سنة سبع وثلاثين وأربعمائة/ 1045م.. وكتابه في المشكل خاصة، وأبو طاهر إسماعيل بن خلف الصقلي النحوي، المتوفى سنة خمس وخمسين وأربعمائة/ 1063م، وكتبه في تسع مجلدات، والشيخ أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي، المتوفى سنة اثنتين وخمسمائة/ 1108م، في أربع مجلدات، وأبو الحسن علي بن إبراهيم الحوفي النحوي سنة اثنتين وستين وخمسمائة/ 1166م، وكتابه أوضحها، وهو في عشر مجلدات، والشيخ أبو البركات عبد الرحمن بن أبي سعيد محمد الأنباري النحوي، المتوفى سنة 577ه/ 1181م، وسماه البيان، والإمام الحافظ، قوام السنة، أبو القاسم، إسماعيل بن محمد الأصفهاني، المتوفى سنة خمس وثلاثين وخمسمائة/ 1141م، وأبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري النحوي المتوفى سنة ست عشرة وستمائة/ 1219م، وكتابه أشهرها، وسماه التبيان. ومنجب الدين، حسين بن أبي العز الهمداني، المتوفى سنة ثلاث وأربعين وستمائة/ 1245م، وكتابه تصنيف متوسط لا بأس به، والشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي الشافعي، المتوفى سنة تسع وعشرين وستمائة/ 1232م، وكتابه في إعراب الفاتحة، والشيخ إسحاق بن محمود بن حمزة تلميذ بن الملك، جمع إعراب الجزء الأخير من القرآن، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد السفاقسي المتوفى سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة/ 1342م، وكتابه أحسن منه، وهو في مجلدات، سماه المجيد في إعراب القرآن المجيد.. ذكر فيه البحر المحيط لشيخه أبي حيان، ومدحه، ثم قال: لكنه سلك سبيل المفسرين في الجمع بين التفسير والإعراب، فتفرق فيه المقصود، فاستخار في تلخيصه، وجمع ما بقي في كتاب أبي البقاء من إعرابه لكونه كتاباً قد عكف الناس عليه، فضمه إليه بعلامة"الميم"، وأورد ما كان له بكلمة"قلتُ"ولما كان كتاباً كبير الحجم في مجلدات لخصه الشيخ محمد بن سليمان الصرخدي الشافعي"وصرخد السورية في جبل الدروز تسمى حاليا صلخد"المتوفى سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة/ 1390م، واعترض عليه في مواضع. والشيخ أحمد بن محمد بن رمضان الرومي، القاضي الحنفي. الشهير بنشانجي زاده، المتوفى سنة ست وثمانين وتسعمائة/ 1578م، كتب إلى الأعراف، ومن الكتب المصنفة في إعراب القرآن، تحفة الأقران فيما قرئ بالتثليث من القرآن. 2 الدُّرُّ المصون قال حاجي خليفة في كشف الظنون: وأما كتاب الشيخ شهاب الدين أحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي المتوفى سنة ست وخمسين وسبعمائة/ 1355م، فهو مع اشتماله على غيره أجلُّ ما صُنِّفَ فيه لأنه جمع العلوم الخمسة: الإعراب، والتصريف، واللغة، والمعاني، والبيان، ولذلك قال السيوطي في الإتقان:"هو مشتمل على حشو وتطويل، لخصه السفاقسي فجوده. انتهى. وهو وهمٌ من السيوطي لأن السفاقسي ما لخص إعرابه منه، بل من البحر المحيط كما عرفت، والسمين لخصه أيضاً من البحر في حياة شيخه أبي حيان، وناقشه فيه كثيراً، وسماه الدر المصون في علم الكتاب المكنون، أوَّلُه: الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب الخ.. وفرغ عنه في أواسط رجب سنة أربع وثلاثين وسبعمائة/ 1334م. قلتُ: ومخطوطة السمين بخط يده موجودة في مكتبة السليمانية في إسطنبول، وقد حقق كتاب الدر المصون، الدكتور أحمد الخراط، ونشر دار القلم، بدمشق،الطبعة الأولى سنة 1411ه 1990-1991م. 3 فائدة يضيف حاجي خليفة في كشف الظنون: قال تقي الدين في طبقاته:"إن المولى الفاضل علي بن أمر الله، المعروف بابن الحنائي قنالي زاده، القاضي بالشام، حضر مرة درس الشيخ العلامة بدر الدين الغزي لما ختم في الجامع الأموي من التفسير الذي صنفه، وجري فيه بينهما أبحاث منها اعتراضات السمين على شيخه أبي حيان الأندلسي، فقال الشيخ: إن أكثرها غير وارد. وقال المولى علي: والذي في اعتقادي، إن أكثرها وارد وأصرَّا على ذلك، ثم أن المذكور كشف عن ترجمة السمين، فرأى أن الحافظ ابن حجر وافقه فيه حيث قال في الدرر: صنف في حياة شيخه، وناقشه فيه مناقشات كثيرة غالبها جيدة، فكتب إلى الشيخ أبياتاً يسأله أن يكتب ما عثر الشهاب من أبحاثه، فاستخرج عشرة منها، ورجّح فيها كلام أبي حيان، وزيف اعتراضات السمين عليها، وسماه بالدر الثمين في المناقشة بين أبي حيان والسمين، وأرسلها إلى القاضي، فلما وقف عليها انتصر للمسلمين، ورجح كلامه على كلام أبي حيان، وأجاب عن اعتراضات الشيخ بدر الدين، وردَّ كلامه في رسالة كبيرة، وقف عليها علماء الشام، ورجَّحوا كتابته على كتابة البدر، وأقروا له بالفضل والتقدم. 4 السمين الحلبي تباينت الإشارت المرجعية لدى المؤلفين حول السمين الحلبي، وخلط بعضهم بينه وبين ابن السمين، فهذا الباباني يقول في هدية العارفين:"ابن السمين الحلبي: أحمد بن يوسف بن عبد الدائم بن محمد، شهاب الدين، السمين الحلبي الشافعي، نزيل مصر، توفي سنة 756 ست وخمسين وسبعمائة / 1355م، له من التصانيف: الدر المصون في علم الكتاب المكنون في تفسير القرآن، شرح تسهيل الفوائد لابن مالك في النحو، العقد النضيد في شرح القصيد، أعني: حرز الأماني للشساطبي. عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ. القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز، وغير ذلك". ويكنى السمين بكنية شهاب الدين"أبو العباس"شأنه شأن الكثيرين من الذين يسمون باسم أحمد. والسمين الحلبي، مفسر، عالم بالعربية والقراءات. شافعي المذهب، وقد رحل من حلب إلى القدس والخليل والحجاز، واستقرَّ واشتهر في مدينة القاهرة. وأخطأ الزركلي في كتاب الأعلام حينما قال من مؤلفاته:"شرح الشاطبية"في القراآت، قال ابن الجوزي: لم يُسبق الى مثله"وهذه مغالطة لأن الإمام ابن الجوزي توفى سنة 597ه، واستشهد يوسف بن الجوزي سنة 656 ه/ 1258م، ومات سبط ابن الجوزي سنة 654 ه، فكيف علَّق هؤلاء على كتاب السمين بعد موتهم؟. 5 تزكية السمين قال ابن حجر العسقلاني في كتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة:"أحمد بن يوسف بن عبد الدائم بن محمد الحلبي، شهاب الدين، المقري، النحوي، نزيل القاهرة، تعانى النحو، فمهر فيه، ولازم أبا حيان إلى أن فاق أقرانه، وأخذ القراءات عن التقي الصائغ، ومهر فيها، وسمع الحديث من يونس الدبوسي وغيره، ووُلّي تصدير القراءة بجامع ابن طولون، وأعاد بالشافعي، وناب في الحكم، وولّي الأوقاف، وله تفسير القرآن في عشرين مجلدة، رأيته بخطه. والإعراب سماه: الدر المصون في ثلاثة أسفار بخطه، صنّفه في حياة شيخه، وناقشه فيه مناقشات كثيرة غالبها جيدة، وجمع كتاباً في أحكام القرآن، وشرح التسهيل، والشاطبية، قال الأسنوي في الطبقات: كان فقيهاً بارعاً في النحو والقراآت، ويتكلم في الأصول، خيّراً أديباً. مات في جمادى الآخرة، وقيل في شعبان سنة 756/ 1355م. وعزّز أقوال ابن حجر السيوطي في كتاب حسن المحاضرة في أخبار مصر و القاهرة، وأكد هذه المعلومات المقريزي في كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك، وحدد يوم وفاته في عاشر جمادى الآخرة، وأضاف أنه وُلِّىَ نظر الأوقاف، وصنف تفسير القرآن فأطال فيه جداً حتى جاء في عشرين سفراً كباراً، وصنف إعراب القرآن، وشرح التسهيل والشاطبية. وكان فقيهاً بارعاً في النحو والتفسير وعلم القراءات، وتكلم في علم الأصول، وكان خيراً ديناً. 6 السمين بين التأييد والمعارضة ذكر النجم الغزي ترجمة علي بن إسرافيل قِنَاْلِيْ زاده"ابن الحنَّائي، وقِنا تعني: الحناء"، في كتاب الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة، فقال: علي بن إسرافيل الإمام العلامة الأوحد المفنن الفهامة، علي جلبي، قنالي زاده، أحد الموالي الرومية المشهورين بالعلم والفضيلة. اشتغل في العلم على جماعة، واتصل آخراً بخدمة ابن كمال باشا، ودرَّس بإحدى المدارس الثماني، وولي قضاء دمشق، فدخلها في غرة ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين بتقديم السين وتسعمائة/ 1563م، ولم يتأخر عن السلام عليه أحد إلا شيخ الإسلام الوالد لأنه انقطع عن التردد إلى القضاة وغيرهم، والشيخ علاء الدين بن عماد الدين، فإنه كان مريضاً مرض الموت، فبادر القاضي إلى زيارة الشيخ الوالد في بيته، وعيادة الشيخ علاء الدين، ومات الشيخ علاء الدين بعد أيام، فحضر جنازته، وترحم عليه، ثم قرأ على الشيخ الوالد في الحديث، وأخذ عنه، وكان بينهما مطارحات، وكان عالماً متبحراً يميل إلى الأدب والشعر، ولعله أحسن علماء الروم شعراً، وكان يعتقد الشيخ شهاب الدين الطيبي، وأخذ عنه، واستكتب بعض مؤلفاته، وبقي بدمشق قاضياً نحو أربع سنوات، ثم عزل عنها، وأعطي قضاء مصر في ذي القعدة سنة أربع وسبعين وتسعمائة/ 1567م بعد وفاة السلطان سليمان القانوني، وتسلطن الخليفة سليم الثاني، ثم أعطي قضاء أدرنة التركية، ثم إسلام بول إسطنبول، ثم قضاء العسكريين آناطولي والروملي، ثم تقاعد عنه مقبلاً على مطالعة الكتب، والنظر في العلوم، وألف حاشية على حاشية حسن جلبي على شرح المواقف، وحاشية على حاشية شرح التحرير للسيد الشريف، وحاشية على شرح الدرر. ومات قنالي زادة ابن الحنائي بعلة النقرس"داء الملوك"في سنة تسع وسبعين بتأخير السين في الأول، وتقديمها في الثاني وتسعمائة/ 1571م، رحمه الله تعالى. ومن شعره ما أنشده شيخَ الإسلام الوالد بدر الدين الغزي: أرى مِن صدغِك الْمِعوَّج دالاً ولكن نُقِّطَتْ مِن مِسْك خالك فأصبح دالُهُ بالنَّقطِ ذالاً فها أنا هالكٌ مِن أجل ذلِك فأنشده شيخ الإسلام الوالد الغزي: إذا أصبحتَ مُهتماًّ بِمَالِكْ وحالُكَ من صُروفِ الدَّهر حَالِكْ فلا يخطُرْ سِوى خير بِبالِكْ لعلَّ الله يُحدِثُ بعد ذلِكْ