فرضت الصحافة الالكترونية نفسها بقوة في سورية ، وبدت خلال أقل من ثلاثة أعوام من نشأتها إحدى وسائل الإعلام الأهم في ظل هامش الحرية الشاسع الذي تتحرك فيه والشكاوى المتزايدة لدى السوريين من ضعف اعلامهم الرسمي . وفيما يحتشد الفضاء الالكتروني بمواقع إخبارية وحوارية سياسية كثيرة ك"سيريا نيوز" و"شام برس"و"الرأي"و"الحوار المتمدن"و"سورية الغد"ونشرة" كلنا شركاء" التي توزع على مجموعة كبيرة من المشتركين فإن عدداً قليلاً من هذه أضحت مصدراً رئيساً للمعلومات حول الشأن السوري ومواقع لإبداء أراء في كل ما يكتب وبجرأة غير معهودة في التعليق على الأحداث وتناول سلوكيات شخصية عامة وتصرفاتها. تعتمد تلك المواقع على تجميع مواد ومقالات نشرت في مختلف الصحف والمجلات العربية أو ملخصات برامج ولقاءات تلفزيونية ومذاعة تتناول الشؤون السورية بكل جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية... فيما يقوم"سيريا نيوز"، احد أكثرها شهرة ، أيضاً بترجمة مقالات عن الصحف البريطانية والأميركية وتتناول الموضوعات الساخنة كالضغوط الأميركية على سورية وملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانتحار وزير الداخلية غازي كنعان وصولاً الى المصاعب الاقتصادية واستشراء الفساد .. پ هامش حرية أوسع پهامش الحرية وتجميع كم كبير من المقالات يشكلان الأرضية الأساسية لحجم الإقبال على تلك المواقع، اذ يصل عدد متصفحي الموضوع الاساسي في"سيريا نيوز"الى نحو 10 آلاف فيما يتجاوز عدد الصفحات المقروءة 100 ألف صفحة يومياً، ويرى رئيس تحرير الموقع المهندس نضال معلوف إن الهامش الذي يتحرك فيه الموقع واسع والضوابط الموجودة هي ذاتية في الدرجة الأولى وغير مفروضة من أحد ويشمل ذلك نشر المقالات والتعليقات عليها وهنا لا يوجد أي تقييد عدا ما يتعلق منها بالجانب المهني وما يخل بالآداب العامة أو إثارة النعرات... وهذه السياسة التي تتيح نشر كثير من المقالات الناقدة تخلق في الوقت ذاته نوعاً من الانزعاج لدى بعض الجهات الرسمية. ويشير معلوف الى أنه يتلقى أحياناً ملاحظات على الاثار الضارة والسلبية لبعض المواد كما أن كثيراً من الشخصيات الرسمية تحاول التقرب من الموقع إلا أن الإدارة تحاول دوماً الابتعاد عن أي علاقة قد تحد من حجم الحرية التي تعمل عليه، ويضيف:"جوابنا أن الغاية من النشر هي أن يعرف السوريون ماذا يكتب عنهم في الخارج في ظل هذا الجو العام المحيط بالمنطقة عموماً". وفي المقابل أدى تجاوز نشرة" كلنا شركاء" التي يصدرها المهندس أيمن عبدالنور للخطوط الحمر ورفع سقف الحريات الى حجب الموقع في شباط فبراير 2004 ولاحقاً الى حجب الرسائل الالكترونية المرسلة ما أضطره الى تغيير العناوين البريدية التي يرسل منها النشرة لأكثر من 40 مرة . وعلى رغم اقتصار النشرة على المشتركين فقط وعدم تمتعها بميزات الموقع الإخباري إلا أنها أطلقت كما يقول عبدالنور بعد سقوط بغداد كي تكون منصة للحوار بين السوريين على مختلف شرائحهم وتنظيماتهم السياسية ومدارسهم الاقتصادية. وأضاف إن النشرة وجدت من اجل مناقشة التحديات والظروف القاسية التي تلت احتلال العراق وتطورت بعد أن لاقت رواجاً كبيراً وقبولاً لدى السوريين في الداخل والخارج حيث يصل عدد المشتركين الى 16 ألفاً في قائمة المراسلات ويقوم كثير منهم بإعادة تحويلها الى كثير من أصدقائه ليصل عدد قرائها وفقاً لدراسة إحصائية الى نحو 70 ألفاً. پ إمكانات متفاوتة تتباين المواقع والنشرات الالكترونية في شكل حاد من حيث إمكاناتها وإخراجها وطريقة تقديم موادها. وفيما تنفرد"شام برس"التي يشرف عليها الإعلامي علي جمالو بنشرة أخرى بالإنكليزية وتنشر أخبارها ومقالاتها في الموقع العربي بشكل بسيط يتضمن عنوان المادة وكاتبه والى جوارها عدد القراءات مع اعتماد تسلسل زمني للأخبار، فإن موقعاً آخر ك"الرأي"المقرب من حزب الشعب الديموقراطي السوري يأخذ صبغة الجريدة الالكترونية مع المحافظة على سياسة معارضة جلية في مواده وبيانات الحزب ولجان المجتمع المدني التي ينشرها، مع ملاحظة اهتمامه بمقالات كتبت خصيصاً له تحت عنوان"كتاب الرأي". بدوره يقوم موقع"سيريا نيوز"التابع للمركز الاقتصادي السوري بتحديث أخباره على مدار الساعة كما انه يملك كادراً متفرغاً ولديه اتفاقات لتطوير كوادره مع موقع BBC العالمي فضلاً عن اتجاهه الى بناء موقع مؤسسي مستقل مالياً وهو ما يتضح من جذبه، ولو بشكل بسيط، بعض الإعلانات المحلية الأمر الذي يعلق عليه معلوف دوراً كبيراً لدفع الموقع وتطويره في ظل نمو حجم الإعلانات على الانترنت حول العالم. في المقابل يؤكد المشرف على"كلنا شركاء"أن النشرة جهد شخصي يتولى إصدارها من منزله إذ ليس لها مكتب او موظفون ولا أي صنف من أصناف التمويل كالاشتراكات أو الإعلانات، أملاً في أن يتمكن خلال أشهر من تحويلها الى موقع اخباري يمكن الاطلاع عليه عبر الشبكة من دون إرسال مواده بالبريد الالكتروني كما هي الحال الآن. وعلى رغم هذا الحضور المتنامي للصحافة الالكترونية في سورية إلا أنه لا يوجد بعد مواد قانونية تضبط النشر الالكتروني ، وفيما يشكو معلوف من عدم استشارة الموقع بمسودة القانون الذي يجرى تحضيرها لتعديل قانون المطبوعات الحالي يلفت الى أنه كان من المفروض تشكيل لجنة من المشرفين على المواقع الالكترونية لهذا الغرض. وقال عبدالنور إن قوننة الصحافة الالكترونية ستتم قريباً عبر تعديل قانون المطبوعات لافتاً الى أنه يشترط في مسودته ان يكون صاحب الموقع حاملاً شهادة جامعية على الاقل وغير محكوم ويتقدم بموقع مختار الى وزارة الاعلام دون الحاجة الى رخصة ، لكن وفي المقابل تخضع المواد المنشورة الى قانون المطبوعات لجهة المخالفات والعقوبات .