كعادتهم كل عام، يعد القائمون على المسلسل السعودي"طاش ما طاش"، بمفاجآت جديدة وپ"ثورات اجتماعية"... هذا العام جاء الوعد بالمفاجآت، مؤكداً بإعلانات سبقت عرض المسلسل على شاشة mbc. فالعمل الذي عُرض طوال 12 سنة على شاشة التلفزيون السعودي، والذي نجح شعبياً بحسب الصحف المحلية ومواقع الإنترنت، مقارنة بأعمال سعودية ما أن تظهر حتى تختفي، استطاع الصمود على رغم انتقادات عدة وجهت إليه. ولا تنحصر الانتقادات بما يطرح"طاش"من أفكار بل تمتد لتطاول الأخطاء الفنية الإخراجية والتمثيلية غير المتوقعة بعد 12 عاماً من العمل. وتبدأ هذه الأخطاء الفنية البسيطة من تغير لون الشاشة أكثر من مرة خلال مشهد واحد وصولاً إلى مواقع التصوير التي تشير إلى أنها أعدت لتصوير مشهد وپ"السلام". وبما أن العمل انتقل إلى mbc، لا بد من طرح سؤال عن الوجوه الجديدة والضعيفة على مستوى التمثيل. وإذا استثنينا حبيب الحبيب، يبدو معظم أولئك الشبان يبالغون في أدائهم التمثيلي، وهي ليست مبالغة مقصودة فنياً، بل تتجلى في وجوههم وحركات العيون والجفون. هل هي محاولة من"طاش"لدعم الممثلين السعوديين الشبان على حساب العمل، في وقت يغيب حضور ممثلين خليجيين شاركوا في"طاش"الأول؟ بعيداً من الممثلين الشبان الذين لا تسند إليهم في أي حال إلا أدوار ثانوية، فپ"طاش"كغيره من الأعمال، يعرض المميز والمثير للجدل، مثلما يقدم أيضاً حلقات عادية. وربما كانت الحلقة الخامسة"وشو من لحية"أكثر الحلقات تميزاً، وقد جاءت بعد حلقات أربع، أكثر من عادية، غاب فيها الطرح الجريء والانتقاد اللاذع المعهود في"طاش". فالحلقة الخامسة أثارت جدلاً واسعاً في الصحف ومواقع الإنترنت من خلال موضوعها الذي تناول قضية"نصابين"يتسترون خلف الدين وشكليات"الالتزام"- اللحية الطويلة والثوب القصير. وأبرزت هذه الحلقة مدى تأثر الناس بالمظهر الخارجي، واحترام المجتمعات لكل صغيرة أو كبيرة ظاهرها يتعلق بالدين. ولم يتوقف مسلسل الحلقات"العادية"، بل امتد أربع حلقات أيضاً وصولاً إلى الحلقة العاشرة المعنونة بپ"عجلات الموت". وكان موضوع هذه الحلقة وباء"التفحيط"الذي يظن كثيرون، خصوصاً النساء اللاتي لا يمكنهن معرفة ما يدور في الشارع السعودي، أنها مجرد هواية أو عادة سيئة لدى الشبان، لكن أبعادها - الهواية - بدت في الحلقة أوسع من ذلك. وما أثرى الحلقة العاشرة وميزها عن غيرها من الحلقات، وأثراها على رغم المبالغة المقصودة إلى حد ما، مجموعة من المَشاهد الواقعية لحوادث قتل حدثت في ساحات"التفحيط". ويظهر في إحدى هذه المَشاهد شبان"يطيرون"من قوة صدمة السيارة، وإذا بپ"كبير في السن"يجلس على كرسي متحرك. كشفت الحلقة"العاشرة"إضافة الى استهتار الشباب وعدم وعيهم أخطار الهواية المحببة إليهم، مدى عمق هذه الظاهرة، فهناك مواقع إلكترونية، توضح كل ما يتعلق بها، ومعلومات عن ممارسيها وروادها. بل إن لبعضهم ألقاباً، حصلوا عليها"بجدارة"، فهم ينتقلون من منطقة إلى أخرى ومن بلد الى آخر، حفاظاً على شرف البطولة واللقب. ولم يقلل من تشويق الحلقة أن"طاش"نفسه ناقش هذه الظاهرة سابقاً، إذ ان مضمون الحلقتين مختلف. في هذه الحلقة لم يظهر البطلان الرئيسان للعمل"السدحان والقصبي"، واكتفيا بنسب الفكرة إليهما. وكانت البطولة لمجموعة من الشبان السعوديين، بعضهم عُرف في حلقات سابقة من"طاش"، والبعض الآخر يظهر للمرة الأولى - مع أداء مبالغ فيه وبصورة واضحة. وعلى رغم أن الحلقة الحادية عشرة"حريم روليت"، كانت ستذكر بحلقة"المحرم"التي أثارت جدلاً واسعاً في السعودية، فإنها بدت عادية جداً وناقشت قضية بدأت تختفي وهي الزواج من أربع، واقتصرت الكوميديا فيها على القرعة التي يجريها الزوج كي يطلق واحدة من أربع نساء كسبيل للزواج من أخرى. وجاءت الحلقتان التاليتان 12 و13 عاديتين أيضاً، وإن كان يحسب لمنتجي العمل فيهما الميل إلى التوعية، خصوصاً حلقة"وابيئتاه"التي حاولت ملامسة استهتار السعوديين بالبيئة. وربما كان استخدام الطائرة في التصوير لافتاً، في هذه الحلقة، إذ لم يتعود الجمهور السعودي في المسلسلات والبرامج مشاهدة ممثل سعودي في طائرة تطارد آخرين. لكن الطائرة هنا لا تلحق بمجرمين أو مطلوبين للعدالة كما في الأفلام الهوليوودية، بل تطارد"معتدين"على البيئة. وإذا كانت الحلقة تكاد تخلو إلى حد ما من الكوميديا التي تعودها المشاهد السعودي، فهي تظل مغامرة من"القصبي والسدحان"تصب لمصلحة البيئة والمحميات المنسية، وإن اقتصرت الكوميديا على شخصية الممثل السعودي حسن عسيري بلهجته"الجنوبية". لكن بعض جمهور هذا البرنامج كان يرفض ولا يزال هذا النوع من الكوميديا - تقليد لهجات بعض المناطق- إذ يرى أنه يثير عصبيات وپ"حزازيات"مناطقية. وتبقى الحلقة الثالثة عشرة، الأحق بالنقد، كون معظم إعلانات"طاش"ترتكز على مشهد من هذه الحلقة، وتشوق المشاهد لمعرفة السبب الذي أفقد السدحان رجلاً ويداً. لكنها بدت أضعف مما انتظر منها، بل ولامست موضوع تجارة الأعضاء بخجل شديد، إذ طغى التركيز فيها على ظاهرة القروض المصرفية التي تورط بعض الأشخاص وتضطرهم إلى بيع ملابسهم وحتى أعضائهم. هل تكون الحلقة ال 15 اليوم وال 20 مميزتين لتنضما إلى الحلقتين"الخامسة"و"العاشرة"؟ أم سنشاهد عدداً أكبر من المفاجآت الموعودين بهما، في الحلقات القليلة المتبقية؟