فخامة الكابتن"مستر جورج"عبارة هي مزيج من الاشارة الى السلطة والمسؤولية الرئاسية الاولى واللقب المحبب الى قلب نجم كرة القدم الليبيري جورج ويا، المرشح الاقوى للانتخابات الرئاسية في بلاده المقررة في 11 الجاري، ليتولى في ضوئها سدة الحكم من يحظى بثقة مواطنيه، خلفاً للرئيس الانتقالي رجل الاعمال غويد براينت الذي تسلم قيادة ليبيريا في تشرين الاول أكتوبر 2003، خلفاً للرئيس السابق تشارلز تايلور، صديق ويا، بعد 14 عاماً من الحرب الاهلية المدمرة، اتفقت على إثرها الميليشيات المسلحة وقف إطلاق النار والاعتماد على 15 ألف جندي من الأممالمتحدة للقيام بمهمة حفظ السلام. وبينما يرى عدد من المراقبين ان تايلور يسعى للسيطرة على الوضع السياسي في ليبيريا من منفاه النيجيري، يؤكدون انه في حال اقتصر التصويت في الانتخابات على فئة الشباب، سيكون ويا 39 عاماً صاحب الحظ الأوفر في النجاح، وهم يهتفون في المسيرات الانتخابية"سواء قرأت كتباً أم لم تقرأ سنصوّت"في اشارة الى انتقادات معارضيه كونه لا يملك الخلفية العلمية المؤهلة لاحتلال أعلى منصب في البلد. ويلفت مؤيدو ويا الى انه سيكون الأقدر من بين المرشحين جميعهم على تحقيق السلام والاستقرار،"لأنه الوحيد بينهم الذي يعلم الشعب من أين حصل على ثروته"، ويضيفون:"بما أنه غني فلن يسرق كما أسلافه، سيكون رئيساً صالحاً، انظروا ماذا فعل بنا المثقفون، لقد دمروا البلاد ونهبوها، ولا يمكن له ان يقوم بما هو أسوأ من ذلك". وتشهد الانتخابات 22 مرشحاً يمنّي كل منهم نفسه ليكون الرئيس ال23 للدولة الأفريقية التي أنشأها الاميركيون قبل 150 عاماً لإيواء مواطنيهم السود الذين كانت الولاياتالمتحدة تأمل في اعادتهم الى قارتهم الام في خضم تصاعد التمييز العنصري ضد الزنوج... وقامت الدولة الجديدة على أنقاض قبائل غير متحضرة وذاق الوافدون صنوف العذاب من السكان الأصليين. وتنطّح"مستر جورج"للمهمة مستنداً الى رصيد شعبي لافت معزز بسجله الحافل في الملاعب، اذ تميز بأعماله الخيرية، ما جعل منظمة"يونيسيف"تعيّنه سفيراً للنوايا الحسنة عام 1997، حيث دعم مرضى الايدز وتأهيل البرامج التعليمية في ليبيريا وغانا ودول أخرى. وسعى دائماً لنزع سلاح المتقاتلين... ووظّف شهرته في تحسين مستوى عيش الأطفال وإيجاد فرص عمل للشبان وتوجيههم لتخطي القهر والفقر، وهو الذي عانى منهما صغيراً قبل ان يشق طريقه في عالم كرة القدم ويتألق تباعاً في تونير ياوندي الكاميروني ثم موناكو وباريس سان جيرمان الفرنسيين وميلان الايطالي وتشلسي ومانشستر سيتي الانكليزيين، لينهي مشواره في نادي الجزيرة الاماراتي. وحملت مسيرته محطة مشرقة غير مسبوقة تمثلت بحصوله على لقب أفضل لاعب في أفريقيا وأوروبا والعالم عام2000، فضلاً عن جائزة القرن في أفريقيا عام 2000. وكان دائماً الممول لمنتخب بلاده في وقت الضيق ومنقذاً له من الغياب عن الاستحقاقات الدولية. دخل ويا المعترك السياسي، الذي يبدو انه موهوب للانخراط في دهاليزه، واعداً بسلوك شريف وناصع على غرار أدائه في الملاعب، مؤكداً امام أنصاره انه عندما ينظر في وجوههم"أرى انني مستقبلكم وقدركم وأن حلمكم سيتحقق ويمكنكم ان تثقوا بي لأني صادق". يكثر الصخب حالياً في شوارع مونروفيا احتفاء بويا، وكأن الحشود تخرج مهللة من مباراة لكرة القدم... والقارة السمراء معتادة على تدخلات زعمائها ورؤسائها بالشؤون الرياضية خصوصاً كرة القدم، موظفين الانتصارات سياسياً، وهي التي تجعل المواطنين يبتهجون وينظرون بعين الرضا الى حكامهم متناسين تجاوزاتهم كلها والمشكلات الاجتماعية المتفاقمة. وبعض الحكام الافارقة يشتهر بضلوعه في"تركيب"تشكيلات المباريات والخطط الميدانية، وصورة رئيس الكاميرون بول بيا ماثلة دائماً امام المتابعين، من خلال تدخّله المباشر ليعود النجم الشعبي روجيه ميلا عن اعتزاله، وينضم باتريك امبوما الى"منتخب الأسود"، على رغم أنف المدرب ويحرز لقب الهداف في كأس أفريقيا الاخيرة... أما رئيس الكونغو دينيس ساسو نغونسو فكان يفاجئ اللاعبين في الحصص التدريبية ويشرف عليها، ويستثمر رئيس السنغال عبداللي واد انتصارات المنتخب فيجول في شوارع العاصمة داكار وبيده الكرة. اما منتخب ساحل العاج فوُصف بأنه موحّد البلاد. والملك الراحل الحسن الثاني كان يوجّه المنتخب والوداد البيضاوي ويسترسل في شرح التكتيكات، وقيل ان المدرب البرازيلي مهدي فاريا كان"ظلاً"فقط خلال مشاركة المغرب في نهائيات كأس العالم 1986. أمام كل هذا لن تكون السلطة غريبة عن ويا اللاعب النجم قلباً وقالباً، والذي لقبّه الرئيس السابق لجنوب أفريقيا نيليسون مانديلا ب"فخر أفريقيا".