تثير رسالة شديدة اللهجة وقع عليها عشرات ضباط الاحتياط في الجيش الاسرائيلي، معلنين رفضهم المشاركة في اخلاء مستوطنات قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، في اطار خطة فك الارتباط، ردود فعل عاصفة في الدولة العبرية، يتوقع ان تدوي لفترة طويلة باعتبارها انعطافة خطيرة في المعركة التي يخوضها اليمين المتطرف في اسرائيل من أجل حشد آلاف الجنود لرفض الانصياع لأوامر القادة السياسيين والعسكريين في اجلاء مستوطنين ما استدعى وزير الدفاع شاؤول موفاز الى عقد اجتماع طارئ امس بحضور أركان الجيش والمستشارين القضائيين لبحث سبل تحجيم ظاهرة الرفض، فيما توعد رئيس أركان الجيش الجنرال موشيه يعالون الضباط المذكورين بإبعادهم عن صفوف الجيش وتجريدهم من رتبهم العسكرية. وكشفت صحيفة"يديعوت احرونوت"فحوى الرسالة التي وقع عليها 34 ضابط احتياط بينهم 4 قادة ألوية، رفعوها الى قائد فرقتهم المعروفة ب"كتيبة رام الله"وجميعهم مستوطنون في الضفة الغربيةالمحتلة، اعتبروا فيها الأوامر بإخلاء مستوطنات"غير شرعية البتة ويحظر على الجنود الامتثال لها". وكتبوا انهم يطالبون قيادة الجيش بعدم فرض تنفيذ الاخلاء عليهم لأنهم سيرفضون مثل هذه الأوامر"ضميرياً"متهمين رئيس الحكومة ارييل شارون بأنه"يدوس بشكل أعمى على رغبات ناخبيه، ويدفع نحو عملية غير ديموقراطية لا يمتلك الشرعية لتنفيذها". وقال احد الضباط الموقعين على الرسالة ان خطوة شارون تمزق الجيش من داخله. واضاف انه ورفاق الذين اعلنوا عصيان الأوامر لن يقوموا ايضاً بمهمات استبدال جنود في وحداتهم في حال كلفوا اخلاء مستوطنين، وقال ضابط آخر انه يتوقع انضمام آلاف الجنود في الاحتياط الى العريضة. ونقل عن أوساط قريبة من شارون انه سيعقد في الأيام القريبة اجتماعاً خاصاً مع الجهات القضائية المختصة للبحث في ظاهرة الرفض في الجيش ووسائل التصدي لها وكيفية معالجة التحريض على عصيان الأوامر. من جهته، عقد وزير الدفاع شاؤول موفاز اجتماعاً بعد ظهر امس شارك فيه قادة الاجهزة الأمنية والخبراء القانونيون لإقرار خطوات تضمن الحفاظ على الأمن والنظام العام حيال تهديدات قادة المستوطنين بالتصدي بقوة السلاح للجنود في حال نفذوا أوامر بإخلاء المستوطنات. وأصدر قائد الجيش الجنرال موشيه يعالون تعليماته الى قائد"المنطقة الوسطى"باستدعاء الضباط الموقعين على الرسالة وابلاغهم بشكل لا لبس فيه انه ستتم تنحيتهم اذا لم يتراجعوا عن موقفهم وان"الجيش ينظر ببالغ الخطورة الى قيام الضباط باستغلال الجيش لأغراض سياسية وسيتعاطى مع مظاهر الرفض بصرامة وبلا تهاون". واشار مراقبون الى انها المرة الأولى في تاريخ اسرائيل التي تعلن فيها كتيبة كاملة رفضها أوامر عسكرية ما ينذر باتساع ظاهرة الرفض على اساس ايديولوجي تفوق بحجمها رفض يساريين الخدمة في جيش الاحتلال أو رسالة الطيارين الشهيرة، التي أعلن فيها 27 طياراً رفضهم قصف مناطق فلسطينية. ودعا نواب من مختلف الاحزاب قيادة الجيش الى التعامل بيد"من حديد"مع الضباط والى محاكمتهم على غرار معالجة"رسالة الطيارين التي كلفت بعض الموقعين عليها ثمناً باهظاً بتنحيته". واجمع هؤلاء على ان التهاون مع اعلان عصيان سيزعزع اركان الجيش فيهدد وجود الدولة العبرية وقدرتها على الدفاع عن نفسها في المنطقة الخطيرة التي تعيش فيها، على ما قال رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية يوفال شطاينتس. ورأى القائم بأعمال رئيس الحكومة ايهود اولمرت ان قادة المستوطنين يسعون الى خلق انطباع بأن ظاهرة الرفض جارفة لردع الحكومة عن تنفيذ الانسحاب من غزة، مضيفاً ان الوضع على الأرض مغاير تماماً. الى ذلك، افادت صحيفة"يديعوت احرونوت"الى ان الجيش يعتزم اقامة"حزام أمني"حول قطاع غزة مع بدء اخلاء المستوطنات فيه لمنع وصول آلاف المستوطنين من الضفة الغربية للتشويش على تنفيذ الانسحاب. الى ذلك رويترز، قضت محكمة عسكرية اسرائيلية أمس بحبس جندي 28 يوما لتحريضه زملاءه على عدم إطاعة أوامر بتفكيك موقع استيطاني يهودي، ما أثار مخاوف من احتمال حدوث تمرد في صفوف الجيش على خطة الانسحاب من غزة. وقالت مصادر عسكرية ان محكمة اصدرت حكمها على السارجنت يوسف فيلانت بالحبس في الثكنات"لإقدامه على فعل لا يليق بجندي". وألقي القبض على فيلانت وهو خارج الخدمة اثناء اشتباكات قرب موقع متسبي يتسهار الاستيطاني الاثنين الماضي. وأزالت القوات الاسرائيلية الموقع المكون من بيوت متنقلة. ووصفت وسائل اعلام اسرائيلية فيلانت بأنه يهودي متدين يتبنى آراء يمينية، ونقلت عن محاميه قوله أنه سيستأنف الحكم أمام المحكمة العليا. ويحذر مستوطنون من أن الاف الجنود قد يرفضون اخلاء المستوطنات بموجب خطة شارون. وقال افي ديختر رئيس جهاز الامن الداخلي الاسرائيلي"شين بيت"للجنة بالكنيست الثلثاء ان المستوطنين المتطرفين سيحاولون ايجاد حجج لاطلاق النار على القوات التي ستنفذ عملية الاجلاء.
