توقفت في حديثي أمس عند مؤيدي المسيحيين الصهيونيين، وموقفهم من اسرائيل، وأكمل اليوم بالمعارضين من مسيحيين ويهود. كتبت عن الكوميدي اليهودي الأميركي آل فرانكن، غير مرة فهو نشط سياسياً، وليبرالي نصّب نفسه عدواً للمحافظين الجدد واليمين الأميركي كله. وقد عرضت في هذه الزاوية كتابه"أكاذيب والكذابون الذين يطلقونها"، وأعود الى الكتاب اليوم من زاوية فصل بعنوان"شكراً لله على وجود جيري فالويل"، أحد أسوأ المسيحيين الصهيونيين وأكثرهم تطرفاً. ويشرح فرانكن لماذا يشكر الله على وجود فالويل بالقول إنه كوميدي وبعد 11/9/2001 لم يبق كثير يمكن أن يثير الضحك. وكان فالويل شارك في 13/9/2001 في برنامج نادي ال700 لبات روبرتسون الذي تبثه شبكة الاذاعة المسيحية، وأنحى باللائمة في الارهاب الفظيع قبل يومين على بعض الأميركيين. قال فالويل:"أعتقد بأن الملحدين وأنصار الاجهاض ودعاة حقوق المرأة والشاذين جنسياً والشاذات الذين يطلبون نمط حياة بديلاً، والنقابات، وغيرهم، كل الذين حاولوا جعل أميركا بلداً علمانياً... أضع اصبعي في وجوههم وأقول: أنتم ساعدتم على حدوث هذا". وردّ روبرتسون:"أوافقك تماماً". ويجد آل فرانكن في هذا الكلام مادة للسخرية ويقول انه يستطيع أن يثبت ان بات روبرتسون وجيري فالويل مجنونان، إلا انه يكمل بشرح خطر العلاقة بين المسيحيين الصهيونيين والمحافظين الجدد. أتوقف هنا لأذكر القارئ بما سمعنا من جانبنا عن الطرف أو الأطراف التي نفذت إرهاب 11/9/2001، وكيف انه في مقابل الكفار والشاذين عند فالويل، اتهم المتطرفون عندنا الموساد ووكالة الاستخبارات المركزية، وسمعنا رأي الاعتذاريين للقاعدة من عرب ومسلمين. آل فرانكن ليس وحده، والمعلق اليهودي دان ايمز كتب يقول لقارئه انه اذا كنت يهودياً فلا تدعو أحد المسيحيين الصهيونيين الى بيتك،"فهو مهما قال انه يحبك، فالواقع انه مثل حب مانسون وعصابته للممثلة شارون تيت وضيوفها"تشارلز مانسون قتلها. وهو يقول ان 65 مليون أميركي تبشيري يريدون شحن اليهود الى الضفة الغربية والقدس الشرقية بعد طرد المسلمين منها، ثم استخدام اليهود لتقريب عودة المسيح الى الأرض، والمعركة النهائية بين الخير والشر. غير ان هذا لن يحدث قبل حشر آخر يهودي في الأراضي المحتلة، وهو ما لن يتحقق الا اذا حكم أقصى اليمين في أميركا وإسرائيل. وهو ينقل من وصف الصعود، أو الارتقاء، عند نهاية العالم نقلاً عن كتاب المؤلف، للمؤلف التبشيري مايكل ايفانز، ويتصور كيف يختفي 65 مليون اميركي فجأة فيما هم يعملون في مكاتب، ويقودون طائرات أو قطارات أو غواصات تحمل صواريخ نووية، وهو يتصور ان الرئيس واحد من هؤلاء الذين سيصعدون الى المسيح ومعه، فيما يدمر العالم. ويكمل أيمز ساخراً من المؤلف فيقول انه سيسر بدمار العالم بعد خلاص المسيحيين الصهيونيين ويزيد نقلاً عن فصل أخير في الكتاب ان الرئيس جورج بوش غيّر السياسة الأميركية في نيسان ابريل الماضي وقبل تعديل حدود 1967 تنفيذاً لنبوءة توراتية. في انكلترا بثت محطة التلفزيون الرابعة أخيراً برنامجاً عن المسيحيين الصهيونيين خصوصاً الذين يؤمنون بالصعود كان عنوانه"انقلني الى المسيح"، إلا أن الترجمة الى العربية تفقد العنوان سخريته اللاذعة فالكلمات مأخوذة من مسلسلات حروب النجوم التلفزيونية وقول الكابتن كيرك لمساعده سكوت أن ينقله الى سفينة الفضاء عبر شعاع من الكوكب حيث هبط. البرنامج قدر أن 50 مليون أميركي يؤمنون بالصعود، وأن كثيرين آخرين يصدقون كتاب الرؤيا، آخر أسفار العهد الجديد. وينتحل مقدم الفيلم وهو اليهودي البريطاني ايليوت غيرنر شخصية مسافر ساذج يقابل المبشر تيري جيمس مؤلف كتاب"نهاية الزمان"الذي يزعم اننا نعيش آخر أيام الأرض وان الصعود قد يحدث في أي لحظة، لذلك فالمبشرون في أميركا يريدون من الناس التوبة قبل فوات الوقت. ويزور غيرنر جامعة بوب جونز التبشيرية ويتحدث مع تيم لاهاي، أحد مؤلفي سلسلة كتب"المتروكون". ويحاول مبشرون حمله على اعتناق المسيحية، وهو يزور يهوداً تحولوا فعلاً عن دينهم وأصبحوا من جماعة"يهود من أجل المسيح". وشارك المعلق النافذ نيكولاس كريستوف في التصدي لفكر المسيحيين الصيهونيين عندما علق في"نيويورك تايمز"على آخر رواية في سلسلة"المتروكون"من تأليف تيم لاهاي وجيري جنكنز، وكانت بعنوان"الظهور المجيد". وهو كتب في 17 تموز يوليو مقالاً بعنوان"المسيح والجهاد"تحدث فيه عن كتب الاثارة التبشيرية التي باعت حتى الآن 60 مليون نسخة، وقال ان الكتاب الأخير يبشر بقرب عودة المسيح الى الأرض حيث يجمع غير المؤمنين الى يساره ويلقيهم في النار الأبدية. ورأى كريستوف ان من المزعج أن يصبح التطهير العرقي نوعاً من الورع، وأضاف انه"لو كتب مسلم نسخة اسلامية من الظهور المجيد ونشرها في المملكة العربية السعودية ووصف مجزرة ملايين غير المسلمين لكنا أصبنا بنوبة عصبية". وأكد كريستوف انه كما يربط الأميركيون بين الفكر الأصولي الاسلامي وعدم التسامح فإنه ينبغي عليهم أن ينتقدوا النشرات الأصولية المسيحية من نوع"المتروكون". وعاد كريستوف فكتب مقالاً ثانياً في جريدته الكبرى بعد أن تلقى رسالتين بالبريد الالكتروني من المؤلفين لاهاي وجنكنز. واحتج المؤلفان لأن كتبهما لا"تحتفي"بذبح غير المسيحيين، وإنما تنقل الحقيقة لنص الكتاب المقدس. وقال جنكنز في رسالته"اننا لا نستطيع قراءة النص في شكل آخر لمجرد أنه غير صحيح سياسياً بالمقاييس الحالية. ان هذا صليبنا، رسالة مسيئة وشقاقية في عصر التعددية والتسامح". وعلق كريستوف:"يا لغبائي. نسيت تلك الفقرة في التوراة التي تقول ان المسيح يعتزم أن يشوي الجميع أمثال السامري الطيب وغاندي في نار أبدية لمجرد أنهم ليسوا مسيحيين متجددين". وهو كرر فكرة المقال السابق، وقال:"لو أن سعودياً كتب نسخة اسلامية من هذه السلسلة لطلبنا من كل المسلمين المعتدلين إدانة نشر الكره. ويجب أن نعامل أنفسنا بالمقياس نفسه". وأكمل غداً.