توقع وزراء ونواب ان تكون الطريق"آمنة وسالكة"امام مشروع قانون الانتخاب لدى مناقشته في المجلس النيابي والتصديق عليه في مهلة اقصاها العشرين من شباط فبراير ليكون في مقدور الحكومة توجيه الدعوة للهيئة الناخبة الى الانتخاب ضمن مهلة الستين يوماً المنصوص عليها في الدستور والتي تنتهي مع انتهاء ولاية المجلس الحالي في 31 ايار مايو المقبل. واستبعد هؤلاء ان يطرأ اي تعديل مهم على القانون الذي سيقر كما ورد من مجلس الوزراء، باستثناء إدخال تعديلات طفيفة تتعلق بالمادة 68 الخاصة بالإعلام والإعلان الانتخابيين لجهة اخضاعها الى عملية تجميل لا تمس جوهرها. وإذ اكد الوزراء والنواب عدم وجود رغبة نيابية في تشريح مشروع القانون بما يضمن تعديله في الأساس، نقلوا عن رئيس المجلس نبيه بري قوله ان نواب كتلته سيتحفظون عنه انسجاماً مع التحفظ الذي سجله الوزراء المحسوبون على حركة"امل"في مجلس الوزراء. ورأى هؤلاء - بحسب قول بري - ان رئيس المجلس لن يكون رأس حربة ضد مشروع القانون طالما انه يحظى بتأييد الأكثرية الساحقة من النواب مع الأخذ في الاعتبار ان إعادة النظر في التقسيمات الانتخابية على اساس القضاء لمصلحة اعتماد الدوائر الكبرى مع الأخذ بالنسبية تحتاج في بادئ الأمر الى إحداث تحول لدى الرأي العام يدعم المحافظة دائرة انتخابية بعد اعادة النظر في التقسيمات الإدارية. ويضيف الوزراء والنواب، أن بري لا يتوقع حصول اي تحول في موقف الرأي العام يؤيد الدوائر الكبرى، وبالتالي فإنه لن يشهر سلاحه ضد القضاء، لأنه ليس على استعداد للدخول في مواجهة مع البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير والرأي العام المسيحي من شأنها ان تتيح للآخرين ان يجعلوا من انفسهم ابطالاً على حسابه. ولفت هؤلاء الى ان بري لن يخوض معركة لتعديل التقسيمات الانتخابية في بيروت على رغم ما لديه من مآخذ على تقسيم العاصمة، مؤكدين ان رئيس المجلس يفضل ان يبقى موقفه في حدود الاعتراض. على صعيد آخر، كشف الوزراء والنواب انه كانت هناك نية لإعادة النظر في تقسيم الدوائر الانتخابية في بيروت لكن التداول فيها بقي محدوداً وعزا هؤلاء السبب الى ان التعديل جاء مشروطاً بموافقة رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري على تعديل موقفه السياسي في اتجاه يسمح بأن يترشح على لائحته في الدائرة الثانية زقاق البلاط، الباشورة، الصيفي، الرميل، المدور، المرفأ مرشحون معينون، وتابعوا ان وزير الداخلية سليمان فرنجية كان ابدى رغبة قبل إقرار مشروع قانون الانتخاب في جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي في الاتفاق مع الحريري على إعادة النظر بتقسيم العاصمة، مبدياً رغبته في تطعيم اللائحة التي سيرأسها في الدائرة الثانية بمرشحين من خارج الأسماء التي يرغب في التعاون معها. وأكدوا ان فرنجية عبّر عن رغبته هذه عندما التقى شخصية مقربة من الحريري بطلب من احد المقربين من وزير الداخلية وقالوا ان عرض الوزير في الوصول الى تفاهم مع رئيس الحكومة السابق تزامن مع اتصال اجراه الأخير الأربعاء الماضي برئيس الحكومة عمر كرامي اوفد إليه على الأثر وزير المال السابق فؤاد السنيورة. ولفت الوزراء والنواب الى ان السنيورة نقل الى كرامي رسالة من الحريري اقتصرت على مخاوفه من التقسيم المعتمد لبيروت لا سيما الدائرة الثانية فيها، وقالوا ان رئيس الحكومة شاركه في المخاوف مؤكداً له ان اصدقاء كثراً كانوا زاروه محذرين من صراع مذهبي وطائفي قد تشهده العاصمة في حال بقي التقسيم على حاله. وأضافوا ان الحريري عاد واتصل بكرامي وأوفد إليه السنيورة ثانية، بعد ان لاحظ ان المشروع الذي وزعته وزارة الداخلية تضمن تقسيماً انتخابياً بديلاً لبيروت. وأبلغ السنيورة كرامي ان الحريري يؤيد التقسيم البديل لبيروت، على رغم ما لديه من ملاحظات عليه، باعتباره افضل من المشروع الذي يجرى التداول فيه، وكان رد رئيس الحكومة انه موافق عليه وسيطرحه في مجلس الوزراء. وبحسب المعلومات، فإن كرامي طرح التقسيم البديل لبيروت على مجلس الوزراء الذي صوّت ضده مع ان الأول ايده ودعمه في موقفه عدد من الوزراء. اما لماذا سقط التقسيم البديل لبيروت على رغم ان فرنجية كان ضمه الى المشاريع الانتخابية التي وزعت على الوزراء قبل يومين من عقد الجلسة؟ في الإجابة قالت مصادر سياسية مقربة من الحريري ان لقاء فرنجية شخصية وثيقة الصلة به تمحور حول التقسيم الانتخابي لبيروت وأن وزير الداخلية حاول الدخول في"تفاهم"مع الحريري يتعلق بتركيب اللائحة في الدائرة الثانية انطلاقاً من ان الثالثة الأشرفية محسومة للمعارضة بينما تغيب من الأولى رئيس بيروت، المزرعة، عين المريسة، المصيطبة، ميناء الحصن اي منافسة للائحة رئيس الحكومة السابق. وأكدت المصادر ان اللقاء انتهى من دون نتيجة، وعزت السبب الى ان الحريري أصر على موقفه رفض الدخول في بازار انتخابي مع احد، مشيرة الى ان وزير الداخلية ربط موافقته على تعديل الدائرة الثانية بقبول الحريري ضم مرشحين على لائحته. وأوضحت ان الحريري رفض ضم مرشحين من الأرمن من اصل اربعة مرشحين، مؤكدة رفضه ايضاً وضعه امام خيار إما استمرار الضغط عليه من خلال تقسيم بيروت، او العودة عنه في مقابل ان يدفع ثمناً سياسياً. وأشارت المصادر ايضاً الى ان فرنجية تبلغ موقف الحريري قبل فترة قصيرة من انتقاله الى مقر مجلس الوزراء لحضور الجلسة. وقالت ان رد فعل وزير الداخلية جاء من خلال المقابلة التلفزيونية التي اجرتها معه في الليلة نفسها المؤسسة اللبنانية للإرسال LBC والتي ضمنها هجوماً مباشراً على الحريري. ونقلت المصادر عن الحريري قوله انه على قراره بالترشح عن الدائرة الثانية وأنه على استعداد لأن يبقي على المقعد الشيعي الثاني شاغراً لمصلحة المرشح الذي يختاره"حزب الله"وأن لا مشكلة لديه في حال فاز في الانتخابات ام لا، لأن ما يهمه اولاً وأخيراً عدم الرضوخ الى اي شكل من اشكال الابتزاز بصرف النظر عن النتائج، مؤكدة انه ليس من النوع الذي يخضع للتهويل وأنه يفضّل ان يخوض المعركة بكرامة بدلاً من ان يخضع الى مقايضة مخالفة لقناعاته السياسية. وقالت ان الحريري ضد تطييف الانتخابات وأنه لا يحبذ الاستنفار المذهبي والطائفي وأن"حزب الله"يشاركه في هذا الشعور.