لم أحتج في متابعة مقالات حازم صاغية المتتالية للكثير من الجهد في قراءة السطور، وتتبع الكلمات والمعاني، لأستنتج ان هذه الحالة التي نحن فيها الآن من تكالب الأمم علينا واستشراس الأعداء في نهش مقدراتنا وأرضنا، إلا نتاج ذلك الماضي الذي أولد جيل حازم وأترابه، وحملهم أقلاماً، وظنوا أنفسهم كاشفي الحقائق من فوق سبع طرائق. وبدأوا يحاولون، عبر صياغة عبارات سموها مقالات، تحويل الأبيض الى أسود، وذر الرماد في العيون حتى تصير الشمس في نظرهم حجراً أسود لا حياة فيه، ولا ينتج لا حرارة ولا نوراً. حازم وجيله ما زالوا حتى الآن يبكون وينوحون على أمجادهم الزائفة، وشعاراتهم الواهية التي أدخلت الأمة في سبات طويل، وإغماءات متتالية من الوعود الرنانة والخطابات النارية التي أغدقها علينا هو وجيله، وما أنتجت سوى خيبات الأمل المتتالية بالنصر الموعود، والتحرير المنتظر، تحت شعارات تبني قضايا الأممية والقومية والشعوبية ومطالب العمال والكادحين والكفاح والنضال.... وصار كل فريق يحل مكانهم في الميدان، ويطلق شعاراته المقرونة بالعمل الصحيح، والاهداف الواضحة، والتي صنعت النتائج الباهرة، باعتراف الكل، كتحرير الأرض، ودحر الاحتلال، هذا الفريق اياً يكن يحدث عند حازم، ومن كان على شاكلته، صدمة وعقدة تجعله يفقد صوابه إن كان هناك من صواب. فيغدو مطلقاً قلمه، ظاناً انه سيعمي العيون، ويصم الآذان عن حقائق واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، متجاهلاً ان التاريخ سجّل، ودوّن كذلك الحاضر، وأمامه المستقبل، المسيرة الزاهرة ل"حزب الله"من أول إنطلاقتها، وحتى الآن وباعتراف العدو والصديق. وظنّ حازم ان كل من امتطى جواداً صار فارساً، كل من حمل سيفاً شهدت له ميادين النزال بالبسالة والشجاعة. ولا أظن ان السيف وأقرانه من السلاح من محمول حازم وأمثاله. فهم متربعون على مكاتبهم يراقبون ويتتبعون، وتملأ قلوبهم الاحقاد والغيرة من حزب إسلامي انتهج النهج المحمدي الأزصيل، ورفع الراية الكربلائية الشريفة، ونزل الى ميدان الجهاد. وكأن حازم في مقالته يسرد لنا قصصاً من قصص"الف ليلة وليلة"، ويقدم لنا صفحات على انها قصة مسيرة"حزب الله"حاول فيها جاهداً ان يقدم لنا شخصيات مجاهدي"حزب الله"على انها خالية من اي معنى للكرامة، وانها خاوية فكرياً، وان صور القادة الموجودة في شوارع الضاحية"عابسة كالحة"وأن هناك قمعاً يمارسه"حزب الله"على أهل المناطق التي يوجد فيها، والقصة لا تنتهي. هذه الشخصيات التي جردتها من احترام الكرامة صنعت نصراً. هؤلاء الرجال الخاوون فكرياً بنوا مجداً وعزاً. القادة الذين قلت ان وجوههم"عابسة""كالحة"أنارت للأمة صباحها، بعدما عانينا عقوداً طوال من الظلمة والهزيمة على أيدي جيلك الذي أتخمنا بالشعارات حتى كنا نتقيأ كل يوم ذلاً وهزيمة .... صرنا منذ العام ألفين نتنفس هواء العزة والكرامة، هذه الرائحة وهذا الهواء ليسا مستساغين عند حازم وأمثاله. ولا أظن ان هذه العبارات تعني لهم شيئاً سوى المزيد من شحذ الأقلام المستأجرة المرهونة لكل من يدفع أكثر في مزادات البيت الأبيض. بيروت - موسى الحسيني [email protected]