القلم به تحفظ العلوم، وتكتب الرسائل، وبه تسطر السير، ويسجل التاريخ، وبه يبدأ التعلم، وتشرق المعرفة، وهو مصباح يحترق لينير العقل، ويشتعل ليضيء الكون، وهو السيف في ميدان الحق، والسهم عند احتدام الفنون. القلم صديق حامله، وأمين صاحبه، وحافظ خليله، يعطي ولا يمل، ويجود ولا يفقر، يريد نقل الحق ويأنف الباطل. من أخذه أخذ عليه عهده، ومن آخاه أسمعه شرطه. القلم أمانة في يد حامله، فمن وفّى حقه، وأدّى شرطه كان له عوناً وأنيساً، ومن ضيّع حقه، وسعى به إلى الجهل خاب وكان من الخاسرين. القلم يريد نشر الحق، وبث النور، وهداية السائل، وإسعاد الطالب. القلم يأبى من الفسوق، ويعتلي عن الباطل ويبتعد عن الجاهل. القلم صورة ناقلة لمن كتبَ به، وشخصية حقيقية لمن خَطّ به، وهو كاشف عن باطن من عمل به، فهو ترجمان السرائر، وتبيان الخوافي. القلم سفير القلوب، وبريد العقول، ورسول الأرواح. كل عاقل يتعامل معه بأمانة، وكل عالمٍٍ بقيمته يدرك مسؤوليته، فلا يستخف به إلا جاهل. نطالع يومياً كتبا وروايات وقصصا ومقالات فيها النافع والضار، والخطأ والصواب، فهناك من كتب وهو مستشعرٌ لما يكتب، فتحرى الصدق والأمانة وأخذ على عاتقه (قل خيراً أو اصمت)، وهناك من كتب وهو يريد إظهار نفسه ولفت الانتباه إلى شخصه، فتراه حيناً يحرك أموراً منافية، وحيناً يروي حكاياته وقصصه. ما الفائدة التي يستفيدها القارئ حينما يروي الكاتب ذهابه من البيت إلى العمل، أو يحكي عن خلافه مع غيره، أو يروي ما يتنافى مع مجتمعنا، فالقارئ يقرأ ليستفيد ويضيف إلى فكره شيئاً جديداً. القارئ وهو يقرأ يعلم مما كتب أمامه من هو الكاتب، وما هو هدفه، وماذا يريد أن يصل إليه، وما هي عواطفه وميوله. قيمة القلم على قدر قيمة ما يكتب به، فمن كتب حقاً، أو بين صواباً، أو دحض خطأً، فهو مستحق للقلم، ومن كتب هوىً، أو نقل إفكاً أو روى باطلاً فلا يستحق القلم.