عندما يكون مقر شركة شابة مثل مدينة صغيرة فلابد ان يكون لديها خططاً كبيرة. وهذا هو حال شركة"هواوي تكنولوجيز"لمعدات الاتصالات. وتبلغ مساحة موقع الشركة، وهي أكبر شركة صينية في مجال الاتصالات، نحو 11.3 كيلومتر مربع في بلدة شينتشن المنتعشة في الجنوب حيث يعمل أكثر من نصف طاقمها المؤلف من 24 الف عامل لاطلاق علامة الشركة التجارية في شتى انحاء العالم. وارتفاع مبيعات"هواوي"وصفقاتها الاخيرة جذبت اهتمام المستثمرين المتوقعين الذين يتلهفون على طرح اسهمها في البورصة، بالاضافة الى المنافسين القلقين من أن تقضم المنتجات الصينية الرخيصة حصة كبيرة من الاسواق الغربية. وفازت الشركة في الشهر الماضي بأول عقد اوروبي كبير، اذ أبرمت عقداً مع"اريكسون"السويدية بقيمة 400 مليون يورو 530 مليون دولار لانشاء الجيل الثالث من شبكة الهواتف النقالة لحساب شركة"تيلفورت"الهولندية. وقال ريتشارد لي المتحدث باسم شركة"هواوي"ان"العامين المقبلة سيكونان جيدين بالنسبة لنا في غرب اوروبا. بدأنا بالاسواق الناشئة لان المنافسة أقل". وبتشجيع من اسواق مثل روسيا والشرق الاوسط وافريقيا قفزت مبيعات شركة"هواوي"في الأسواق الخارجية بنسبة 117 في المئة الى 2.28 بليون دولار في العام الماضي، بينما ارتفع الدخل في السوق الصينية المتشبعة بنسبة 18 في المئة الى 3.3 بليون دولار. وقالت الشركة ان قيمة صادراتها قد ترتفع الى أربعة بلايين دولار في السنة الجارية وهي تركز على منافسة شركات مثل"موتورولا"و"اريكسون"و"نوكيا"في اوروبا الغربية واميركا الشمالية. ويقر منافسو الشركة الصينية بمدى جديتها. وقال ريتشارد رايت المتحدث باسم شركة"لوسنت تكنولوجيز"التي يوجد مقرها في هونغ كونغ:"المنافسون مثل هواوي يجبروننا على أن نكون أفضل من اجل عملائنا". وبينما تتفوق الصين في انتاج سلع رخيصة فان شركاتها تكافح لترويج اسمها في الخارج. وقد يتغير ذلك، ففي الشهر الماضي اتفقت شركة"لينوفو"الصينية الكبرى لاجهزة الكومبيوتر الشخصي على شراء أنشطة شركة"اي بي ام"مقابل 1.25 بليون دولار. وتمكنت أيضاً شركات مثل"هاير"لصناعة الاجهزة و"تي سي ال"لانتاج أجهزة التلفزيونات والهواتف النقالة من الوصول الى أسواق خارجية. ويقول محللون ان منتجات"هواوي"الرخيصة حققت انتشاراً كبيرا في الاسواق الخارجية. وقال برتراند بيداود المحلل في"غارتنر":"ربما كانت هواوي مازالت تحقق ايرادات أقل من الشركات الكبرى مثل الكاتيل وسيمنس لكن معدل النمو أعلى بكثير. من ثم فان اثرها على الاسواق أعظم من الحجم الحقيقي". وأضاف:"خطوتها القادمة ستكون الفوز بصفقة مع شركة عالمية كبرى. من الواضح انهم يتفاوضون مع العديد من شركات الاتصالات الكبيرة التي ستعطيهم مزيداً من المصدقية". وتفتقر"هواوي"لاسم تجاري قوي وهذا هو أضخم تحد أمامها لتصبح في مصاف الشركات الكبرى على حد قول لي. وتابع""نهدف الى أن تصبح أسهم الشركة مطروحة في البورصة ... فسيساعدنا ذلك على تحسين اسمنا التجاري". وأشار لي ان الشركة لا تتعرض لضغوط مالية تجبرها على طرح أسهمها في البورصة بعدما حصلت على تسهيلات ائتمانية بقروض قيمتها عشرة بلايين دولار من بنك التنمية الصيني الشهر الماضي. الا أن بيداود أشار الى أنه كلما توسعت شركة"هواوي"أكثر كلما تحتم عليها ان تفكر سريعاً في طرح أسهمها في البورصة. وقال:"عند نقطة ما سيطلب عملاء هواوي الكبار مستوي أكبر من الشفافية، الامر الذي سيجبر الشركة على طرح أسهمها في البورصة. طرح الاسهم في البورصة ليس فقط مسألة مالية. لكنه أيضاً مسألة استراتيجيةط. لكن اذا ما قررت"هواوي"طرح أسهمها في البورصة فلابد من أن تدرس بعض الشيء ما يردده البعض عنها، خصوصاً فيما يتعلق بملكيتها، كما قال دونكان كلارك مدير شركة"بي دي أي"الصينية للاستشارات. وتغضب الشركة من التلميحات بأن لها علاقة بجيش التحرير الشعبي الصيني. وكان رين تشنغفي المدير التنفيذي للشركة الذي اسسها في عام 1988 جندياً سابقاً في الجيش. وقال لي:"انها شركة خاصة. انها مملوكة بنسبة 100 في المئة للعاملين بها. ليس لها أي صلة بالجيش". وتضررت سمعة الشركة عندما أقامت شركة"سيسكو سيستمز"الاميركية العملاقة دعوى قضائية ضدها عام 2003 تتهم فيها"هواوي"بالقرصنة على حقوق الملكية الفكرية لها. واسقطت"سيسكو"الدعوى في العام الماضي بعدما اتخذت"هواوي"خطوات لتبديد مخاوف الشركة الاميركية في هذا الشان. وأضاف كلارك:"ربما كانت كل تلك القضايا غير ذات أساس الا انها بالتأكيد ستكون أوراقاً تلعب بها الشركات الاجنبية للضغط . سوق الاتصالات صناعة سياسية بدرجة كبيرة".