من المعروف ان المجتمعات الغربية لا تتسم بالترابط الأسري نفسه الذي تتميز به البلدان الشرقية. وفيما تكون رعاية المسنين من أولادهم واقربائهم عادة في مجتمعات مبنية على المفهوم العائلي ورعاية صلة الرحم، لا تنطبق الحال هذه على المجتمع البريطاني المبني على الذاتية. هذا لا يعني ان البريطانيين لا يهتمون بالمسنين، الا ان المجتمع لا يساعد في الترابط الوثيق والرعاية الدائمة للأقرباء المسنين. فالعائلات لا تلتقي الا في المناسبات مثل الميلاد ورأس السنة. وبما ان نمط الحياة اليومية يرتكز الى الفردية والاستقلالية، يسكن معظم المسنين البريطانيين وحدهم ولا يقيمون مع ابنائهم وبناتهم. وتلعب المنظمات الحكومية والخيرية دوراً أساساً في رعاية هؤلاء والاستجابة لطلباتهم. للمسنين خياران في بريطانيا: التأقلم والاعتماد على النفس أو الذهاب الى أحد دور المسنين التي يفوق عددها 20 ألفاً في بريطانيا. وللوضع الصحي أهمية خاصة في تقرير مصير الكبار. فالاعتماد على الذات يتطلب القدرة على رعاية النفس والتكفل بجميع مستلزمات الحياة. ويقضي الكثير من المتقاعدين في بريطانيا أوقات فراغهم بالسفر داخل البلاد وخارجها. لكن ذلك يتطلب صحة جيدة لتحمّل متاعب السفر. وتنظم وكالات سفر خاصة رحلات مصممة للكبار في السن. ويتركز الكثير من هذه الرحلات على الرياضة مثل المشي في حقول ألمانيا أو ركوب الدراجات على ضفاف نهر النيل. وبعد اثبات ضرورة ممارسة الرياضة للحفاظ على النشاط والصحة في الكبر، يحرص المسنون البريطانيون على ممارسة الرياضة خصوصاً المشي في الحدائق العامة التي تخلو اثناء أيام العمل من الزائرين ما عدا الأمهات مع اطفالهن الصغار. وتدعم وزارة العمل والتقاعد البريطانية نشاط المسنين بطرق عدة، مثل تقديم بطاقات بأسعار مخفضة لاستخدام المواصلات العامة، ودخول مجاني الى المتاحف التي تملكها الدولة. وعينت الوزارة دائرة خاصة مهتمة بالمتقاعدين تقدم خدمات متنوعة من تزويد معاش التقاعد الى تقديم النصائح عن دور المسنين والتأقلم مع موت الزوج أو الزوجة. إضافة الى الدعم الحكومي، تلعب المنظمات الانسانية والخيرية دوراً أساسياً في حياة المسنين البريطانيين. ويصبح المتطوع في احدى الجمعيات الخيرية أقرب الى المسن من عائلته في بعض الأحيان. اذ تنظم الجمعيات زيارات منزلية للكبار لمساعدتهم في اعمال البيت أو للجلوس والتحدث معهم من أجل اشراكهم في الحياة العامة. وتمكنت منظمة"ايج كونسرن"خلال ال33 سنة الماضية من توعية الشعب البريطاني حول مشكلات المسنين وجمع التبرعات لهم، اضافة الى العمل مع كل مواطن فوق الخمسين من عمره ل"جعل الحياة أكثر متعة وارضاء"بحسب المنظمة. وتطلق"ايج كونسرن"حملات توعية بين الحين والآخر في بريطانيا لجمع التبرعات للمسنين أو تسليط الضوء على موضوع معين يؤثر في حياتهم. وأطلقت المنظمة منذ شهرين حملة بعنوان"الدفء للمسنين"تسعى الى توعية الشعب البريطاني حول مشكلات المسنين وضعفهم تجاه البرد القارس اثناء الشتاء. ورافق الحملة تقرير يشير الى أن أن 22 ألف مسن بريطاني معرضون للموت بسبب أمراض تتعلق بالبرد اذ لا يستطيعون دفع تكاليف التدفئة لبيوتهم.