منعت الحكومة الأردنية أمس النقابات المهنية من العمل السياسي، وخصوصا النشاطات المناهضة لاتفاقية السلام الأردنية - الإسرائيلية للعام 1994، وبرامج مقاطعة البضائع الأميركية في السوق الأردنية. وطلبت السلطات إزالة الشعارات واللافتات المعادية لإسرائيل والولايات المتحدة المرفوعة على مبنى النقابات وسط عمان، فيما نددت النقابات بالموقف الحكومي، واعتبرته"تأزيماً"لا يخدم"الأمن الوطني". وشنّ وزير الداخلية الأردني سمير حباشنة هجوما عنيفا على رؤساء 14 نقابة مهنية، خلال لقائهم ليل أول من أمس. وقال في تصريحات وزعتها وكالة الأنباء الرسمية"بترا"انه"لن يسمح تحت طائلة المساءلة القانونية أن يتم تناول أي موضوع غير مهني داخل أروقة مبنى النقابات المهنية"، محذراً من أن"الحكومة لن تتهاون في تطبيق القوانين، ولن تكون هناك أية قوانين مسكوت عنها"، وذلك"حسما"لما وصفه ب"حال الانفلات الذهني الذي يعبر عنه بعض الفئات الحاقدة على منابر النقابات، على أساس أن بتر الانفلات المهني هذا إنما هو درء لخطر أي انفلات أمني". وتضم النقابات المهنية نحو 130 ألف عضو، ويسيطر الإسلاميون على مجالسها الرئيسية، لكن قوانينها لا تحظر على أعضائها العمل في الشأن السياسي. واعتبر الحباشنة أن"العمل العام والسياسي منه بالذات هو من اختصاص الأحزاب السياسية". وقال:"بما أن لدينا أحزاباً تمثل اتجاهات وألوان الطيف السياسي كافة فإن التعبير السياسي للأردنيين إنما يتم عبر القنوات الحزبية المختلفة"، متهما النقابات ب"العمل خارج الاختصاص وتجنيد نفسها لتكون منابر لمن هبّ ودبّ من الأفكار وبالذات تلك التي تسيء للدولة الأردنية بمكوناتها المختلفة ولمصالح الدولة الأردنية وعلاقاتها"، في إشارة ضمنية إلى معارضة النقابات للعلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة. وحدّد ديوان التشريع التابع للحكومة قبل عامين النشاطات المسموح للنقابات القيام بها ب"اجتماعات الهيئات العامة، واللجان النقابية المهنية، وعقد المؤتمرات والندوات العلمية". وشدد الحباشنة على أن"النشاطات غير مهنية في النقابات، خلافاً لذلك ستخضع الى قانون الاجتماعات العامة"الذي يشترط موافقة الحكام الإداريين المسبقة على أي مسيرة أو تظاهرة أو مهرجان خطابي. إلى ذلك، تمسكت النقابات امس بحقها في"ممارسة العمل السياسي الذي اعتادت عليه منذ ما يزيد عن 50 عاماً". وطالب رئيس مجلس النقباء عبدالرحيم عيسى في بيان ب"إشاعة أجواء الارتياح والتقارب والتراضي، بدلاً من أجواء التصادم". ورأى ان"المعارضة النقابية جزء أساسي من بنية الأمن الاجتماعي والوطني والقومي"، مؤكداً أن"الأعمال المهنية تشكل 99 في المئة من نشاط النقابات التي لم تخرج على البنيان القانوني للدولة ورأسه الدستور الذي يتيح الحريات العامة لجميع المواطنين والمؤسسات الوطنية، وحق مخاطبة السلطات العامة من كافة المنابر، بما فيها النقابات المهنية". واستغرب الحملة الحكومية ضد النقابات التي"لم يخرج عنها إلا الكلمات التي تقول: لا لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون، ولا للرئيس الأميركي جورج بوش، وكل قادة الاحتلال للوطن العربي، والذين يطلبون رأس الأمة العربية مجتمعة، ومنها الأردن والعراق وسورية ولبنان والسودان".