بدأت باكستانوإيران محادثات سرية بشأن ولاية بلوشستان المقسمة بينهما، بعدما ازدادت وتيرة الهجمات الصاروخية المجهولة المصدر ضد المنشآت الباكستانية في الولاية، الأمر الذي يهدد زيارة الرئيس الصيني هيو جينتاو المقررة في الربع الأول من هذا العام، إلى المنطقة لافتتاح ميناء جوادر الباكستاني الضخم عند مدخل مضيق هرمز. وتتهم مصادر في أجهزة الأمن الباكستانية"دوائر مدعومة رسمياً"في إيران وفي إحدى الدول الخليجية بدعم إرهابيين، في محاولة لإجهاض المشروع الباكستاني-الصيني الطموح لجذب التجارة من وإلى جمهوريات آسيا الوسطى، عبر الميناء الجديد المطل على بحر العرب. وقتل 15 شخصاً بينهم شرطي باكستاني على الأقل وسيدتان مع طفلتين، بعدما تعرضت منطقة سوئي الغنية بالغاز الطبيعي وسط بلوشستان إلى أكثر من 164 صاروخاً من التلال والجبال المحيطة بالمنطقة خلال الأيام الخمسة الماضية. واستهدفت الصواريخ منشآت تابعة لشركة نفط باكستان الرسمية. ورافق الهجمات إطلاق نار كثيف على منازل المهندسين الباكستانيين العاملين في المنطقة. وكانت منطقة ميناء جوادر شهدت حوادث مماثلة في الأسابيع الأخيرة من العام الماضي قتل فيها ثلاثة مهندسين صينيين. وفي ما يبدو أنها محاولة من الجانبين لاحتواء أي توتر، وصل رياض كوكر وكيل وزارة الخارجية الباكستانية إلى طهران أول من أمس في زيارة مفاجئة رفضت الخارجية الباكستانية التعليق عليها. كما أن آغا مهدي عروج، نائب حاكم ولاية سيستان-بلوشستان الإيرانية، وصل الى مدينة كويتا عاصمة بلوشستان الباكستانية. وعقد الباكستانيونوالإيرانيون محادثات في طهران وكويتا أمس، غير أنه لم يصدر أي تعليق رسمي من الجانبين. وقالت مصادر باكستانية إنه سبق لإسلام آباد إبلاغ طهران عبر القنوات الديبلوماسية شكوكها بالأسباب التي دفعت إيران إلى السماح بفتح قنصليات قريباً من الحدود الباكستانية، إلا أن تحركات الطرفين المستجدة تأتي انعكاساً لقيام الولاياتالمتحدة بتشديد الضغوط على البرنامج النووي الإيراني. وقال مسؤول باكستاني مكلف الأمن في بلوشستان ل"الحياة"أمس في إسلام آباد:"لم نجد تجاوباً في السابق. لكننا نشعر بأن ثمة جدية الآن في النظر في ملاحظاتنا". وبحسب مصدر باكستاني تحدث إلى"الحياة"، رفعت أجهزة الأمن الباكستانية مذكرة في وقت سابق إلى إدارة الرئيس مشرف أشارت إلى وجود أدلة على أن تلك القنصليات الهندية تسيء استخدام الأراضي الإيرانية لتدريب وتمويل عناصر بلوشية باكستانية خارجة عن القانون لتنفيذ أعمال تخريب في باكستان. وقالت مصادر في الخارجية الباكستانية أمس أن كوكر توجه إلى طهران بعدما التقى في إسلام آباد الجنرال جون أبي زيد، القائد العسكري الأميركي المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط. وأعلنت مجموعة غير معروفة سابقاً تسمي نفسها"جيش تحرير بلوشستان"مسؤوليتها عن الهجمات ضد المشآت الرسمية وضد قواعد الجيش الباكستاني في بلوشستان، وهي أكبر الولاياتالباكستانية من حيث المساحة وغنية بالنفط والغاز الطبيعي. ويدعم بعض زعماء القبائل البلوشية هذا التنظيم، مشيرين إلى أن الحكومة الفيديرالية في إسلام آباد تستغل ثروات الولاية وتقوم بتنفيذ مشاريع تنموية ضخمة من دون إذن زعماء القبائل. غير أن الرئيس برويز مشرف وجه تحذيراً غير مسبوق إلى المقاتلين القبليين في المنطقة المتنازع عليها. وقال:"نحن اليوم لسنا في السبعينات يوم كنا نلاحقهم ونتسلق الجبال وراءهم. هذه المرة لن يمهلهم الوقت ليدركوا متى ومن أين جاءهم شيء ما ويقصفهم"، في إشارة فسرها مراقبون على أنها تهديد باستخدام الصواريخ الموجهة بالليزر والتي استخدمتها القوات الباكستانية لقتل من بقي من تنظيم"القاعدة".