في شهر تشرين الأول أكتوبر الفائت، أطلق مصمم الأزياء ايلي صعب، مجموعته الجاهزة لربيع - صيف 2006، من باريس، ما شكّل خطوة متقدّمة وإن كانت غير مفاجئة، في مسيرة المصمم اللبناني، المعروف بتميزه الدائم. بعدما أعادتنا مجموعته لخريف-شتاء 2005 إلى عشرينات القرن الفائت وأربعيناته كما في الأفلام القديمة الساحرة، لعمالقة إيطاليا فريدريكو فلليني ولينا فرتمولر... أعلن صعب قدوم فصل الربيع، مسترجعاً روح الخمسينات، والحقبة الذهبية في هوليوود وأناقتها. التصاميم التي تميّزت بألوان أحمر الياقوت والأبيض والبيج والذهبي والأزرق البترولي، شكّلت دليلاً إضافياً الى شغف صعب بالتفاصيل وتوقه الى الكمال. تنوعت مجموعة صعب للألبسة الجاهزة، مع المحافظة على النمط الخاص الذي تميز به. فسحر الجمهور بفنّه مرّة جديدة، محافظاً على الرقي الخاص الذي يطبع تصاميمه. قصّات مجموعة الألبسة الجاهزة لم تختلف عن أزياء صعب الراقية، لجهة"نحتها"جسد المرأة من خلال إبراز جمالها وإخفاء عيوبها. انسجام تام ظهر واضحاً بين القماش والجسد، ومن أزياء حفلات الكوكتيل كسراويل السموكينغ والسترات الفضفاضة المربوطة عند الخصر الى المعاطف الحريرة التي تتماشى مع الجينز. خط واحد يحافظ على أناقة امرأة صعب عربية كانت أو غربية. التصميم فنّ بحسب صعب، وهو بذلك فنّان موهوب استطاع أن يُقرّب الجينز والسراويل الفضفاضة والمطرّزة عند القدمين بالبرق والتنانير الساتان المكسّرة وشلحات الموسلين الشفاف والقماش المخرّم من رتبة الأزياء الراقية. تميز إيلي صعب 41 عاماً في مسيرته في عالم الموضة التي بدأها عام 1982 مع تقديمه أول مجموعة من الأزياء الراقية. نجاح تصاعدي بدأ منذ 23 عاماً، جعل من الصعب العودة إلى البدايات للكلام عن الدرجة الأولى في سلّم مسيرة صعب. وبات الجديد المنتظر من"إبرة النحّات اللبناني"هو الحدث. وبالتالي تحوّل التأمل في مستقبل صعب أقوى من أي شيء قدّمه بالأمس. عبّر إيلي صعب، في أكثر من مقابلة صحافية، عن أن الوقت يشكّل هاجسه الأكبر، وأنه يشعر بأنه في صراع دائم معه. وتبرز مسيرة صعب هذا الصراع الذي يبدو أنه يحكمها منذ البداية، وقد يرى البعض أن بلوغ صعب العالمية تحقق في فترة قياسية، إذ إن اسمه لم يخفت منذ انطلاقته. والجدير ذكره أن هذا النجاح لم يأتِ وليد الساعة، إنما جاء عبر تراكم نجاحات حقّقها صعب في أكثر من مجال. الرائد عالمياً ليس مبالغة إطلاق لقب"الرائد"على ايلي صعب، في العديد من المحطات المهمة في عالم الموضة على الصعيدين العربي والعالمي. إذ إن صعب تخطى حدود وطنه ليحلّق في فضاء الموضة الواسع من خلال تميّزه في التصاميم والأفكار التي يطرحها. لامس الاختلاف بين المرأة الشرقية والغربية، إلى حدّ استطاع أن يسبر فيه نقاط الالتقاء، وبعدما كان يصمم مجموعتين مختلفتين في كل موسم، واحدة للذوق الغربي وأخرى للشرقي، تمكّن من المزج بينهما. وجاءت خطوته هذه لتؤثّر بشكل واضح في ذوق المرأة الشرقية التي أصبحت أكثر ميلاً إلى الأناقة البسيطة البعيدة من التطريز والشك المبالغ فيهما. جنسية صعب اللبنانية وجذوره العربية، لم تقف في وجه مسيرته، بل كان أول مصمم عربي يخترق صفوف المصممين الإيطاليين، عام 1996، وتمكّن من تحقيق نجاح باهر في إيطاليا وأوروبا، بعدما شرّعت عاصمة الموضة باريس أبوابها أمامه. يمكن اعتبار ولوجه مسرح العروض الباريسية عام 2000، من أهم المؤشّرات الى نجاحه وتميّزه في ميدان عمله، التي شكّلت نواة السنوات الخمس الأخيرة، إذ اختير - وهو المصمم العربي الوحيد - في العام نفسه، من بين 12 مصمماً عالمياً لتصميم أزياء أفلام هوليوود وحفلات توزيع الأوسكار، ما أسهم في تكريسه صاحب خط مهني خاص ومميز، ووضعه في خانة المنافسة مع كبار المصممين العالميين أمثال ايف سان لوران وكريستيان لاكروا وغيرهما. رمزية المناسبات، وخصوصية النساء اللواتي يرتدين أزياءه شكّلت أبرز المؤشّرات الى الحضور النوعي الذي يتمتع به، ومن أهمها: تصميم فستان تتويج الملكة رانيا عقيلة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. من النادر أن يقوم صعب بخطوة لا تشّكل مرجعاً، أو لا تترك أثراً في عالم الموضة. فحتى زفافه، اعتبر خطوة نوعية في هذا العالم. إذ تحوّل فستان عروسه كلودين بلون البيج المطرز بالذهبي من"خرق"لموضة فساتين الأعراس البيضاء إلى إشارة إطلاق موضة فساتين الأعراس الذهبية. 2003 عام آخر في"مسيرة مصمم". إذ اصبح ايلي صعب"عضواً مدعواً"في الغرفة النقابية لكبار مصممي الأزياء ما يسمح له بالمشاركة في عروض الأزياء في الجدول الزمني الرسمي للعروض الباريسية. وتلاحقت الأحداث في العام نفسه، ليصبح صعب أول مصمم أزياء عربي يتدخّل في وضع تصميم لسيارة، وذلك مع طرح شركة"بي أم دبليو"مئة سيارة جديدة في منطقة الشرق الأوسط، من طراز BMWX5 ذات الدفع الرباعي الرياضية، من تصميم مصمم الأزياء العالمي ايلي صعب. وكانت مجموعة فساتين العرائس التي تعتبر المفضلة لصعب، مصدر الإلهام الذي اخرج التصاميم الخاصة ب"BMWX5 ايلي صعب الحصرية"، فجاءت باللونين التقليديين لأزياء العرس: الأبيض والأسود الكربوني، لتتماشى مع شعار"التمازج المثالي"للفخامة والأناقة. وقد حاول ايلي صعب من خلال هذا التصميم ان يعكس المعنى الجمالي"للعروس وعريسها".