بعد 55 يوماً من تشكيل حكومة الدكتور احمد نظيف، صدر أمس قرار جمهوري حدد التعرفة الجمركية الجديدة وخفضها الى متوسط 40 في المئة. وشمل الخفض الكبير في التعرفة، الذي سيكلف الخزانة العامة ثلاثة بلايين جنيه، السلع الغذائية والوقود والمستلزمات الصناعية وسلعاً استهلاكية وأدوية الاطفال وغيرها. أصدر الرئيس حسني مبارك أمس قراراً جمهورياً بخفض التعرفة الجمركية المعمول بها الى متوسط 40 في المئة مع شطب رسوم الخدمات والرسوم التابعة لها في المنافذ الجمركية، على أن يشمل الخفض السلع الغذائية والصناعية والمستلزمات الصناعية والوقود وسيارات الركوب والسلع الاستهلاكية وأدوية الاطفال وعدداً من السلع الاخرى. وأعلن القرار وزير المال يوسف بطرس غالي في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزيري التجارة الخارجية والصناعة رشيد محمد رشيد والاستثمار محمود محيي الدين. ويستهدف القرار خفض أسعار السلع المتداولة في السوق مع تهيئة المناخ المناسب لزيادة الصادرات وجذب المزيد من الاستثمارات. واعتبر غالي القرار"بداية سلسلة من اجراءات في منظومة الاصلاح الاقتصادي التي تستهدف زيادة النشاط وتهيئة المناخ الملائم لزيادة تنافسية الاقتصاد المصري". وقال:"خفض التعرفة الجمركية سيؤدي الى انخفاض حصيلة الخزانة العامة بواقع ثلاثة بلايين جنيه، غير أن ثقة الحكومة في قدرة الاقتصاد الوطني على النهوض واستغلال المناخ الجديد كانت دافعاً لاتخاذ القرار خصوصاً أن استجابة الاقتصاد لهذه الخفوضات ستنعكس في ايرادات ضريبية ورسوم وزيادة في الدخول والانفاق ومعدلات الارباح لما يسهم في تعويض البلايين الثلاثة خلال فترة 18 شهراً". واعتبر غالي ان خفض التعرفة الجمركية هو أول قرار جذري للحكومة الحالية، وبدأت دراسته منذ 14 تموز يوليو الماضي بالتعاون بين وزارات المال والاستثمار والتجارة الخارجية والصناعة نظراً لأثره الكبير في تغيير المناخ الاقتصادي بصفة عامة. وقال ان"القرار أخذ في الاعتبار عناصر رئيسية عدة أولها البعد الاجتماعي الذي يمثل العنصر الرئيسي في العمل الحكومي مع ضمان تحقيق الكفاءة الاقتصادية وتهيئة مناخ قانوني وتنظيمي يدفع المؤسسات العاملة في مصر إلى المزيد من الكفاءة مع المواءمة بين تحقيق الحماية للاقتصاد الوطني وزيادة الكفاءة الاقتصادية". وأكد ان العصر الحالي هو عصر المستهلك المصري الذي من حقه الحصول على سلعة جيدة منخفضة الكلفة ومن ثم فإن الحكومة ملتزمة بتهيئة المناخ الملائم لانتاج هذه السلع. وأقر وزير المال بحاجة القطاع الانتاجي الى قدر من الحماية لكن بشكل اكثر كفاءة، معتبراً أن"تغييرات سعر الصرف منحت جزءاً من الحماية للصناعة الوطنية ومن ثم فإن الافراط في الحماية أو التقليل منها سينتج ارتفاعاً غير مبرر في الاسعار أو عجز المنشآت عن المنافسة". واستهدف القرار كذلك"علاج التشوهات الجمركية ومحاربة الفساد والانحراف والارباح غير المشروعة التي يتم تحقيقها نتيجة تباين مواصفات السلع أو التشوهات التي تفرق بين السلع المستوردة لأغراض الصناعة او التجارة، إذ كانت تفرض رسوماً جمركية مقدارها خمسة في المئة على بعض السلع إذا كانت واردة لاغراض صناعية، على أن يتم فرض رسوم مقدارها 30 في المئة على السلعة نفسها إذا كانت واردة لاغراض تجارية وهو ما كان يمثل معوقاً للمنشآت الصغيرة". وقال:"التعرفة الجديدة تضمنت إلغاء التفرقة بين السلع وفقاً للمواصفات او غرض الاستيراد كما تضمن خفض عدد فئات التعرفة من 27 الى ست فئات فقط". وقال غالي:"الفئات الست للتعرفة الجمركية الجديدة هي 2 في المئة و5 في المئة و12 في المئة و22 في المئة و32 في المئة و40 في المئة"، مشيراً الى أنه لم يتم رفع التعرفة الجمركية على أي سلعة بل تم اجراء خفوضات لمتوسط 40 في المئة. وأكد غالي أن كل الدول التي أدخلت هذا النوع من الاصلاح حققت طفرة ملحوظة في معدلات النمو الاقتصادي، ومن ثم فإن ايمان الحكومة بقدرة الاقتصاد المصري على النهوض بطاقته الذاتية والرغبة في منحه الامكانات وتهيئة المناخ المناسب مثلت دافعاً قوياً لاجراء هذه التعديلات. وذكر أن الحكومة راعت في التعرفة الجديدة تنشيط عدد من القطاعات على رأسها قطاع نقل الركاب والبضائع، حيث تم خفض التعرفة الجمركية على الجرارات ومستلزمات التشغيل والاطارات بنسب تراوح بين 25 و35 في المئة، وتم خفض الرسوم الجمركية على الجرارات حمولة 18 و20 طناً من 40 الى خمسة في المئة، وعلى الجرارات حمولة اكثر من 20 طناً من 40 الى 12 في المئة وعلى كل الانواع الاخرى من 33 الى خمسة في المئة، كما شمل الخفض كل مستلزمات التشغيل الاخرى فضلاً عن سيارات الركوب فئات 1000 و1300 و1600 سي سي إلى 40 في المئة. وشدد وزير المال على أن التعرفة الجديدة من شأنها ان تُحدث نقلة نوعية في المناخ التجاري والاستثماري في مصر خلال الفترة المقبلة. ومن جانبه، أكد وزير التجارة الخارجية والصناعة أن اصلاح الجمارك سيقود الى اصلاح اقتصادي شامل"لان قطاع الجمارك يمس كل قطاعات الاقتصاد القومي"، موضحاً أن"المستهلك سيلمس تراجعاً في الاسعار في الفترة المقبلة". وقال:"سيكون للتعديلات الجمركية تأثير ايجابي خصوصاً في الصناعة وفي تهيئة مناخ الاستثمار الصناعي ليكون اكثر استقطاباً لرؤوس الاموال والمستثمرين الوطنيين". وأشار الى أن الخفوضات على مدخلات الانتاج وصلت الى نحو 80 في المئة"ما سيؤدي الى انعاش الكثير من الصناعات وزيادة قدراتها التنافسية وزيادة فرصها التصديرية". وقال وزير الاستثمار ان"التشوهات الجمركية كانت عقبة جوهرية في النشاط الاقتصادي وتلقينا غير مرة شكاوى من المستثمرين والتجار في شأن هذه المشاكل خصوصاً ما يتعلق بعدم وضوح بنود التعرفة الجمركية والتقدير الجزافي، وقدمت القرارات الجديدة علاجاً حاسماً لكل هذه المشاكل". وتوقع أن تحدث القرارات الجديدة نقلة نوعية في النشاط الاقتصادي، وتقضي على التعقيد والبيروقراطية وتلبي طموحات المستثرين والمستهلكين. وأكد ان البورصة تفاعلت ايجاباً وسريعاً مع القرارات الجديدة وارتفعت المؤشرات العامة بما يعكس ثقة واسعة من المستثمرين الوطنيين والاجانب في الاستثمار بالسوق المصرية.