بالنظر الى الانتشار الواسع لنظام التشغيل "ويندوز"، الذي تصنعة الشركة العملاقة مايكروسوفت، اثار اعلان الشركة عن اطلاق برنامج الحماية "اس بي 2 اكس بي" SP2 XP، اهتماماً واسعاً في العالم. و يفترض بهذا البرنامج انه "حزمة امنية" تعطي نظام "ويندوز اكس بي"، الذي يمثل النسخة الاجد من "ويندوز"، حماية من الفيروسات الالكترونية. والمعلوم ان كثيراً من تلك الفيروسات، مثل "دوم داي" و"سلامر"، نجحت في اختراق "ويندوز اكس بي" مستغلة ثغرات اساسية فيه. وتسببت الفيروسات في خسائر ضخمة لمستخدمي ذلك النظام من الشركات والافراد. وللرد على ذلك، اعلنت مايكروسوفت انها صنعت برنامجاً امنياً SP2 XP ، اختصاراً لعبارة Service Pack 2 for XP ، من شأنه اغلاق جميع الثغرات في "ويندوز اكس بي"، ما يجعل استخدامه آمناً تماماً. وسرعان ما اثار برنامج "اس بي 2 اكس بي" نقاشاً عن قدراته الفعلية. ويمكن اعتبار ما يلي سرداً لتجربة شخصية في استخدام برنامج الحماية هذا. خمسة ايام مضنية بعد تأجيل دام اكثر من 6 اشهر، وضعت شركة مايكروسوفت برنامج "اس بي 2 اكس بي" على موقعها للتنزيل. ويعتبر هذا الاصدار اكبر عملية تطوير لنظام تشغيل في تاريخ المعلوماتية. ويتوقع المحللون ان يشحن اكثر من مئة مليون مستعمل هذا البرنامج على اجهزتهم، مستخدمين اكثر من 25 لغة مختلفة خلال الشهرين المقبلين. ما هي التحسينات الفعلية التي يحملها البرنامج الذي طال انتظاره؟ هذا ما حاولت الاجابة عنه بعد تنزيل البرنامج واستعماله لمدة خمسة ايام. قبل التنزيل اردت الاطلاع على ما تقوله الشركة عن التحسين المنتظر. فبحسب بيل غيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت، غيّر SP2 XP نحو خمسة في المئة فقط من نظام التشغيل. ووصفه بالضروري. واعتبره جزءاً من حملة "الحوسبة الموثوقة" التي اطلقها بهدف جعل المعلوماتية أكثر أماناً. فبعد سلسلة الخروقات التي عانى منها متصفح "انترنت اكسبلورر"، والاذى الذي لحق بصورته جراء موجة الفيروسات الالكترونية الاخيرة، بدا ضرورياًً رسم سياسة جديدة تأخذ في الاعتبار مدى اعتماد الشركات والافراد على المعلوماتية. ويفترض ببرنامج SP2 XP ان يجسّد هذه السياسة. فالتغيرات الابرز هي في مجال الحماية والوقاية عند استعمال الانترنت والشبكات الرقمية، عبر "مركز للامن" يُشغِّل "جداراً نارياً" Fire Wall للحماية، اضافة الى التحسينات على الاتصال بين نظام "ونيدوز اكس بي" وبرامج الاتصال بالشبكات الرقمية اللاسلكية، مثل "ولان" WLAN و"بلوتوث" Bluetooth. في اليوم الاول قضيت 4 ساعات كاملة لتنزيل البرنامج من موقع مايكروسوفت. ويُعتبر وقتاً قصيراً نسبياً، لأن حجم البرنامج يبلغ 266 ميغابايت. ولا يتطلب التنزيل اي تدخّل من المستعمل سوى اغلاق كل البرامج قبل البدء. عند الانتهاء يطلب البرنامج اعادة تشغيل الجهاز وعند اول اقلاع تظهر ايقونة "مركز الامن" على الشاشة. خصصت اليوم الثاني لفهم المتغيرات، ووجدت ان مركز الحماية يعمل على جبهات ثلاث هي: 1 - يُدخل البرنامج الجديد تحسينات كبيرة على "جدار النار" الموجود اصلاً في "ويندوز اكس بي" ويجعله يعمل تلقائياً. كما انه يضيف سلسلة مفاتيح في لوحة التحكم، للسماح للبرامج بالوصول الى الانترنت او منعها. ويعتبر حائط النار اساسياً لمنع الهاكرز من الوصول الى الجهاز، وكذلك لمنع الفيروسات الالكترونية من استعمال الجهاز للانتشار على شبكة الانترنت. 2 - يحثّ الاصدار الجديد المستعمل على تشغيل "التحديثات التلقائية"، التي توفرها الشركة دوماً على موقعها، لكي يزيد حصانة النظام ضد اي فيروسات جديدة. وتشير الاحصاءات الى ان جهازاً من دون حماية يعيش 20 دقيقة على شبكة الانترنت، قبل ان يخترق ويصبح بدوره أداة لخرق اجهزة اخرى. 3 - مع انني لست من محبي برامج محاربة الفيروسات، بسبب ابطائها للنظام، الا انها تمثل اسلوباً ناجحاً للوقاية. ويبحث SP2 XP عن البرامج المضادة للفيروسات، ويوصي باستعمالها. حملات الدعاية الالكترونية لكن التحسين لا يشمل فقط هذه المواضيع. فانترنت اكسبلورر الجديد ينبه الى وجود المواد التي تقفز الى الشاشة من دون ان يطلبها المستخدم، وتسمى "بوب اب" popup، ويمنع ظهورها. ويعطي الامر المستخدم سيطرة اكبر على ما يظهر على شاشته من صفحات وصور. ويعتقد بعض المحللين ان هذه ستكون نهاية الحملات الدعائية باسلوب "بوب اب". ثمة تحسينات أيضاً في برنامج البريد الالكتروني "اوت لوك اكسبرس" outlook express تهدف لمحاربة "البريد المتطفل" او "سبام" Spam. وتضمن هذه التحسنيات عدم اظهار الصور في البريد لمنع تعقّب المستخدم إضافة الى التنبيهات عند فتح الملفات الملحقة مع الرسائل، وكذلك عند تنزيل الملفات من الانترنت. ومع مرور الايام الخمسة، لم احصل على مشكلات تذكر. وتبددت كل المخاوف التي قرأت عنها قبلاً. استطعت الاستغناء عن برامج مثل "زون الارم" Zone Alarm، الذي يعتبر جداراً نارياً مستقلاً، وكذلك البرامج التي تمنع مواد "بوب اب". واعتبرت ذلك نقاطاً ايجابية لمصلحة SP2 XP. وبالنسبة الى المستخدم المنزلي الذي لا يستطيع ان ينزل 266 ميغابايت، فبالامكان اما الحصول على قرص يحوي SP2 XP او الانتظار قليلاً للحصول على النسخة المخففة، بحجم 80 ميغابايت، التي تزمع الشركة على وضعها في متناول الجمهور قريباً. اما للمستخدمين في الشركات، فقد يؤدي التسرع في شحن SP2 XP الى وقف عمل بعض البرامج. ولذا، اصدرت مايكروسوفت لائحة بأكثر من 50 برنامجاً لا تتوافق مع برنامج الحماية. وينصح بعض الخبراء بشحن SP2 على بعض الاجهزة، ثم تجربة كل البرامج المستخدمة من الشركة، والتصرف بناء على نتائج تلك التجارب. أخيراً، مما لا شك فيه ان SP2 XP يدخل تحسينات هائلة للحماية من الفيروسات ولا شك في أن المستعمل اصبح اكثر علماً بما يجري على مكتبه. وفي المقابل، تبدو نهاية السباق بين شركات المعلوماتيّة والهاكرز بعيدة. فبعد اقل من اسبوع على اصداره وجدت مجلّة "فول" Vole الالمانية، خللين فيه، قد يتمكن الفيروس من استعمالها لخرق الحماية!