أفادت صحيفة "ديلي تلغراف" في عددها الصادر أمس ان رئيس الوزراء توني بلير تلقى وثائق سرية قبل عام من اجتياح العراق حذرته من الفوضى في هذا البلد بعد الحرب. وصدر أحد التحذيرات عن وزير خارجيته جاك سترو الذي توقع في آذار مارس 2002 بأن يكون العراق بعد الحرب "مصدراً أكيداً لاضطرابات كبيرة". وكتب سترو في رسالة شكلت احدى الوثائق المصنفة "سرية" تؤكد "ديلي تلغراف" أنها اطلعت عليها: "يبدو ان بعد كل ذلك تنتظرنا هوة لا نهاية لها". ولفت الى ان معظم المحللين الاميركيين كانوا يؤيدون فكرة اطاحة نظام صدام حسين لوضع حد لتطوير اسلحة دمار شامل. واضاف سترو في الرسالة بحسب الصحيفة ذاتها، "لكن احدا لم يقدم جواباً مرضياً عن السؤال: كيف يمكن التأكد من ان النظام الذي سيحل مكانه سيكون افضل؟". واعتبر ان "العراق لا يملك تجربة ديموقراطية، وهذه الديموقراطية ليست في سلوكيات أو عادات أحد". وجاء في وثيقة أخرى مصنفة "سرية، للقراء البريطانيين فقط"، ان "بناء أمة" في عراق من دون صدام حسين يحتاج الى "سنين". وأضافت الوثيقة "كلما ازداد عديد القوات الغربية كلما تمكنا من السيطرة على مستقبل العراق، لكن الكلفة ستكون اكبر وسنضطر للبقاء مدة أطول". وأوضح كاتب الوثيقة حجته بأن ابدال صدام ب"رجل قوي سني" اخر لن يقضي بالضرورة على رغبة العراق في امتلاك اسلحة دمار شامل لمواجهة التهديد الاستراتيجي المتمثل بايران واسرائيل. واضافت الوثيقة "سيكون هناك خطر كبير بأن يعاد بناء النظام العراقي بشكل مماثل. وقد تتالى الانقلابات حتى يبرز ديكتاتور سني يحمي مصالح السنة"، وخلصت الى القول انه "مع الوقت قد يقتني اسلحة دمار شامل". ولقيام حكومة ديموقراطية قابلة للاستمرار في العراق "ينبغي على الولاياتالمتحدة وآخرين ان يلتزموا عملية بناء الأمة خلال سنوات" وذلك "يقتضي وجود قوة أمنية دولية كبيرة". وفي وثيقة ثالثة ارسلها المستشار في شؤون السياسة الخارجية الى بلير السير ديفيد مانينغ بعد زيارة له في واشنطن في آذار 2002، اعتبر ان "هناك خطرا حقيقيا بأن تقلل ادارة بوش من اهمية الصعوبات". وكتب "ربما يتفقون الأميركيون على القول بأن الهزيمة ليست خيارا يمكن تصوره، لكن ذلك لا يعني بالضرورة انهم سيتفادون الامر". ولم يشأ ناطق باسم بلير التعليق على هذه الوثائق مدافعا في الوقت ذاته عن اختيار رئيس الوزراء المشاركة في الحرب. وقال: "لن ندلي بأي تعليق على الوثائق التي نشرت لكن الحكومة اكدت مرات عدة اسباب المشاركة العسكرية في العراق وتعتقد بشكل قاطع ان العراق تحسن منذ اطاحة صدام حسين". ونفى بلير المعلومات التي أفادت انه لم تكن لديه خطط لما بعد الحرب. وقال في مؤتمر صحافي عقده في قصر ليدز جنوب شرقي انكلترا ان "فكرة عدم امتلاكنا خططاً لما بعد الحرب هي بكل بساطة غير صحيحة. كانت لدينا خطة". وأضاف: "لكن هناك في العراق من عقد العزم على عرقلة عملنا. لذلك من المهم جداً ان نستمر لنربح. وهذا ما سنفعله".