استفتاء نشرته إحدى الصحف السعودية الشهيرة على موقعها في شبكة الإنترنيت وطلبت من القراء إبداء رأيهم في استمرار ناصر الجوهر مدرب المنتخب السعودي لكرة القدم واستكماله لمهمته الموقتة حالياً من عدمه، شارك فيه أكثر من عشرة آلاف شخص.. ماذا تتوقعون نتيجته؟ أكثر من خمسة وتسعين بالمئة طالبوا باستمرار ناصر في قيادة المنتخب.. وأربعة بالمئة فقط قالوا لا، وأقل من نصف بالمئة قالوا الكلمة الصعبة "لا أدري". وللعلم فإن هذا الاستفتاء أجري بعد ساعات من فوز المنتخب السعودي على منتخب تركمانستان ضمن تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم في ألمانيا. هذا الإجماع الذي أحيط بناصر الجوهر له ما يبرره بالتأكيد... لكن هذا لا يمنع من القول أنه مدرب سعودي مجتهد.. منح فرصاً كثيرة لو منحت لمدربين سعوديين آخرين لحققوا الكثير مثل خالد القروني أو حمود السلوة أو فيصل البدين أو غيرهم.. لكن ليس هذا هو بيت القصيد. هذا الإجماع الذي أحاط بالجوهر هو نتاج حالة "إحباط" منقطعة النظير أصابت الشارع الرياضي السعودي من تجارب المدربين الأجانب وخاصة الهولندي "جان فاندرليم" الذي تعامل مع الرياضة والكرة السعودية بطريقة غير لائقة.. فعلاً وقولاً وتعاملاً.. فكان كمن اتي إلى "جيبوتي" أو "جزر القمر" ليصنع بها كرة.. ولهذا إن كل ما سيحققه سيعتبر "إنجازاً" وبقية القصة الهولندية مع المنتخب السعودي معروفة.. ولهذا السعوديون كانوا كالفريق الذي تعلق بقشة الجوهر. وفوز "الأخضر" على تركمانستان التي هزمته قبل أسابيع في كأس أمم آسيا بالصين جاء مريحاً للجمهور السعودي الذي ثار لكرامته الرياضية وبمستوى أفضل مما كان عليه الوضع السابق. لكن دعونا نسترجع شكل الفريق السعودي في اللقاء الأخير مع تركمانستان.. هل كان الفوز لقوة الفريق السعودي أم هو نتاج تواضع مستوى الخصم؟.. هذا هو السؤال المهم. فالأداء السعودي في اللقاء كان خليطاً من الروح والاجتهاد والحماس والأخطاء التي كادت أن تكون قاتلة لولا سوء حظ بريماكوف مهاجم تركمانستان تارة وحسن يقظة حارس مرمى المنتخب السعودي محمد الخوجلي تارة أخرى. لقد أصبت بنوع من الذهول وأنا أطالع ردود فعل وسائل الإعلام السعودية.. وحتى التصريحات المصاحبة لها بعد اللقاء فخيل لي أن "الأخضر" فاز على فريق أوروبي أو حتى اليابان أو كوريا الجنوبية وليس تركمانستان التي أحتاج إلى خريطة تفصيلية حتى أجد موقعها آسيويا من الناحية الجغرافية أما من الناحية الكروية فهي قصة أخرى!!. إنني لا أقود حملة لإصابة الشارع الرياضي السعودي بالإحباط.. أبداً.. لكن نحتاج من وسائل الإعلام السعودي إلى نوع من التوازن في الإنجاز وتقييمه كما هي مطالبة بالتوازن والوسطية في حالة الإخفاق. إذا كان هناك من يطالب بعدم الاعتراف بأن الكرة في السعودية قد اهتزت بمباراة ألمانيا الشهيرة في المونديال.. فمن المنطق ألا يطالبني أحد أن أعتبر مباراة تركمانستان ذات أهمية. الفوز شيء "لذيذ" في لعبة كرة القدم.. وسيكون ألذ إذا شاهدنا الفريق السعودي وهو يتأهل في التصفيات النهائية الآسيوية إلى كأس العالم.. وحتى يتحقق هذا سنحتاج إلى أكثر مما تحقق في تركمانستان.. لعباً وموهبة وجماعية وتكتيكاً وقتالية.. وهذا لن يتحقق فقط بهذه العناصر وبالتأكيد ليس بهذا المدرب فقط.. أليس كذلك؟؟!.