قال"بنك الكويت الوطني"انه يبدو أن رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي الان غرينسبان عازم على رفع الفائدة، اذ لم يدع في شهادته أمام الكونغرس في الثامن من شهر أيلول سبتمبر الجاري مجالاً للشك في أنه على استعداد لرفع الفائدة على الدولار مجدداً عند انعقاد مجلس الاحتياط لاحقاً هذا الشهر. وأضاف البنك في تقريره الأسبوعي أنه يبدو أيضاً أن غرينسبان لا يحب أن يحيد عن مساره، وأنه يظن أن ارتفاعاً بطيئاً وثابتاً في أسعار الفائدة سيجنب الأسواق عنصر المفاجأة، وقد يكون الأفضل للاقتصاد في نهاية المطاف. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: عندما أطلق رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي دورة تقييد السياسة النقدية في شهر حزيران يونيو الماضي، كانت الأسباب التي دعته إلى رفع أسعار الفائدة واضحة جداً، إذ كان الانتعاش على ما يبدو راسخاً ومعدل التضخم قد بدأ بالارتفاع، وكان اجمالي الناتج المحلي نما بمعدل 5.3 في المئة سنوياً على مدى ثلاثة أرباع من السنة، وحتى سوق العمل كانت دبّت فيها الحياة. ولكن تلك الأسباب لم تعد واضحة الآن. فقد ارتفعت أسعار النفط بنسبة 40 في المئة منذ أواخر العام الماضي، ولكن بقي التضخم تحت السيطرة. وبالفعل، انخفضت أسعار الجملة في شهر آب أغسطس الماضي وسط انخفاض متواصل في أسعار المواد الغذائية. وانخفض مؤشر أسعار المنتجين، وهو مؤشر يقيس كلفة السلع المنتجة قبل أن تنزل إلى الأسواق، بنسبة 0.1 في المئة الشهر الماضي، بعدما كان ارتفع بنسبة 0.1 في المئة في شهر تموز يوليو الماضي. وانخفض كذلك المؤشر الرئيسي للتضخم، الذي لا يتضمن المواد الغذائية والطاقة، بنسبة 0.1 في المئة، مسجلاً أول انخفاض في ذلك المؤشر منذ ستة شهور. وفي غضون ذلك، هدأت سوق العمل، ففي حين بلغ عدد الوظائف الجديدة في آب 144 الف وظيفة، وهو ضعف الرقم الهزيل الذي سجله شهر تموز بمقدار 73 الف وظيفة، إلا أنه كان أقل بكثير من المعدل الشهري المذهل البالغ 295 الف وظيفة الذي سجل في الربيع، ما أدى إلى تساؤل بعض مسؤولي مجلس الاحتياط ، وكذلك بالطبع العديد من خارج هذا المجلس، ما إذا كان هناك ما يبرر التوقف قبل المضي قدماً برفع جديد لأسعار الفائدة. ولكن يبدو أن غرينسبان قد عقد عزمه، ففي شهادته أمام الكونغرس في الثامن من شهر أيلول الجاري، لم يدع مجالاً للشك في استعداده للإشارة برفع جديد لأسعار الفائدة لدى انعقاد مجلس الاحتياط لاحقاً هذه الشهر. ويبني غرينسبان نظرته على أساس أن الأسعار سترتفع لاحقاً إذا أبقى مجلس الاحتياط على أسعار الفائدة منخفضة لمدة طويلة. وتعتبر كلفة العمالة هي العامل الأساسي الذي يقف وراء التضخم، وهي في ارتفاع. ويعتقد غرينسبان أيضاً أن الركود الأخير هو حال لن تطول وأن"التوسع الاقتصادي قد استعاد قوته". وذكر غرينسبان حتى الارتفاع الذي شهده شهر تموز في الإنفاق الاستهلاكي والإسكان، وكذلك استمرار الاستثمار القوي في قطاع الأعمال كعوامل تدعم رأيه. وبالإضافة لذلك، يبدو غرينسبان غير واثق ما إذا كانت وتيرة نمو الوظائف متثاقلة بحسب ما تشير إليه أرقام الرواتب الأخيرة. ولا بد من الإشارة إلى أن غرينسبان قد توقع، وكان محقاً في ذلك، أن الارتفاع في معدل التضخم الذي شهدناه في الربيع كان مؤقتاً. وحتى أسعار النفط انخفضت، على رغم أن غرينسبان قد سلّم في الثامن من أيلول بأن الرؤية المستقبلية غير أكيدة. والأهم من ذلك هو أنه لا يوجد ما يدل على أن أسعار النفط قد بدأت تتسرب إلى باقي الاقتصاد. ويبدو أن غرينسبان لا يحب أن يحيد عن مساره، وأنه يظن أن ارتفاعاً بطيئاً وثابتاً في أسعار الفائدة سيجنب الأسواق عنصر المفاجأة، وقد يكون الأفضل للاقتصاد في نهاية المطاف. وفي هذه الأثناء، انخفض العجز الأميركي في التجارة العالمية في السلع والخدمات بنسبة 8.9 في المئة في شهر تموز ليصل إلى 50.15 بليون دولار. وكان ذلك عقب فجوة في الميزان التجاري بلغت رقما قياسياً هو 55.02 بليون دولار في شهر حزيران يونيو الماضي. ويعتبر ردم بعض من هذه الفجوة مؤشراً مشجعاً، ولكن العجز في شهر تموز كان لا يزال ثاني أضخم عجز مسجل وثاني عجز يتجاوز 50 بليون دولار. ويعتقد العديد من المحللين أنه لا بد من تخفيض قيمة الدولار أكثر إذا كان للعجز الخارجي الأميركي المتفاقم أن يستقيم. وكلما طال تصحيح هذا العجز، كلما ازداد احتمال أن يكون الانخفاض في قيمة الدولار أكبر وأسرع، وبذلك تستفيد كل العملات الرئيسية الأخرى. أوروبا منطقة اليورو يبدو أن البنك المركزي الأوروبي بدأ يميل نحو رفع أسعار الفائدة، وذلك بعد مراجعته بالزيادة لتوقعات النمو بقدر أكثر بقليل من المتوقع. وحتى"الحمائم"السابقين في المجلس الحاكم للبنك المركزي الأوروبي تحدثوا عن الحاجة لأن يكون البنك"أكثر تأهباً"فيما يخص التضخم. ولا بد من أخذ هذا التغير في اللهجة بعين الاعتبار لأن البيانات الأخيرة كانت إيجابية أيضاً، وإلى جانب ذلك، فإنه ليس من المعروف عن البنك المركزي الأوروبي تغييره المتكرر لسياساته، وبالتالي من المحتمل أن يستمر اصطباغ الرسائل القادمة بصبغة تنحى نحو رفع أسعار الفائدة أيضاً، إلى أن يتم أخيراً رفع الفائدة. وبدأت أسواق التعاملات الآجلة بالتحرك على خلفية هذا التطور. وأفادت ألمانيا أن بياناتها الصناعية لشهر تموز كانت أفضل من المتوقع. وارتفع الناتج الصناعي بنسبة 1.6 في المئة ما بين شهري حزيران وتموز، أي ضعفي ما كان متوقعاً وأكبر ارتفاع منذ تسعة شهور. ويعتقد بعض المحللين أن هذه القفزة هي أكثر ما تكون تصحيحاً للهبوط الحاد الذي شهدناه الشهر الماضي، ولكنها، مع ذلك، تمثل ارتفاعاً قوياً. وارتفعت قيمة اليورو في الأسبوع الماضي، ما يعكس انخفاض الدولار مقابل معظم العملات الرئيسية. ولا يمكن استبعاد ارتفاع اليورو مجدداً في المدى القصير إلى المتوسط، مع ارتفاع الضغط باتجاه انخفاض العملة الأميركية. المملكة المتحدة أبقت سلسلة من البيانات الاقتصادية الضعيفة الضغط على الجنيه الإسترليني، اذ أعلن المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية ، وهو لجنة دراسة ومشورة، أن النمو الاقتصادي قد تباطأ في الشهور الثلاثة الأخيرة لغاية شهر آب الماضي، إذ نما اجمالي الناتج المحلي بنسبة 0.7 في المئة. وفي هذا الإطار فإن البيانات الرسمية تشير إلى نمو الاقتصاد بنسبة 0.9 في المئة في الربع الثاني ويمكن لهذا النمو أن تتم مراجعته بالزيادة بعد التعديل في الإنتاج الصناعي الذي شهدناه في الربع الثاني. ويشارك المعهد الوطني الرأي السائد بأنه على رغم تباطؤ النمو الاقتصادي فإن المزيد من رفع أسعار الفائدة المتواضع لا بد منه من أجل إبقاء معدلات التضخم ضمن المستويات المستهدفة. وكان بنك إنكلترا المركزي أبقى على سعر الفائدة الرئيسية سعر إعادة شراء الأوراق المالية عند مستوى 4.75 في المئة بعد اجتماع لجنة السياسة النقدية الشهري الذي دام لمدة يومين. وكان بنك إنكلترا المركزي رفع أسعار الفائدة بمقدار 0.25 في المئة خمس مرات منذ شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي. ويعتقد العديد من المحللين أنه باقتراب دورة التقييد في السياسة النقدية من نهايتها فإن الجنيه الإسترليني سيشعر بالضغط المتنامي عليه. اليابان بعد فترة ستة شهور من النمو الاقتصادي المحموم، بدأت اليابان تشهد مجموعة من البيانات الاقتصادية الضعيفة مقارنة بتوقعات الأسواق. وكان أكثر هذه البيانات صدمة للأسواق المراجعة بالنقصان لاجمالي للناتج المحلي الأسبوع الماضي. فبينما كانت الأسواق تتوقع أن يتم تعديل نمو اجمالي الناتج خلال الفترة من نيسان أبريل الى حزيران بالزيادة الى نحو مستوى ثلاثة في المئة مقارنة بالتقديرات السابقة عند 1.7 في المئة، تمت مراجعت نمو اجمالي الناتج بالنقصان ليصل فعلياً إلى مستوى 1.3 في المئة، وقد هز هذا الأمر المستثمرين وأسواق الصرف. وجاءت بيانات الناتج المحلي الضعيفة عقب الهبوط الحاد في مؤشر طلبات الآلات بنسبة 11.3 في المئة في تموز. وعلى رغم هذا الهبوط الحاد والواضح في النشاط الاقتصادي الياباني ما زال المسؤولون الحكوميون اليابانيون يقولون ان الانتعاش ما زال مستمراً وأن الطلبات على الآلات عادة ما تكون متقلبة، هذا بالإضافة إلى أن التصدير والإنتاج الصناعي ما زالا يرتفعان، وإن كان هذا الارتفاع بوتيرة أقل. فقد كانت قيمة الصادرات اليابانية في شهر تموز الماضي ثاني أعلى مستوى لها على الإطلاق مرتفعة بمعدل 14.8 في المئة ومستفيدة من المبيعات الكبيرة للمعدات العالية التقنية في آسيا. وكان المؤشر الاقتصادي الطليعي سجل مستوى 66.7 نقطة في شهر تموز متخطياً الحد عند 50 الفاصل بين الانتعاش والركود الاقتصادي، ومشيرًا إلى أن الاقتصاد الياباني سيستمر في النمو، إذ أن البيانات المؤلفة للمؤشر الطليعي تقارن ما بين المؤشرات الاقتصادية اليوم والمؤشرات الاقتصادية قبل ثلاثة شهور. وكانت مؤشرات ثقة المستهلك تحسنت في آب مقارنة بتموز، ما يشير إلى أن القطاع العائلي ما زال متفائلاً حول فرص نمو الاقتصاد على رغم الدلائل الأخيرة على التباطؤ. وإذا أخذنا بشكل كلي تقديرنا للأوضاع الاقتصادية يمكن أن نوافق مع نظرة المسؤولين اليابانيين على أن بعض التباطؤ لا بد منه خصوصاً بعد فترة من النمو السريع. ولهذا السبب بالإضافة إلى توقعات ضعف الدولار بشكل عام فالأرجح أن يتزايد الضغط على الدولار مقابل الين الياباني حتى نهاية السنة الجارية.