بعد أن كاد اليأس من وجود ممول يقضي على مشروع فيلم "القذافي" ظهر شخص على استعداد لتمويل انتاج الفيلم، وهو اميركي من أصل مصري يقيم في مصر حالياً حيث يعقد جلسات عمل مع الفنان محيي اسماعيل صاحب الفكرة، والذي سيؤدي دور الرئيس الليبي. ولأن المشروع قديم نوعاً ما وكثر الحديث عنه في فترة ما ثم نسيه الجميع حتى صاحبه، فإن البعض ظنوا انه مجرد كلام للاستهلاك. لكن مع ظهور الممول وامكان التنفيذ كان لا بد من ان نوجه بعض الاسئلة لصاحب الفكرة محيي اسماعيل لنعرف التطورات الاخيرة ومتى ستبصر الفكرة النور. هل جاء اختيارك لتقديم شخصية العقيد معمر القذافي لمجرد وجود تشابه في الملامح، ام لاهتمامك به كزعيم عربي له ملامحه الخاصة؟ - منذ سنوات كنت اشاهد التلفزيون مع مجموعة من أصدقائي، وإذ بالقذافي يظهر في احدى اللقطات فيعلّق أحدهم على الشبه بيني وبينه. من هنا تابعت كل خطبه وصوره وشرائط الفيديو المسجلة له، وبدأت افكر جدياً في تقديم شخصيته على الشاشة في عمل فني كبير. وعرف سعد الدين وهبة بالأمر، وعندما وُجهت له دعوة الى حضور أحد المؤتمرات التي سيحضرها القذافي في مدينة "سرت" الليبية وهي مسقط رأس الرئيس دعاني معه، وذهبت بالفعل آخذاً معي ملابس تشبه تلك التي يرتديها القذافي وشنطة الماكياج. وفي الفندق بدأت ارتداء الملابس الوطنية مع حذاء مرتفع حتى يعطيني طوله نفسه، وطلبت من بعض العاملين في الفندق ان يصطحبوني في نزولي الى البهو، حتى ابدو كأنني القذافي يحيط به جمع من الناس، وهو يتفقد المكان. وفعلاً عند خروجنا من المصعد كانت هناك جماعة من الجالسين الذين هبوا واقفين عندما شاهدوني ظناً منهم اني الزعيم الذي اعتاد تفقد بعض الاماكن بصورة فجائية. من هنا اطمأننت الى دقة الشبه وعرفت ان التجربة نجحت. بعدها طلبوا منا التوجه الى الطائرات التي ستقلنا الى مدينة "سرت" حيث يعقد المؤتمر الذي سيحضره القذافي، وفي الخيمة الكبيرة جلست في الصف الأول حتى أراه ويراني، وكنت شاركت في مسلسل "موسى بن نصير" الذي تم تصويره في اليونان، وكنت ألعب دور "رودريغو" امبراطور اسبانيا، وكان القذافي هو الذي مول العمل وكان يتابعه لكنه لم يكن يعرف اسمي، وبعد انتهاء خطبته اشار لي فقمت وصافحته وعانقته فقال لي بلهجته "جدافي". فقلت له نعم أريد أن أؤدي شخصيتك في فيلم كبير يحمل اسمك، فرد قائلاً: "باهي، على بركة الله". لكن عندما عدنا الى مصر توفي سعد الدين وهبة وكان هو همزة الوصل بيني وبين الرئيس القذافي، وبدأ كثيرون يعرضون عليّ تمويل العمل لكنهم كانوا غير جادين. وتعطل المشروع فترة حتى قابلت القذافي مرة ثانية منذ ثلاثة اعوام مع حمدي قنديل الذي سجل معه حلقات لأحد برامجه، وظهر القذافي في هذه الحلقات وهو يعلق على مشروع الفيلم ويؤكد أنه شاهدني ويعتقد اني مناسب لتأدية الدور، وبعد عودتنا الى مصر كان لا بد من التعامل مع السفارة الليبية باعتبارها الوسيط بيني وبين القذافي، لكن اتصالات كثيرة لم تفدني بسبب غياب الحماسة. إذاً اخترت شخصية القذافي لمجرد وجود تشابه بينكما؟ - نعم، لكني ايضاً أحب تجسيد الشخصيات التاريخية، ولي باع طويل فيها، إذ لعبت دور نابليون بونابرت وديليسبس ورودريغو ووجدت انه مع بعض الماكياج اصبح قريب الشبه جداً من القذافي، كما اني معجب به شخصياً، كونه رجلاً نذر نفسه من أجل شعبه كما انه اثار اميركا، وعندي كتاب للصحافي الاميركي وود ورد بعنوان "الحجاب" يتضمن 20 صفحة يتحدث فيها الرئيس الاميركي الاسبق رونالد ريغان عن الرئيس الليبي، وهو صاحب نظريات معينة ضمها في كتابه "الكتاب الاخضر"، قد نختلف او نتفق مع افكاره، لكن في النهاية هو رجل له بعد انساني وفكر خاص به، يكفي ان هناك 3 ملايين مصري يعيشون في ليبيا منذ عقود طويلة. وهل تتناول القصة مشوار حياة الرئيس الليبي من طفولته؟ أم انها محدودة بفترة معينة اعتباراً من مشواره السياسي؟ - القصة تبدأ منذ قيام ثورة الفاتح من أيلول سبتمبر، وتتناول المشوار السياسي للقذافي منذ توليه الحكم وحتى اليوم. ووضعت المعالجة السينمائية من خلال وثائق وخطب وكتب للقذافي نفسه وأتمنى أن يخرج الفيلم في مستوى فيلمي "غاندي" و"ستالين" وغيرهما من الافلام التي تتناول سير العظماء. هل وقع الاختيار على طاقم العمل، المخرج والممثلين مثلاً؟ - لا نزال في مرحلة الاتفاق ووضع الموازنات، واقترح المنتج ان نستعين بمخرج اميركي ورشح عدداً من الاسماء، لكن حتى الآن لم نستقر بعد، كما نتمنى أن يتم التصوير في ليبيا في الاماكن الطبيعية للأحداث وهذا يستدعي الحصول على موافقة السلطات هناك، لكننا بدأنا فعلاً في التحرك وهذه خطوة جيدة لأن وجود منتج جاد هو ما كان ينقص المشروع منذ البداية. لماذا لم تقدم أي اعمال جديدة منذ سنوات طويلة؟ هل كنت في انتظار فيلم القذافي؟ - منذ 4 سنوات لم اقدم اي عمل جديد، لكن ذلك لم يكن بسبب فيلم القذافي، إذ يمر كل فنان بمرحلة يبتعد فيها عن التمثيل من دون سبب واضح. ولو عُرض عليّ عمل أثارني لقبلت فوراً، هذا اضافة الى انني انسان كسول جداً، وطالما لي فن وتاريخ واسم وجمهور وقيمة، مهم جداً للآخرين ان يكسبوا من ورائي ويستثمروني وعليهم ان يسعوا الى ذلك، لكن في بلد مثل مصر من السهل جداً أن ينسى الناس اي فنان حتى لو كان عبقري عصره، لأننا مصابون بداء اللامبالاة والاستعلاء والاستخفاف بالجادين.