مع ان اللائحة التنظيمية التي اصدرتها وزارة الشؤون البلدية والقروية بشأن الانتخابات الجزئية للمجالس البلدية في المملكة، لم تنص صراحة على إبعاد المرأة عن ممارسة حقها في الترشيح او التصويت في الانتخابات المتوقع اجراؤها في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، الا ان ذلك اثار دهشة عدد من الناشطات السعوديات في مجال حقوق المرأة، لدرجة ان بعضهن قمن بالاتصال مع مستشارين قانونيين بهدف تفسير المادة الثالثة من اللائحة وذهبن يتبادلن التهاني عبر رسائل المحمول بعد ان علمن من المستشار القانوني ان كلمة "مواطن" في المادة الثالثة تعني الرجل والمرأة. ورغم تباين الآراء بين الرجال قبل النساء في موضوع حق المرأة في الترشيح والتصويت الا ان غالبية السعوديين لم تول الأمر اهتماماً يعكس حجم التجربة الانتخابية الاولى في بلادهم، وخصوصاً بين ابناء الطبقتين الوسطى والفقيرة الذين يرون ان الامر لا يعنيهم وان التجربة تحتاج لأن تأخذ مداها لكي تتضح الرؤية لجهة دور المرأة في الخوض في مجالس بلدية تعنى بالشأن اليومي للمواطن والمقيم. حاولت "الحياة" استطلاع آراء السعوديين والسعوديات في انتخابات المجالس البلدية، والتي لم تنص لائحتها التنفيذية صراحة على حق المرأة في الترشيح او التصويت، وهنا أبرز تلك الآراء: في الوقت الذي اختلف فيه القانونيون حول تفسير المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية لقانون الانتخابات البلدية وما إذا كانت المادة استبعدت المرأة من حق الترشيح والتصويت، ذهب آخرون إلى الجزم بأن اللائحة واضحة وان المرأة لن تشارك في الانتخابات. وقال عضو مجلس الشورى الدكتور إحسان بو حليقة إن الأمر "بات واضحاً بالنسبة للمرأة فهي كما يبدو لن تشارك في الانتخابات المقبلة"، مشيرا إلى احتمال ان يكون هناك دور للمرأة في الدورات المقبلة، مستشهداً بخطاب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز أمام مجلس الشورى السنة الماضية والذي أكد فيه توسيع دور المرأة في المجتمع وكذلك قرار مجلس الوزراء المتعلق بتمكين المرأة من سوق العمل. ويرى الدكتور بو حليقة أن لا مبرر لعدم مشاركة المرأة، وتساءل "هل من المعقول أن تكون المجالس البلدية لنصف المجتمع فقط؟". وفيما ترى سيدة الأعمال السعودية عالية باناجه أن عدم مشاركة المرأة في الدورات الأولى لن يمنعها من المشاركة في الدورات اللاحقة، يرى الدكتور عبد العزيز تركستاني أن المجتمع السعودي بدأ للتو في تفهم الثقافة الانتخابية ومصطلحات المجتمع المدني، وان هذه الأشياء تؤثر على دور المرأة في العملية الانتخابية في الدورات الاولى للمجالس البلدية، مشيراً إلى أن الدولة لم تغفل دور المرأة ومن المتوقع ان يكون لها دور بعد ان تتبلور العملية وتصل الى شكلها النهائي لجهة انتخاب كل الاعضاء. واعتبرت باناجه أن المرأة غير مؤهلة عملياً للدخول في العمل الانتخابي في مراحله الاولى، مشيرة إلى أن من الأفضل لها أن تشاهد تجربة الرجل بداية. إلى ذلك رأت الدكتورة سعاد، وهي أستاذة جامعية طلبت عدم ذكر اسمها كاملا، أن قرار إقصاء المرأة عن الانتخابات، إن ثبت، وقتي لا بد من تغييره في الدورات الانتخابية المقبلة بسبب تصاعد دور المرأة السعودية في المجتمع وتفاعلها مع قضاياه، وهو الرأي الذي اتفقت معها فيه زميلتها الدكتورة منيرة، حيث قالت: إقصاء المرأة له سلبيات وله كذلك ايجابيات، ومن سلبياته إلغاء نصف المجتمع، مشيرة إلى أن المرأة ترى ما لا يراه الرجل في مجال الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن والمقيم، لأنها الأكثر تعاملاً معها وهو ما يعني أن وجودها في مثل هذه المجالس سيكون أكثر فاعلية. أما ايجابيات استبعاد المرأة فترى الدكتورة منيرة انه عندما يتاح لها خوض الانتخابات في المراحل اللاحقة، وهو أمر لا بد منه، ستكون قد استفادت من تجارب المجالس الأولى. أما الطالبات فقد أجمعن على حق المرأة في الترشيح والتصويت، وترى الطالبة ليلى من كلية الآداب أن قرار إقصائها مجحف وان من حق المرأة في المرحلة الحالية أن تختار مرشحها في المجلس البلدي. كما ترى سارة من الكلية نفسها انه ليس من العدل منع المرأة من التصويت، مشيرة إلى أن من حقنا التصويت واختيار أعضاء المجالس البلدية لان العمل الذي سيقومون به مرتبط بحياتنا اليومية وبالتالي من حقنا المشاركة في اختياره. قانونياً يرى المحامي السعودي كاتب الشمري ان اللائحة التنظيمية لاول انتخابات بلدية في المملكة لم تقص المرأة مشيراً الى ان كلمة "مواطن" الواردة في اللائحة تعني الرجل والمرأة. وقال الشمري ان كل نظام لا بد له من مذكرة تفسيرية وتوقع ان تصدر وزارة الشؤون البلدية والقروية مذكرة تفسيرية في الايام القليلة المقبلة لتوضح فيها تفاصيل اللائحة وتضع من خلالها حداً للتكهنات واللغط الذي صاحب صدور اللائحة التنفيذية، وهو الامر الذي أكده مسؤول بارز في الوزارة طالباً عدم ذكر اسمه، حيث قال في اتصال مع "الحياة" ان وزارته "بصدد اصدار مذكرة تفصيلية توضح الجوانب الغامضة في اللائحة" لكنه رفض الاجابة نفياً او ايجاباً عن سؤال حول مشاركة المرأة في الانتخابات. ووصف المستشار القانوني السعودي ماجد قاروب اعلان اللائحة الانتخابية بأنها بداية "جيدة" وان على المواطن الاستفادة منها بالشكل الذي يؤدي الى تسريع تطويرها بهدف تفعيلها وصولاً الى الانتخابات الكاملة لجميع اعضاء المجلس ومن ثم توسيع الصلاحيات المناطة به. ولفت قاروب الى ان الشروط التي وضعت للمرشح والناخب راعت سيطرة الانتماء العشائري والقبلي في المجتمع. وعلى العكس من رأي المحامي الشمري يرى قاروب ان المادة الثالثة من النظام تعني الذكور دون الاناث، مشيراً الى ان مشاركة المرأة متوقفة على مدى اجادة المجتمع لممارسة نظام الانتخابات.