كانت حركة 23 تموز يوليو انقلاباً عسكرياً حقق لمصر وللأمة العربية أهدافاً ثورية وخطا في تحقيقها بدعم شعبي عريض. حقق لمصر هدف الإطاحة بنظام ملكي فاسد، وجلاء قوات احتلال أجنبية، وتوسيع قاعدة مِلكية الأرض، والتخلي عن دعوى السيادة المصرية على السودان غير الواقعية، ففتح الطريق لترتيب أوضاع السودان بإرادة أهله وتنظيم العلاقة الأزلية بين البلدين على أساس المصالح المشتركة. وحققت الثورة المصرية في ما بعد أهدافاً قومية عربية ثورية معززة الوعي القومي العربي ومعطية له بُعداً تحررياً من الاستعمار، وبُعداً عدالياً اجتماعياً، وبُعداً تنموياً، وبُعداً تعبوياً في مواجهة إسرائيل. ولكن ثورة 23 تموز وقعت في ثلاثة محاذير تسببت ضمن عوامل أخرى في ما بعد في الانكسار والانحسار والتردي الذي نشهده اليوم في العالم العربي. الأول: هو التعامل المعيب مع الملف الإسلامي. الثاني: التعامل الخاطئ مع الملف الديموقراطي. والثالث: التعامل الغافل مع الملف الدولي. عيب التعامل مع الملف الإسلامي هو التعامل الإقصائي المحكوم بالمقاييس الأمنية مما خلق استقطاباً حاداً وأقام جبهة مواجهة داخلية. وخطأ التعامل مع الملف الديموقراطي هو اعتبار النظام البائد في مصر التجسيد الوحيد للديموقراطية ومصادرة الحريات العامة لكي لا يعود مما أدى إلى إهدار حقوق الإنسان وإقامة نظام حكم شمولي قفل باب الاجتهاد السياسي وغيب الشعب عن إدارة دفة مصيره فبات المصير حكم الفرد. وغفلة التعامل مع الملف الدولي أوقعت الأمة في شباك الحرب الباردة بصورة مهما كانت مبرراتها فقد وظفها العدو لمصلحته. في ما يلي أبسط أطروحتي عن ثورة 23 تموز والمصير القومي العربي: 1- الوعي القومي العربي الحديث مر بثلاث مراحل. الأولى: كانت مرحلة استخلاص الهوية العربية من رحم الخلافة العثمانية وهي مرحلة انتماء قومي خال من أي عوامل أيديولوجية. ومهما حققت فقد أفسدت نتائجها الثقة في حلفاء الحرب الأطلسية الأولى "1914- 1918"، ثقة بددتها اتفاقية سايكس - بيكو الغادرة والتي أفرزت التجزئة، ثم وعد بلفور، فنكبة فلسطين. المرحلة الثانية: ارتبطت بثورة 23 تموز يوليو المصرية. هذه المرحلة شهدت جلاء القوات الأجنبية عن مصر وشمال أفريقيا، والتخلص من نظم متعفنة، وربط الوعي القومي العربي بأهداف أيديولوجية طموحة، وتنظيم المواجهة القومية ضد إسرائيل. ولكنها في الوقت نفسه شهدت تغييب الشعوب العربية عن المشاركة في بناء مصيرها، وهيمنت عليها قوانين الحرب الباردة وانتهت بكارثة حزيران يونيو 1967. المرحلة الثالثة: هي مرحلة الجزر القومي الذي بدأ بالتسويات الثنائية مع إسرائيل، ثم تمدد الغلو الإسلاموي، ثم حروب المغامرات العراقية والنتيجة تعاظم الهيمنة الدولية على المنطقة. 2- مرحلة المد القومي الحديث الأولى انتهت إلى التجزئة ونكبة فلسطين. والمرحلة الثانية انتهت إلى كارثة حرب الأيام الستة والتوسع الإسرائيلي الضخم. ومهما كانت إيجابيات المد القومي العربي الثوري بشقيه الناصري والبعثي فإن هذا المد رفع شعارات عنترية أكبر من قدراته وخلق زخماً معنوياً هائلاً لم تصحبه إنجازات تنموية أو استراتيجية مناسبة له. إنه رفع الآمال القومية لدرجة قصوى ولكنه لم يشبعها. وحتى التحالف مع الاتحاد السوفياتي فإنه وفر درجة من التوازن ووفر قدراً من الإمكانات العسكرية ولكن العلاقة معه كانت سطحية وتكتيكية لأغراض الحرب الباردة. وكان نفعها للطرف الإسرائيلي عظيماً في تعميق علاقته بالولاياتالمتحدة مما دعم تفوقه الاستراتيجي. 3- كان لهذا الظرف أثر سالب آخر وهو أن الرئيس المصري محمد أنور السادات الذي خلف الرئيس جمال عبد الناصر شعر بأن التحالف مع الاتحاد السوفياتي استفاد منه الطرف الإسرائيلي فقرر مراجعته بصورة فردية وفوقية عارية من المشاركة الشعبية كما هو شأن النظم الشمولية. فكانت المراجعة مهرولة يحكمها تحليل اقرب إلى التمني منه إلى النهج العلمي، إذ قرر أن يجعل أميركا الحليف الاستراتيجي لإسرائيل حَكَماً في القضية. الولاياتالمتحدة رحبت بدور الخصم والحكم هذا وواصلته بصورة أقرب ما تكون للمطالب الإسرائيلية. إن بين هزيمة 1967 والانكسار القومي الذي أدى إلى التسويات الثنائية نسباً قوياً. صحيح كانت حرب تشرين الأول أكتوبر 1973 حدثاً مفارقاً لحلقات الانكسار وكان يمكن لما أكدته من عافية عسكرية أن يغير المعادلة لمصلحة الحق العربي إذا صحبه اجتهاد سياسي مستمد من عطاء شعبي حر. ولكن في غياب العطاء صحبت الإيجابية العسكرية سلبيات في التعاطي السياسي ضيعت الإنجاز العسكري. 4- تأرجح تعامل الثورة المصرية مع الملف الإسلامي ولكنه انتهى إلى مواجهة استئصالية شاملة، مواجهة لم تفلح في اقتلاع جذوره ولكنها أفلحت في تحقيق النتائج الآتية: - تحول الفكر الإخواني الإسلامي على يد مجموعة من الغلاة إلى فكر راديكالي أفرز حركات عنف بأسماء مختلفة مثل "الجماعة الإسلامية" وجماعة "الجهاد". هؤلاء أطلقوا موجات من العنف السياسي باسم الإسلام وواجهتهم إجراءات قمعية بلا حدود. ونتيجة لذلك نقلت جماعة الجهاد نشاطها إلى خارج مصر حيث عقدت مع تيارات مماثلة تحالفاً تحت قيادة أسامة بن لادن لمحاربة اليهود والنصارى في العالم واتخذوا من أفغانستان الطالبانية مركزاً لهم. - انتشر عدد كبير من قادة "الإخوان" ومفكريهم وعلمائهم في أركان العالم الإسلامي الأربعة وكان لهم فيها أثر كبير لا سيما في الشمال الأفريقي والخليج وصار أثرهم في الرأي العام الإسلامي كبيراً. - انكسار الدول الثورية القومية العربية وانحسار المد القومي العربي وتزايد العدوان الإسرائيلي حرَّكا الأوساط الشعبية الإسلامية فانطلقت تقاوم الاحتلال وتقود حركات التحرير في جنوبلبنان وفي فلسطين. حركات التحرير الإسلامية الشعبية هي الآن محط آمال التحرير في الشارع العربي. 5- انتصار الثورة الإسلامية في إيران في عام 1979 رفع معنويات الحركات الإسلامية في كل مكان ولكنه في الوقت نفسه أثار مخاوف الأوساط السنية في منطقة الخليج. مخاوف وظفها النظام العراقي لتبرير حماقاته التي أشعلت حربين هما حرب الخليج الأولى "1980- 1989" والثانية "1990 - 1991". مغامرات النظام العراقي الحربية حققت نقيض مقاصدها وأجهزت على النظام القومي العربي. أهم العوامل التي قوضت النظام القومي العربي الحديث ثلاثة هي: - حرب الأيام الستة وما تبعها من تسويات الانكسار. - مغامرات النظام العراقي بقيادة صدام حسين الحربية. - انهيار الاتحاد السوفياتي الثقل الموازن في المحيط الدولي والحليف للمد العربي القومي الثوري. 6- منذ شباط فبراير 1998 أعلن تنظيم "القاعدة" حرباً شاملة ضد اليهود والنصارى لا سيما الولاياتالمتحدة وأفتى أن قتل الأميركان جنوداً ومدنيين رجالاً ونساء فرض عين على المسلمين في كل مكان. هذه الحرب كان لها مظاهرها وبلغت قمتها في أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن. أذهلت تلك الأحداث الولاياتالمتحدة وأغضبتها وأخافتها بصورة غير مسبوقة ومنحت صقور البيت الأبيض وحلفاءهم في اليمين الإسرائيلي فرصة ذهبية لإعلان حرب كونية مضادة للإرهاب ولحركات التحرير. ولكي لا نخطئ التحليل. اليمين الغربي ليس ضد الإسلام. لكن ضد المقاومة لإرادته في العالم وما دامت تلك المقاومة ترفع شعارات إسلامية فإنهم يستهدفونها هي وشعاراتها. ومثلما استفادت إسرائيل من عنتريات المد القومي الثوري العربي وعقدت تحالفاً مضاداً مع الولاياتالمتحدة، فإنها استفادت من الغضبة الأميركية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر لتبرم تحالفاً ضد الإرهاب المعرف تعريفاً واسعاً يشمل العنف العشوائي كما يشمل حركات التحرير. أدت هذه الحرب إلى إسقاط نظام طالبان في أفغانستان، وإلى إسقاط نظام صدام حسين في العراق، وإلى إطلاق يد إسرائيل في فلسطينالمحتلة بصورة غير مسبوقة. وتحولت هذه الساحات إلى مواجهات دموية عنيفة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل من جانب وحركات التحرير من الجانب الآخر. ومواجهات بين حركات إرهابية وبين السلطات الأميركية والأوروبية والعربية من ناحية أخرى. العالم العربي اليوم يشهد الظواهر الآتية: - انتعاش قيادات الانتماء الموروث الإثني والطائفي. - انتعاش تيارات الولاء القطري مثل فكرة مصر الأم في مصر. - مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يفترض أفول التطلع القومي العربي وتطلع خلطة جيوسياسية مشتركة للمنطقة العربية، وإسرائيل، وإيران، وتركيا، وأفغانستان، وباكستان. - فكرة الاتحاد الأفريقي واستيعاب عرب أفريقيا في قارتهم والتخلي عن مصير مشترك مع عرب آسيا. إن المد الثوري العربي الحديث اتخذ سياسات تفوق قدراته وصادف ظروفاً دولية أدت في النهاية إلى انهيار الدور العربي في المنطقة: من لم يقف عند انتهاء قدره تقاصرت عليه طويلات الخطى! إن مصير المنطقة اليوم يعاد تشكيله في غياب تام للدور القومي العربي. فهل ماتت العروبة؟ 7- العروبة لم تمت. لكن الذي مات هو الرؤى الأيديولوجية الحديثة التي عبرت في مرحلة تاريخية معينة عن القومية العربية. رؤى أثارت آمالاً عجزت عن تحقيقها وخلقت ضدها تحالفاً أميركياً إسرائيلياً تشابك عضوياً حتى يمكن أن يسمى "أميركيل" لا قبل لها بمواجهته. هذا التحالف يستمد من مقومات أخرى هي أن عدداً كبيراً من اليهود في أميركا يؤيدون إسرائيل ومع أن عددهم لا يتجاوز 2 في المئة من سكان أميركا إلا أنهم يحتلون مواقع مفتاحية في المجتمع الأميركي وبنسب عالية في الاقتصاد، وفي الإعلام، وفي المجال الأكاديمي. العروبة حقيقة لغوية وثقافية وتاريخية وجغرافية لكنها ليست وحدة إثنية. بل تمثل خليطاً إثنياً يرمز له أن إسماعيل جد العرب المستعربة عبري وأمه هاجر مصرية. المعنى الحقيقي للعروبة أوجزه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "ليست العربية لأحدكم بأم ولا أب من تكلم العربية فهو عربي". 8- في هذا العشر الأول من القرن الحادي والعشرين الميلادي صار العالم العربي جبهة مهمة من جبهات المواجهة بين غلاة المسلمين والغزاة الأميركيين وحلفائهم. وهي مواجهة ليس للمكون القومي العربي دور فيها. وفي الأراضي الفلسطينيةالمحتلة صدام حاد بين إسرائيل وحركات المقاومة الفلسطينية لا سيما "حماس" و"الجهاد" وليس للمكون القومي العربي إلا أقل دور في هذه المواجهة. هذا الوصف ينطبق على الحال في العراق والصومال. أما في السودان فإن النظام الذي استولى على السلطة من طريق الانقلاب العسكري في حزيران 1989 أدرك استحالة تحقيق الانتصار على "الجيش الشعبي لتحرير السودان" بالقوة كما قدر في البداية فلجأ إلى وساطات إقليمية ودولية خارجية آخرها وأنجحها وساطة "الإيقاد" التي عملت في العشر سنوات ما بين 1994-2004. في العام 1999 تدخل عامل عربي للتوسط من طريق المبادرة المشتركة المصرية - الليبية ولكنها سرعان ما انحسرت بعد عامين من عمرها. وفي العام 2001 دخل على وساطة "الإيقاد" رافع أميركي دفع بها نحو التقدم العملي. الحقيقة أن الشأن السوداني كله من حيث الإغاثات الإنسانية ودراسات السلام والتوسط والتحكيم صار من اختصاص الأسرة الدولية الغربية وما استعانت بهم من دول أفريقية مجاورة للسودان. والحالة السودانية برهان آخر على انحسار الدور القومي العربي إلى ما يقرب من الصفر. وفي المقابل انطلقت توجهات ذات أثر كبير تفترض إلغاء الدور القومي العربي مثل مشروع الشرق الأوسط الكبير، ومشروع الاتحاد الأفريقي، ومشروعات الولاء القطري. ويبدو واضحاً الآن أن الدور الدولي الأهم في صوغ مستقبل الشرق الأوسط هو للولايات المتحدة في المقام الأول ثم للاتحاد الأوروبي. أما الدول الإقليمية المؤثرة في مصير العالم العربي فهي إسرائيل وإيران وتركيا في آسيا، وجنوب أفريقيا ونيجيريا في أفريقيا. 9- الانتماء القومي العربي حقيقة لا يمكن إلغاؤها. ولكنها للأسباب التي عددناها حقيقة ستبقى حبيسة الإخفاقات التي أحاطت بها وحبيسة في حدود أمانٍ شكلية تعبر عنها الجامعة العربية، وتعابير عاطفية، وانتماءات ثقافية بلا تأثير استراتيجي على الدول العربية ولا على المنطقة المحيطة بها في آسيا وأفريقيا وأوروبا. يمكن للوعي القومي العربي أن يقوم بدور تاريخي إذا استطاع أن يتعامل تعاملاً إيجابياً ناجحاً مع خمسة ملفات: أولاً: الملف الإسلامي. لا يمكن للانتماء القومي العربي أن يلغي الدور الإسلامي كما لا يمكن للأخير أن يلغي الدور القومي العربي. المطلوب هو تكامل حكيم بين الانتماءين. ثانياً: الملف الديموقراطي. لا يرجى أن يتحقق تعامل سوي مع ثنائية الرسمي والشعبي في البلدان العربية إلا عبر النظام الديموقراطي، ولا يرجى أن يكون للدول العربية وزن دولي ما لم تحقق شرعية ديموقراطية، ولا يمكن أن تقوم علاقات تكاملية أو وحدوية حقيقية بين الدول العربية إلا بموجب قيام دولة مركزية عربية تفرض الوحدة أو التكامل على الدول الأخرى وهذا مستحيل في النظام الدولي الحالي. أو بموجب تنازل متبادل من مقادير من السيادة الوطنية لتحقيق التكامل أو الوحدة على النمط الأوروبي وهذا لا يمكن تحقيقه إلا إذا كانت الدول المعنية دولاً ديموقراطية لأن الدول الأوتوقراطية والشمولية لا تقبل فكرة التنازل عن السلطة. إن الطغاة لا يفوضون سلطات حقيقية حتى لمجالس وزرائهم فضلاً عن تفويضها لمنابر تكاملية أو وحدوية. وكل ما يقولونه في هذا المجال لا يتعدى الالتزامات القولية. ثالثاً: الملف التنموي. ويتطلب التزاماً جاداً من دول صاحبة قرار ديموقراطي بالتكامل التنموي وما يرجى أن يحقق من مصالح مشتركة. رابعاً: الملف الإسرائيلي. الدول العربية وعلى الصعيد الرسمي غير مؤهلة في المجال الزمني المنظور لإبرام اتفاق سلام شامل مع إسرائيل. على هذه الدول أن تحدد شروط السلام العادل وتصمد مدركة أن ثلاثة عوامل سوف ترجح الموقف الاستراتيجي ضد إسرائيل هي: العامل الأول: حركات التحرير الشعبية إذا واصلت نضالها من دون انقطاع. العامل الثاني: العامل الدولي الذي يرجى أن ينحاز ضد العدوان الإسرائيلي. العامل الثالث: إن وصف إسرائيل بالعصابات خطأ جسيم فإن لإسرائيل عمقاً تاريخياً أسعف أهلها بالصمود النادر في تاريخ الإنسانية. بل يجب أن نعترف بأن لهم تفوقاً نوعياً مكنهم من الاستيلاء على مفاتيح كثير من البلدان. كان هذا حالهم في ألمانيا مما جلب عليهم النقمة النازية. وهو حالهم اليوم في الولاياتالمتحدة. النجاح المفضي للاستعلاء هو العلة التي سببت إخفاقات الإسرائيليين في التاريخ. وهو العلة التي سوف تمثل نقطة الضعف - قدم أخيل - لإسرائيل المعاصرة. حقيقة تنبه لها مفكر يهودي عبقري هو ازيا برلين الذي قال: "إن إسرائيل سوف تندفع منتصرة نحو الهاوية". وقديماً جاء في الحديث القدسي: "الكبرياء لي وحدي من شاركني فيه قصمته". خامساً: الملف الإقليمي. إن للوجود القومي العربي مصالح إقليمية خاصة مع ثلاثة مجالات: أفريقيا وآسيا وأوروبا. مصالح توجب قيام أطر محددة تحقق مصالح مشتركة معها. سادساً: الملف الدولي. وهو ملف يتعلق بالعلاقات مع الولاياتالمتحدة وحلفائها لا سيما اليابان والصين والهند. علاقات ينبغي أن تقوم على السلام والتعاون للمصلحة المشتركة بلا عداء ولا تبعية. إن الذي أجهض المشروع القومي العربي الحديث في المرحلة الأولى المصاحبة للحرب الأطلسية الأولى "1914- 1918" هو التحالف الذي غدر به الحلفاء فحققوا أهدافهم وقوضوا الأهداف القومية العربية. والذي جعل المشروع القومي النهضوي العربي الثاني يخفق بل ويحقق نتائج منافية لمقاصده هو الزيف الأيديولوجي وظروف النزاع مع إسرائيل في مناخ الحرب الباردة والتحالفات غير المتكافئة في ظلها. ولكن إخفاق هذين المشروعين لا ينفي الحقيقة القومية العربية فإذا استطاع الوعي القومي العربي أن يخط مشروعاً قومياً نهضوياً تتوافر فيه مخاطبة مستنيرة للنقاط الست المذكورة فإن القومية العربية سوف تكتب لنفسها دوراً فاعلاً في ظروف القرن الواحد والعشرين الميلادي. * إمام طائفة الأنصار المنتخب، كانون الأول ديسمبر 2002. رئيس حزب الأمة القومي المنتخب، نيسان ابريل 2003. رئيس وزراء السودان المنتخب، نيسان 1986.