نال الشاعر التشيلي غونزالو روخاس - 86 عاماً - جائزة أدب اللغة الاسبانية ميغيل دي ثرفانتس، التي رشحه اليها المجمع اللغوي التشيلي، لأنه شاعر كبير، يمثل التعبير العظيم للغنائية المرتبطة بالذاكرة والطفولة، بالأسرة ومناجم الجنوب. تعتبر هذه الجائزة التي تمنحها وزارة الثقافة والتعليم مناوبة بين كاتب اسباني وآخر من أميركا اللاتينية - تبلغ قيمتها تسعين ألف يورو - ونالها كتاب كبار من اسبانيا مثل ميغيل دليبيس، وخوزيه خيمينز لوثانو، والفيلسوفة المتأثرة بابن عربي ماريا ثامبرانو، والبيروفي فارغاس يوسا، والمكسيكي اوكتافيو باز. وعن الأسباب التي دعت لمنحه الجائزة، قال فيكتور غارثيا دي لاكونتشا، ان روخاس شاعر في غاية الأهمية، يحدد تقليد الحداثة، وهو يبقى نموذجاً واستاذاً لكتاب أميركا اللاتينية، الذين حرضهم على التجديد، وبالتالي هو يبدع عالماً ذاتياً خاصاً، ويرى ان الكلمة الشعرية هي الوحيدة القادرة على البحث عن أجوبة لمشكلة المعرفة الانسانية. تسلم روخاس الجائزة، وبحسب التقليد الرسمي من الملك دون خوان كارولوس في المدرج الكبير لجامعة الكالا دي هيناريس - أي قلعة نهر هيناريس - مسقط رأس ثرفانتس. وقال العاهل الاسباني في الخطاب الذي ألقاه في هذه المناسبة، ان الشاعر التشيلي، مثل كاتب "الكيخوتي" رجل ذو موهبة، شجاع ومرح، يساعدنا انتاجه على أن نواجه بحزم المواقف الأكثر صعوبة، ويعبر لنا عن حب الحياة. حياته وانتاجه ولد غونزالو روخاس عام 1917 في ليبو، وكان أبوه عامل في المناجم، وتوفي باكراً عندما كان الشاعر في الرابعة من عمره، فتحملت أمه مسؤولية تربية ثمانية أطفال. وتركت الطفولة أثراً عميقاً في حياته وشعره، وصرح قبل نيله الجائزة: "انني ما زلت هذا الطفل الذي يعجبه البحر، وتعجبه الحجارة، وما زال يحتفظ بمهر أسود، أهداه له أبوه. انني أحب الأحصنة كثيراً، وأذكرها في شعري". لم يكمل روخاس دراسة الحقوق، وتحول عن هذه المادة، وفضل عليها علم التربية، وصار بالتالي استاذاً في جامعة سانتياغو دي تشيلي، وكاراكاس، اضافة الى نظمه الشعر: هو انتمى بداية الى مجموعة موندارغورا السوريالية التوجه، ولم يلبث ان ابتعد عنها، قبل أن ينشر ديوانه الأول "بوس الانسان" عام 1948، وتلاه "ضد الموت" عام 1964. في السبعينات، ارتبط اسمه بقوة بالرئيس سلفادور ايندي، الذي كان صديقه وصديقاً لبابلو نيرودا، وقد عين الشاعرين في مناصب ديبلوماسية، وسمى غونزالو روخاس مستشاراً ثقافياً في الصين وكوبا: خسر الشاعر منصبه بعد الانقلاب العسكري عام 1973، وعاش طريداً في عواصم أخرى، وتنقل بين ألمانياالشرقية وفنزويلا حيث درس في جامعة سيمون بوليفار، قبل أن يعود الى وطنه عام 1979، حيث عاود الكتابة وأصدر ما بين هذا التاريخ وعام 1995، اثني عشر ديواناً، نذكر منها: "خلف الأرض"، "المولود"، "كاتب فارغ"، "مادة شهادة" و"نهر عكر". وستصدر أعماله الشعرية الكاملة في اسبانيا، في ديوان ضخم سماه "تحول". ليس هناك وجود للمشكلات الاجتماعية في شعر روخاس، وهو يسجل في قصائده أحداثاً من الذاكرة ويعبر عن عذاب المنفى، ويتميز شعره بكثافة درامية، وهو مشحون بقوة وجودية، غرامية وحاسية، ويشتهر روخاس بتوقيعه لقصائد الحب والتأمل الفلسفي العميق، حيث نجد غالباً المواجهة بين الحياة والموت، وهو يحاول أن يفك رموز هذا العالم، وكان من رواد هذا الشعر في أميركا اللاتينية تفجرت قصائده مثل عواطف فوق أرض جافة، وساهمت في تقوية تيار التجديد في القارة.