لم يُبالغ محافظ القاهرة الجديد عبدالعظيم وزير عندما قال، عقب تولّيه المنصب الاسبوع الماضي: "إن رغيف الخبز سيكون في مقدم أولوياتي". وعلى رغم مشاكل العاصمة الخطيرة والمتفاقمة والمتعاقبة بات رغيف الخبز هو الأهم خصوصاً في العامين الماضيين بعد تزايد مشكلة الطوابير أمام المخابز وتحديد حد أقصى للمواطن لشراء الرغيف البلدي الذي يساوي خمسة قروش واعطاء مرونة أكبر لرغيف العشرة قروش وانهاء السقف بعد ذلك ما يعني اعطاء الحرية في شراء أي كمية طالما لم يكن سعر الرغيف ضمن الفئتين السابقتين. ومشكلة الخبز في العاصمة المصرية شغلت بال رئيس الدولة نفسه وعقد اجتماعات عدة في فترة الحكومة السابقة تمحورت على حل تلك المشكلة لكن المشكلة بقيت من دون حل حتى الآن بالصورة المُرضية. وبقيت الطوابير كما هي وتردت جودة الرغيف وزادت ظاهرة رغيف الرصيف في كل شارع بعدما كانت قاصرة على أحياء بعينها والمواطن يئن من مشقة العثور على ما يسمى "رغيف المواطن". وأشار أحمد صالح، صاحب مخبز في وسط العاصمة، الى هدوء الأزمة نسبياً بسبب الاجازة الصيفية، جعل الأسر تُقلل الى حد ما الاعتماد بصورة أساسية على الرغيف المدعوم "البلدي - الفينو" حتى لو كانت هناك شكوى لم تجد آذاناً صاغية فأصحاب بعض المخابز يشكون من قلة ما يُورد اليهم من دقيق، فيما يبيع آخرون حصة الدقيق المخصصة لهم وبين الاتجاهين يئن المواطن من غلاء الرغيف المحسن واختفاء الرغيف المدعم وإن وُجد فقد "سُخط". وقال فاروق يوسف، صاحب "سوبر ماركت" في ضاحية الدقي: "لم تزد أسعار رغيف الخبز البلدي الذي يرد الينا لبيعه على أنه سياحي 20 قرشاً للرغيف لكن قلّ حجم الرغيف و"انسخط" الى النصف تقريباً وبالتالي قل الاقبال من الغالبية لكن هناك زبون مستمر في الشراء لسببين: الأول تعوده على شراء مثل هذه النوعية والثاني ارتفاع الدخل نسبياً عن مواطن آخر". وأشار الى ان كل المنتجات المُعلبة، أو التي توضع في كيس مغلق، متوافرة جداً وبجودة عالية لكن قلّ حجم العبوة خصوصاً أنواع السالمون والفول المستورد والزبادي والجبن والمعكرونة والرز حتى علب الكبريت ما أدى الى إحجام نسبي من الزبون على شرائها والبحث عن البديل الذي وجده في المنتجات السائبة الحرة في الوزن التي تُباع حسب الطلب عليها، لكن تلك المنتجات دخلت في صُنعها مواد غير صحية وكم من المحال ضبطت لبيعها منتج غذائي غير مؤرخ، بالنسبة للصلاحية والاستعمال اضافة الى تعرضها لمناخ غير صحي من ناحية التبريد والتجفيف. وأضاف يوسف: "ينطبق الأمر نفسه على رغيف الخبز فغالبية المحال الكبيرة يوّرد اليها الرغيف المحسَّن والمغلف وتستمر صلاحيته ثلاثة أيام فقط يمكن بيعه في اليوم الثالث بنصف الثمن أو أقل نظراً لأن بقاءه يضيف ما يسمى بمشاركة الخسارة بين المورد والمستورد والمشترى". مشاكل العاصمة معقدة لكن فؤاد مصيلحي، مهندس انشاءات، رأى أن تركيز المحافظ الجديد على مشكلة رغيف الخبز أو وضعها في أولوياته أمر مخالف للواقع لأن مشاكل العاصمة معقدة جداً وفي حاجة الى قرارات حاسمة لا تطمينات فهناك ضعف المياه المستمر في مناطق وانقطاعها في مناطق أخرى. و"امبراطورية التاكسي" والميني باص واستغلالها الشوارع بسلبية شديدة وازدحام المواصلات وخروج بعض المواطنين عن السلوك العام وعشوائية القرارات الصادرة عن رؤساء الاحياء وتباطؤ بعضهم في حل مشاكل الحي التابع له اضافة الى زيادة جرعة الفساد بين المحليات ما يؤثر في الوضع العام للعاصمة ويلبسها رداء لا يلائم تاريخها وعراقتها... الاهتمام فقط برغيف الخبز سيصرف النظر عن المشاكل الاخرى في العاصمة المصرية التي يعيش فيها 17 مليون مواطن.